حذرت اختصاصية العناية في قدم السكري، من ارتفاع «كبير» في عمليات البتر الجزئي أو الكلي للأقدام، لافتة إلى أن الدراسات الأخيرة «سجلت 50 حالة بتر قدم تتم يومياً في المملكة»، معتبرة الرقم يشكل «ظاهرة مرعبة، تحتاج الوقوف عندها». وقالت اختصاصية العناية في قدم السكري جزوى العتيبي: «إن المملكة تعاني من ارتفاع كبير في عدد المصابين بمرض السكري، الذي يُعتبر من الأمراض الخطرة»، محذرة من «الجهل المخيف بكيفية الاعتناء في القدمين، ما يسبب بتراً في الأطراف». وأوضحت العتيبي، في تصريح خاص إلى «الحياة»، أن «العالم كله يعاني من ضعف الوعي في تقنية العناية في القدم، الذي يبدأ من اختيار نوع الحذاء، خصوصاً مرضى السكري، الذين يفضلون الأحذية المفتوحة، ما يجعلهم عرضة للخطر، لأنهم في الغالب يعانون من ضعف في الأعصاب، فلا يشعرون بما يحدث في أقدامهم من أضرار، ناهيك عن المشي من دون ارتداء حذاء». وأشارت إلى أن هناك من يشتري «حذاء أكبر من قياس قدميه، بحجة إراحتهما. وهذا أمر خاطئ، إذ إن المريض لا يشعر بالاحتكاك، الذي يحدث تقرحات ومشاكل، يكتشفها فيما بعد»، لافتة إلى أنه «لا يوجد محال متخصصة في بيع الأحذية التي تناسب مرضى السكر، أو أحذية طبية متخصصة لمن يعانون آلاماً في القدم، أو تعرضوا لظاهرة التسلطح المعروفة طبياً، وهي افتراش باطن القدم، أو المصابين بالتشققات، وإن وجدت؛ فأسعار الأحذية فيها مرتفعة جداً. ولن تكون في متناول يد الكثيرين». ويخضع الكثير من المرضى لجلسات توعية «مُكثفة»، يقوم بها قسم تثقيف السكري. وذكرت العتيبي، أنه «بمجرد تلقيهم التعليمات؛ هناك من يتجاهلها. وآخرون يعملون بها، لكن بشكل بسيط. وهذا أمر مخيب للآمال»، متسائلة: «ماذا لو قامت جمعية السكري، أو أي جهة أخرى بتزويد المستشفيات بالأحذية المناسبة لمرضى السكري، بأسعار مُخفضة لذوي الدخل المحدود. وهو مشروع لو تحقق؛ لحل كثير من الأزمات، وخفف من نسب بتر الأطراف، أو الأقدام عن النسبة المرعبة التي وصلنا إليها». ونفت أن تكون «الغرغرينا» التي تصيب الأقدام «مُعدية كما يظن البعض»، مؤكدة أن هذا «غير صحيح على الإطلاق، فكثيرون يحاولون عدم الاقتراب من المصابين بها، خوفاً من أن تنتقل إليهم»، موضحة أن الغرغرينا تنتج عن «انسداد، أو تعطل أحد الشرايين، ما يمنع وصول الدم إلى ذلك العضو، فتبدأ الغرغرينا في الظهور». وكشفت اختصاصية عناية في قدم السكري، أن الرجال هم «أكثر إصابة بأمراض القدم من النساء». وحذرت بشدة من «الاقتراب من أي مصدر تدفئة في الشتاء بالتحديد، فالاقتراب من الحرارة العالية، يمكن أن يسبب احتراق للقدم، من دون أن يشعر مريض السكري بذلك». وقالت: «جاءت إلى العيادة حالات مماثلة، فبعضهم لصقت الجوارب في القدم، نتيجة الحرارة المرتفعة، خلال التدفئة. وأكد المريض أنه لم يشعر بأي حرارة، إلا بعد فترة طويلة»، مؤكدة على أهمية «الابتعاد عن مصدر التدفئة، لمسافة تتجاوز 3 أمتار». وتحرص الأمهات على شراء الأحذية اللينة لأطفالهن. واعتبرت هذا التصرف «خاطئ»، مشيرة إلى أنهن يسعين إلى «تسهيل دخول القدم بصورة سلسة في المقدمة، متناسيات أهمية أن يكون سطح الحذاء خشناً، ليتحمل وزن الجسم، ولا يسبب أي مضاعفات مستقبلية»، مضيفة «تحرص النساء على ارتداء الكعب العالي، والحذاء الضيق جداً من الأمام، ليتماشى مع الأناقة. لكن ذلك يسبب ضغطاً كبيراً على الأصابع. كما يسبب بروزاً عظمياً جانبياً، وآلاماً مزمنة، خصوصاً مع المشي لمسافات طويلة». وانتقدت العتيبي، الدور الإعلامي في التوعية بأضرار القدم، مشيرة إلى أن الجانب الإعلامي «مقصر جداً، ففي السابق كان هناك برنامج توعوي طبي خليجي هو «سلامتك». ولكننا نفتقده الآن. ونفتقد الرسائل التي كان يقدمها. ونحن بحاجة إلى برامج على غراره، خصوصاً مع انتشار الأمراض المزمنة حالياً، ومنها السكري، الذي بات شبحاً مخيفاً يهدد حياة الكثيرين». وتوقعت تقارير طبية حديثة أصدرتها منظمة الصحة العالمية، نمو أعداد مرضى السكري في المملكة، بواقع 283 في المئة، بحلول العام 2030، عازية ذلك إلى أسباب عدة، من أبرزها «تغير نمط الحياة ونوع الغذاء، وارتفاع مستوى السمنة». وتسجل المملكة ثاني أعلى معدلات الإصابة بمرض السكري في الخليج، بعد الإمارات العربية المتحدة. ولفت استشاريون وباحثون في هذا المجال، إلى أنه «من المستحيل أن يخلو منزل مستقبلاً من مرضى السكري، بل من النادر أن لا تجد أحداً بعيداً عن الإصابة به، نتيجة لعوامل عدة». كما أطلقت الجمعية السعودية للسكر والغدد الصماء، استبياناً من طريق موقعها الإلكتروني، سألت فيه عن: «هل تتمتع بنظام حياة صحي؟»، وكانت نتيجة استفتاء 92 شخصاً، أكد 25 في المئة منهم على تمتعهم بنظام صحي «مناسب». بينما نفى 34 في المئة ذلك. وأجاب 40 في المئة ب «أحياناً». ما يشير إلى «خطورة الوضع الراهن، الذي تنقصه التوعية»، بحسب الدراسات والأبحاث الطبية.