أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ليل الأربعاء - الخميس، قرارات رئاسية هدفت الى توحيد الجيش وإعادة هيكلته وفقاً لاقتراحات اللجنة العسكرية والفرق الفنية الخاصة التي شارك فيها خبراء أميركيون وأوروبيون وأردنيون، وقضت بإعادة هيكلة القوات المسلحة اليمنية بدءاً من السلطة القيادية وجهاز الإدارة السياسية العسكرية، وانتهاء بتشكيلها في خمسة مكونات رئيسية هي: القوات البرية والقوات البحرية والدفاع الساحلي والقوات الجوية والدفاع الجوي وقوات حرس الحدود والاحتياط الاستراتيجي. وألغت القرارات الرئاسية قوات «الحرس الجمهوري» التي كانت بقيادة نجل الرئيس السابق العميد أحمد علي عبدالله صالح، والفرقة الأولى المدرعة التي يقودها اللواء علي محسن صالح الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، ونصت ايضاً على ضم عدد من ألوية الجيش القوية إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة والحرس الرئاسي وفي مقدمها تشكيلات مجموعة الصواريخ. وقضى القرار الجمهوري بشأن إستحداث تشكيل «العمليات الخاصة» بتعيين عدد من الضباط في قيادة هذه الألوية، حيث نص على تعيين اللواء الركن عبدربه أحمد القشيبي قائداً لها، والعميد الركن عسكر حمود ناجي دارس رئيساً للأركان، والعقيد الركن أبو بكر رشاد علي هادي رئيساً للعمليات وترقيته إلى رتبة عميد. كما تضمن القرار تسمية بقية الوحدات وقادتها، حيث تمت إقالة نجل الرئيس السابق من قيادة الوحدات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب في الحرس الجمهوري وتعيين العميد الركن أحمد حسين دحان قائداً لها، والعميد الركن علي محمد الفقيه قائداً للواء الأول مشاة جبلي، والعقيد الركن أحمد علي الحاوري قائداً للواء العاشر (صاعقة) وترقيته إلى رتبة عميد. ونصت المادة الثانية على أن تعامل الوحدات المذكورة عملياتيا وإداريا وماليا كتشكيل واحد مستقل ممثلا بقيادة العمليات الخاصة وتفتح له سجلات حساب في كافة جوانب التأمينات بحسب النظام الإداري الثابت، وبحيث تتولى وزارة الدفاع إصدار التعليمات التنظيمية المنفذة لذلك. واشتملت قرارات الرئيس هادي غير المسبوقة، على إقالة العميد يحيى محمد صالح، ابن شقيق الرئيس اليمني السابق، من قيادة أركان قوات الأمن المركزي، وتعيين الدكتور العميد أحمد علي المقدشي خلفاً له، كما شملت تعيين قيادات جديدة للقوات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب، وألوية الصواريخ وقيادة العمليات الخاصة، وأكدت إعادة النظر في تشكيل مجلس الدفاع الوطني في ضوء الهيكلة الجديدة. وكان نجل الرئيس اليمني السابق أحمد علي صالح، غادر صنعاء قبل أيام إلى إيطاليا في زيارة غير معلنة إثر خلاف مع الرئيس هادي بشأن تسليم وحدات الصواريخ لتتبع القائد الأعلى للقوات المسلحة مباشرة. وفي حين اعلن اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى المدرع فور صدور القرارات تأييده لها «كونها تسهم في توحيد الجيش وتنهي سيطرة طرف على آخر في ظل غطاء وطني بعيداً عن التبعية الشخصية»، وصف العميد أحمد علي صالح قرارات هادي بأنها جادة ومهمة كونها صادرة من الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة، واكد أن لا بد من تنفيذها فوراً، وفقاً لما نقلت مصادر مقربة منه. واعتبر العميد يحيى صالح الذي أقيل من منصبه في الأمن المركزي، ان قرارات هادي شجاعة، ونشر على صفحته على موقع «فايسبوك» «تهنئة وتأييداً» للرئيس، مؤكداً أنه «خدم الوطن بأمانة وأنه سيظل في خدمته». وفيما أوكلت قرارات هادي الى وزارة الدفاع اليمنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الهيكل الجديد للقوات المسلحة اليمنية، فقد منحته السيطرة المباشرة على أهم تشكيلات الجيش المتمثلة في القوات الخاصة التي كان تابعة لنجل صالح، وألوية الحماية الرئاسية (أربعة ألوية)، ووحدات مكافحة الإرهاب، وألوية الصواريخ، إضافة إلى اللواء العاشر صاعقة، واللواء الأول مشاة جبلي. ورغم أن الأوساط السياسية والعسكرية اليمنية كانت تترقب صدور هذه القرارات التي تأتي ضمن بنود التسوية السياسية وتمهيداً لانطلاق الحوار الوطني، فقد شكل إعلانها عبر التلفزيون الرسمي مفاجأة جعلت اليمنيين يتأكدون من عزم الرئيس على المضي قدماً في تنفيذ المبادرة الخليجية، وتلبية مطالب مكونات شباب «الثورة» السلمية، وإنهاء نفوذ الرئيس السابق وأقاربه في الجيش والأمن، وتشديد قبضته على المؤسسة العسكرية التي تعاني من انقسام في الولاءات السياسية والحزبية، كما تشوبها عمليات فساد واسعة بحسب التقارير التي أكدتها أخيراً لجان الهيكلة. وفي أول رد على القرارات، أكدت مصادر مقربة من الرئيس اليمني السابق ترحيبه بها، ونقلت عنه تمنيه بأن «تكون قراراته الأخيرة من نوعها، لتعود بعدها روح التسوية السياسية إلى مسارها الطبيعي». وفيما قضت قرارات هادي ضمنياً بإلغاء الحرس الجمهوري والفرقة الأولى المدرعة، وهما عنوانان لانقسام الجيش، وبإعادة تشكيل القوات البرية من سبع مناطق عسكرية يتبع كل منها عدد من المحاور، يبقى مصير العميد أحمد علي صالح واللواء علي محسن الأحمر ملفوفاً بالغموض، اذ لم تشر القرارات إلى اسمي القائدين الخصمين، لكن مراقبين يتوقعون أن يصدر هادي قرارات لاحقة بتعيينهما ضمن تشكيلات القوات البرية. ويرجح ان تسهم قرارات اعادة الهيكلة في طمأنة الاطراف السياسية التي اعلنت رفضها المشاركة في الحوار الوطني قبل تطهير المؤسسة العسكرية من اقارب علي صالح.