شدد عبدالواحد الراضي زعيم الاتحاد الاشتراكي المنتهية ولايته على التزام حزبه موقف المعارضة في المغرب. وقال الراضي أمام المؤتمر التاسع الذي تتواصل أعماله الأحد في بوزنيقةجنوبالرباط: «اخترنا موقع المعارضة، ومستعدون لخدمة البلاد من أي موقع سياسي». وفي حضور رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران، انتقد الزعيم الاشتراكي أداء حكومته «التي لم تتخذ أي مبادرات إستراتيجية» في العام الأول لولايتها. ووصفها بأنها «تفتقر إلى رؤية مستقبلية»، عدا أن أجندتها السياسية غير واضحة. وقدّم أمثلة على ذلك من قبيل «جهلها» بموعد انتخابات البلديات واستحقاقات الغرفة الثانية في البرلمان، والمآل الذي وصل إليه مشروع إقرار نظام الجهوية الموسعة. ووصف الراضي الخطاب الرسمي للحكومة بأنه «لا يبعث على الاطمئنان والأمل»، قائلاً إن الشعب لا يعيش بالخبز فقط، بل يحتاج إلى الأمان. ودعا إلى البحث في تكريس أجواء الثقة، قائلاً إن حزبه «يريد تجنيب البلاد كافة المخاطر المحدقة بها». وحض الحكومة على الانشغال بملف الاستقرار «وتفادي كل ما يؤدي إلى التأزم»، في إشارة إلى احتمالات رفع أسعار بعض الخدمات الاستهلاكية. وقال المسؤول الحزبي الذي يرأس الاتحاد الدولي للبرلمانات، إن موقف الاتحاد الاشتراكي إزاء الحرب على الفساد واقتصاد الريع والامتيازات امتداد لالتزاماته المبدئية «وعلى الحكومة ألا تخطئ في تشخيص الأوضاع» لأن ذلك سيجعل العلاج المقترح خاطئاً في أساسه. وأضاف أن الخطاب الرسمي بهذا الصدد ينطلق من بعد أخلاقي، بينما حزبه يرى أن المشكل «سياسي» وتجب معالجته بهذا المنظور، وتحديداً من خلال إقرار ترسانة اشتراعية تضع حداً لاقتصاد الريع والامتيازات. ورأى الراضي أن الأولوية يجب أن تُمنح لتفعيل مقتضيات الدستور الجديد بطريقة «ديموقراطية» وكل تأخير في مسار الإصلاحات هو «تأخير في الاستجابة لانتظارات الشعب المغربي». وقال بهذا الصدد إن أي تأخير في هذا السياق «سيجعل الحكومة تؤخر مناعة البلاد في مواجهة تحديات ومخاطر داخلية وخارجية». وفيما أشاد الراضي بالحراك الاجتماعي الذي فجّرته «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية التي قال إن شباب الاتحاد الاشتراكي شارك في تظاهراتها، كان لافتاً أن فصائل شبابية رفعت شعارات راديكالية في المؤتمر طالبت برحيل القيادة الحالية، فيما انبرت جموع أخرى لطلب الكشف عن الحقيقة في اغتيال الزعيم النقابي عمر بن جلون في السبعينات، بخاصة في ضوء تورط فصائل إسلامية في الجريمة، ما أدى إلى تعطيل المؤتمر بعض الوقت. ويسود اعتقاد أن الصراع على زعامة الاتحاد الاشتراكي بين أربعة متنافسين هم فتح الله ولعلو وإدريس لشكر وأحمد الزايدي والحبيب المالكي، بعد انسحاب المرشح الخامس محمد الطالبي، يشكل أبرز تحد أمام المؤتمر، ذلك أنها المرة الأولى التي تجري فيه المنافسة على الزعامة بهذه الصورة بعد أن دأب الحزب على تقاليد وفاقية. ويلتقي كافة المرشحين على اختلاف مشروعاتهم التنظيمية والسياسية في الاتفاق على بقاء الاتحاد الاشتراكي في صف المعارضة، ما يعني أن اختيار أي من المرشحين لن يغيّر كثيراً في مسار التجربة الراهنة، إلا بالقدر الذي سيؤثر في أسلوب إدارة الحزب واختيار تحالفاته. وتواجه المرشحون في تقليد جديد لعرض برامجهم وتصوراتهم حول العمل الحزبي في ظل التركيز على معاودة الاعتبار للعمل السياسي وتفعيل الهياكل التنظيمية والتزام مواقف صارمة إزاء التحديات الراهنة. ويعتبر المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي أول محطة سياسية بعد تلقي الحزب ضربة قوية شملت تراجع نفوذه السياسي في الاشتراعيات السابقة، إذ تدحرج إلى الرتبة الخامسة بعد أن كان يحتل صدارة المشهد الحزبي في اشتراعيات 1997 و2002. في حين أن علاقاته بحزب الاستقلال الذي شكّل لسنوات حليفه المحوري، تعرضت بدورها إلى الانهيار، بعد اختيار الأخير المشاركة في حكومة بن كيران، فيما نزع الاتحاد الاشتراكي إلى إقامة تحالف يساري لمواجهة ما يعتبر التوجه «المحافظ» للحكومة التي يرأسها زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي.