لا تزال مصر بين أكثر دول المنطقة جذباً للاستثمار الأجنبي عموماً والعربي خصوصاً، على رغم تراجع تدفقه هذه السنة. ولم توقف تداعيات أزمة المال العالمية تدفق هذه الاستثمارات، سواء المباشرة أو غير المباشرة من خلال سوق رأس المال، ما جعل مؤسسات دولية كثيرة تشير إلى قدرة الاقتصاد المصري على التعافي السريع واستعادة معدلات مرتفعة للنمو. واستقطبت مصر نحو 8.8 بليون دولار حتى نهاية الربع الثالث من السنة المالية 2008 - 2009، بحسب إحصاءات حديثة للبنك المركزي المصري، الذي توقع تحقيق نحو 11 بليون دولار في نهايتها، ما أبقى معدلات النمو بين 4.5 و 4.8 في المئة خلال العام المالي الأخير، طغى بها الاقتصاد المصري على أكثر سيناريوات الأزمة تفاؤلاً. وتعد الاستثمارات العربية من أهم الروافد التي تعول عليها الحكومة المصرية في تحقيق طفرة تواصل بها ما حققته في 2007، خصوصاً مع لجوء عدد من المستثمرين العرب إلى الخروج من الأسواق العالمية التقليدية والعودة إلى أسواق المنطقة وفي مقدمها السوق المصرية. وتوقع الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون التمويل والمصارف نبيل حشاد، أن تواصل الاستثمارات العربية تدفقها على السوق المصرية بفضل «عودة النشاط إلى السوق العقارية المحلية، بعد التراجع النسبي في أسعار العقارات الناتج من أزمة المال وتراجع معدلات التضخم، التي كان أبرز مكوناتها المنتج العقاري الذي تعرض لارتفاعات قياسية خلال عامي 2007- 2008، ما يشير إلى عودة الشركات العقارية العربية الكبرى لمواصلة خططها داخل السوق المصرية». وأشار حشاد إلى أن قطاع البتروكيماويات وقطاع الصناعات الغذائية، وصناعة السيارات وتجميعها، يعتبر من بين القطاعات المرشحة بقوة لاستقبال تدفقات استثمارية عربية بمعدلات ملحوظة تقترب مما تحقق عام 2008». وأكد أن إحصاءات الهيئة العامة للاستثمار المصرية لفتت إلى تركز الاستثمارات العربية الجديدة في هذه القطاعات. وأوضح الباحث الاقتصادي أحمد رشدي، أن المملكة العربية السعودية تصدرت قائمة الدول العربية المستثمرة في مصر وبلغت قيمة استثماراتها 343 مليون دولار حتى نهاية الربع الثالث، تلتها الإمارات باستثمارات بلغت 247 مليون دولار، ثم الكويت بنحو 100 مليون دولار، وهي الدول المرشحة بقوة لمواصلة ضخ الاستثمارات إلى السوق المصرية، وربما تنضم إليها استثمارات من قطر والأردن والبحرين وسلطنة عُمان بمعدلات زيادة تقترب من 100 في المئة». وتوقع الأمين العام لاتحاد المستثمرين في مصر محمد خميس، أن تقدم الحكومة على مزيد من الإجراءات الحافزة للاستثمار، أبرزها خفض الضرائب وتسهيل خدمات مزاولة النشاط وتدفق التمويل المصرفي، ما يشجع اكثر على تدفق الاستثمار الأجنبي عموماً والاستثمار العربي خصوصاً».