مع استمرار المعارك الضارية بين القوات الحكومية والمعارضة في سورية بدا «الحل السياسي» بعيداً بعض الشيء في وقت لا يزال «الحسم العسكري» مستبعد في الوقت الحاضر. وقال مسؤول كبير في حلف شمال الاطلسي (ناتو) أمس إن من المرجح سقوط الرئيس بشار الأسد وإن الحلف يجب أن يُعد العدة مقدماً للحيلولة دون وقوع ترسانة الأسد من الأسلحة الكيماوية في أيدي من قد يسيئون استخدامها. في الوقت نفسه لا تزال الولاياتالمتحدة تراهن على تعديل في الموقف الروسي وأعلنت مراراً انها لن تتدخل عسكرياً لنصرة المعارضة أو حتى لتسليحها طالما بقي النظام على التزاماته بعدم استخدام الأسلحة الكيماوية أو لم يرتكب مجازر ضخمة تفوق التصور. ومع اعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس «ان الموقف يجب ان لا يستمر على حاله» أعلنت وزارة الخارجية الروسية «ان روسيا لم ولن تغيّر موقفها حول سورية» على رغم تصريحات أدلى بها نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف الخميس وقال فيها انه «لا يمكن استبعاد هزيمة نظام بشار الاسد امام المعارضة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكسندر لوكاشيفيتش خلال لقائه الصحافي الاسبوعي: «اننا لم ولن نبدل موقفنا». وكان لوكاشيفيتش يرد على الموقف الاميركي من تصريحات نائب بوغدانوف. وقال الجنرال نود بارتلز رئيس اللجنة العسكرية في الناتو: «مبعث قلقي ليس هو إذا ما كانت القوات المسلحة السورية ستستخدمها لكن إذا افترضنا أن نظام الأسد سيختفي بشكل أو بآخر فمن سيتحكم في الأسلحة الكيماوية؟» وأضاف: «لست بحاجة لأقول لكم إنه لا توجد كمية كبيرة تكفي لنشر كارثة في شبكة قطارات الأنفاق في نيويورك أو لندن أو باريس أو موسكو... لذا فعلينا أن نفكر في كيفية مواجهة هذا في الوقت الملائم». وقال الجنرال الهولندي، في تصريحات بأكاديمية عسكرية روسية في أول زيارة له الى موسكو، إنه لا يعلم متى ستضع الحرب الأهلية في سورية اوزارها لكن التطورات على أرض الواقع تشير إلى أن الأسد سيسقط. وأضاف: «يمكنكم القول انني افترض ان الأسد سيختفي. أميل الى الاعتقاد ان هذا هو الوضع». وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فو راسموسن قال الخميس إنه يعتقد أن حكومة الأسد أوشكت على الزوال. وقال الزعيم الجديد للمعارضة السورية إن شعب سورية لم يعد بحاجة الى القوات الدولية لحمايته. ورداً على سؤال عن الاستراتيجيات الخاصة بالصراع في سورية قال بارتلز إن شاغل الحلف الشاغل هو أمن تركيا. ووافق الحلف الاسبوع الماضي على ارسال صواريخ باتريوت الى تركيا لحمايتها من خطر اطلاق صواريخ من سورية. وعبّرت روسيا عن انتقادها لإرسال الصواريخ وقالت إنه تقويض جديد للاستقرار في المنطقة واتهمت الحلف بالتحرك باتجاه التورط في الصراع. وكرر بارتلز تطمينات الحلف بأن إرسال الصواريخ سيكون أمراً دفاعياً بحتاً ولن يستهدف إقامة منطقة حظر طيران فوق مناطق من سورية. وأضاف: «ليست هناك نية، معلنة أو غير معلنة بشكل مباشر أو غير مباشر، لفرض منطقة حظر طيران في المجال الجوي لسورية. لا يوجد تخطيط لعمليات بأي شكل للتدخل في سورية». وفي جانب آخر أبدى قدري جميل، رئيس «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» المعارضة، والمعترف بها من النظام السوري، خشيته من ان تتذرع واشنطن بوجود «جبهة النصرة» على الاراضي السورية لتقوم ب»ضربات جوية» و»عمليات عسكرية محدودة»، داعياً الى حوار وطني يجمع على رفض التدخل الخارجي. وكان قدري جميل، الذي يشغل منصب نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية، يتحدث في مؤتمر صحافي على هامش زيارة لوفد «ائتلاف التغيير السلمي» في سورية الى موسكو حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقال: «السؤال هو لماذا وضعوا (الاميركيون) جبهة النصرة على لائحتهم للارهاب؟ أخشى ان يكون ذلك مبرراً للتدخل في الشؤون السورية». واعرب عن تخوفه من «ان تقوم الطائرات الاميركية بحجة جبهة النصرة، بضربات وعمليات محدودة داخل الاراضي السورية». وتابع: «انا أشكّك جداً بهذا الموضوع، لان لا ثقة لي بالموقف الاميركي»، مشيراً الى ان «الفصائل المسلحة في سورية تتلقى الاوامر والدعم من الغرب نفسه». وقال قدري جميل ان «طيفاً واسعاً من المعارضين السوريين يرى ان الحل الوحيد في سورية يكمن في الحوار»، مضيفاً ان الحوار «يجب ان يبدأ بالاتفاق على رفض التدخل الخارجي»، وان «تشارك فيه جميع القوى الوطنية». واشار الى انه تم الاتفاق مع لافروف على «ان الحوار يجب ان يبدأ فورا»، اضافة الى توزيع المساعدات الانسانية، واصفاً روسيا ب»الصديقة التاريخية» لسورية. وفي بروكسيل قال رئيس الوزراء البريطاني إن الوقوف بلا حراك إزاء الوضع في سورية ليس مطروحاً وإنه يجب البحث في كل الخيارات لمساعدة المعارضة السورية. وأضاف خلال اجتماع قمة يعقده زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسيل إن على الاتحاد الأوروبي وعلى بريطانيا عمل كل ما يمكن لتسريع عملية الانتقال في سورية. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «ان الاسرة الدولية يجب ان تحدد هدفاً لها وهو دفع الاسد الى الرحيل في اسرع وقت ممكن»، معتبراً ان «الحرب تدور الآن في غير مصلحة الاسد».