لمع نجم الممثلة المسرحية الفرنسية كليمنتين مارميه (27 سنة) في أكثر من عمل فني في باريس، وفي العديد من المهرجانات الدولية كأفينيون (الجنوب الفرنسي) وإدنبره (سكوتلاندا) في السنوات الخمس الماضية. وتسعى مارميه في مشوارها الفني إلى تقديم نصوص خارجة عن المألوف وجريئة في مضمونها، ما يعتبر مجازفة، خصوصاً أن الجمهور قد لا يتبعها دائماً في جنونها الإبتكاري ويفضل مشاهدة أعمال كلاسيكية معروفة ومضمونة تعجب الكبار منه والصغار مثل مسرحيات شكسبير وموليير وبيرانديلو وغيرهم من العمالقة التي لا تزال كتاباتهم تجذب الجمهور إلى صالات العرض. تؤمن مارميه بأن الفرق التي تقدم مثل هذه المسرحيات متوافرة بكثرة وليست في حاجة إلى أن يزداد عددها، وهي تولي احتراماً كبيراً الى مؤلفيها التي حفظت أعمالهم عن ظهر قلب طوال سنوات طوال سنوات متابعتها حصص الدراما في معهد الفنون المسرحية الباريسي. بيد أنها تتجه نحو تقديم ما تعتبره بمثابة خطوة تقدمية مبنية على الأسس الكلاسيكية التقليدية. وعلى الفنان أن يبتكر ويتعدى الحدود المتعارف عليها، ويتمرّد على الواقع وإلا لا فائدة منه، وتصبح أعماله تقليداً وإعادة لما سبق، على حد قولها. وعلى هذا الأساس قدمت مارميه عام 2007، وفي إطار الفرقة التي تديرها مع شريك حياتها المخرج جان فرانسوا ماريوتي، مسرحية استعراضية عن تاريخ البشرية منذ آدم وحواء، في شكل ساخر يسلط الضوء على عيوبنا أكثر مما يبرز حسناتنا كنساء ورجال. ولاقت المسرحية استحساناً ونقداً ايجابياً في الصحافة الفرنسية. وتقدّم هذا الصيف في باريس فرقة «أونترومنتوروس» ذات الإسم المعقد عمداً للفت الإنتباه، مسرحية ساخرة وبوليسية في آن عنوانها «القتل جارٍ في حي مونمارتر» في اعادة لأسلوب غراند غينيول الشعبي خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الذي اختفى تدريجياً في ما بعد، وكان يعتمد على تقديم مسرحيات تروي الجرائم الحقيقية الواقعة، استناداً إلى سجلات أرشيف المحاكم والجرائد التي كانت تسرد مثل هذه الأحداث المروعة بالتفصيل. وتطلب تحضير العمل الجديد من مارميه وشريكها ماريوتي، سنتين من العمل المتواصل الشاق للإطلاع على قائمة الجرائم البشعة المرتكبة في حي مونمارتر، ويتلخص ديكور المسرحية في شوارع هذه المنطقة الباريسية السياحية فضلاً عن غيرها. ومن يشاهد العمل خصوصاً من السياح وعلم بما تأويه حارات مونمارتر من أسرار مروعة ربما يغير وجهته الى بلد آخر! تمزج المسرحية بمهارة ما بين الإثارة البوليسية الكاتمة للأنفاس والمواقف الفكاهية كما أنها تذكر المشاهد الباريسي بما يكون قد قرأه من قبل في الصحافة، لأن الحكايات التي يزخر بها النص دارت كلها في خلال العشرين سنة الماضية. وتؤدي مارميه شخصيات عدة في المسرحية، من قاتلة أطفال مجردة من العاطفة، إلى ضحية زوج يرغب في التخلص منها حتى يعيش حكاية حب مع عشيقته بحرية كاملة، إلى مفتشة شرطة تحلم بالحصول على وسام الشجاعة من قبل رئيس الدولة.