على رغم انتشار وسائل التواصل الحديثة عبر شبكات النت ووسائل الاتصال التكنولوجي التي توفر خدمات اتصال عالية الجودة إلا ان الشباب يجدون دائماً عالماً خاصاً وهموماً واهتمامات تجعلهم في بحث متواصل عن طرق مبتكرة للتعبير عن افكارهم. وهناك من الشباب من ابدع في ابتكار هذه الوسائل او تطويرها بطريقته الخاصة، ومنهم الشاب الجزائري ياسين المدعو «سينو» الذي دفعه الضغط الزائد في العمل، إلى توجيه رسالة غير مباشرة إلى رئيسه بضرورة تخفيف الضغط عنه عبر كتابة عبارة «اخطوني» على قميصه، وتعني باللهجة الجزائرية أتركني لحالي. من هنا كانت بداية تجربة «سينو» في كتابة عبارات تحمل تعابير باللهجة الجزائرية على القمصان بأشكال وخطوط فنية مختلفة فيها الكثير من الجدة والابتكار، ولقيت رواجاً بين الشباب في الجزائر، وحتى خارجها، وبلغت دول مثل اليابان والهند وبريطانيا وغيرها. يقول ياسين وهو مصمم «انفوغرافي» في وكالة اعلانات ل «الحياة» ان تجربته التي تمتد سنوات عدة في كتابة شعارات باللغة العربية على القمصان مرفوقة بترجمة لتلك الكلمات باللغة الانكليزية او اليابانية، وجدت صدى واسعاً في أوساط الشباب وأوجدت له جمهوراً من المعجبين تخطى حدود الجزائر وهو ما لم يخطر بباله أبداً عندما كتب أول شعار على قميصه احتجاجاً على الضغط في العمل والساعات الإضافية تصل أحياناً الى ست عشرة ساعة يومياً. وجاءت فكرة كتابة شعار «اخطوني» على قميصه عندما جاء زبون طلب طبع رسومات على قمصان، ففكر في كتابة عبارة يوجهها إلى رئيس العمل، بخاصة انه كان يهوى فن الرسم والخطوط والغرافيتي وهو المولع بالثقافة اليابانية. وهكذا كتب العبارة التي تحولت إلى شعار متداول بين الشباب وكثر الطلب على القمصان التي تحملها. ويتوقف ياسين عند هذه العبارة والرسالة التي كان يريد أن يمررها من خلالها بالقول: «لم اكن اقصد ان أجرح شعور رئيس عملي ولا التهجم عليه، فقط أردت أن أوصل له فكرة مفادها أنه قد تجاوز الحدود». ويضيف: «هناك من يجد ان مثل هذه الرسائل تؤدي المعنى المراد لها ومنهم من يرى انها تهجمية، على كل حال كل واحد يحمل التفسير الخاص به أما أنا فأرى أنها وسيلة جيدة لإبلاغ رسالة إلى شخص في محيط العائلة او الاصدقاء او زملاء العمل». والمهم بحسب «سينو» هو أن «نعبر عما يجول في خواطرنا، بخاصة أننا في المجتمع الجزائري لدينا ثقافة التواصل عبر الرسائل المشفرة لايصال افكارنا كالأمثال الشعبية والاقوال المأثورة أكثر من التواصل المباشر من دون لف أو دوران». ترويج اللهجة المحلية ويقدم ياسين أمثلة عن قمصان خطّ عليها عدة عبارات متداولة في الشارع الجزائري تؤدي معاني معينة، وأصبحت تلقى طلباً متزايداً من الشباب من مختلف انحاء الجزائر كعبارة «تعيي» أي أن رفقتك متعبة أو كلامك مقرف، وعبارة «ما يدوم غير الصح»، وهو تعبير موجه للأشخاص المنافقين وأصحاب النفوس المغرضة. وهناك شعارات ذات بعد وطني مثل «أحب دزاير» الذي يلقى طلباً كبيراً، بخاصة من الشباب المهاجر، وأخرى تحمل شعاراً يدعم الشعب الفلسطيني «توقف عن احتلال فلسطين» هذا الشعار الذي لقى رواجاً في الفترة الأخيرة. ويقول ياسين ان قمصانه التي يصممها بكل عناية واتقان هي محاولة لتقديم افكار تؤدي معنى وبطريقة مبتكرة، ووجد الشباب فيها غايتهم في التعبير عن أفكارهم او تبليغ رسائل يريدون ايصالها. وهو يرى انها فرصة للتعريف باللهجة الجزائرية وتغيير طبائع غير سوية في المجتمع كالاهتمام باخبار الناس والنميمة، ويرى «أن كتابة عبارات على قمصان نلبسها أصبحت حلاً بديلاً بهدف إبلاغ أشخاص معينين بما نكنه لهم، ويستدرك قائلاً: «أنا أفضل أن نعمل على التخلص من هذه العادات السيئة». ويعترف سينو الذي يعرض أعماله الفنية على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» تحت اسم «نينجا وير»، حيث يظهر العديد من الفنانين والشخصيات وهم يرتدون قمصانه، إلى جانب العديد من النماذج التي أنجزها، بأن الفضل يعود إلى أصدقائه والمعجبين بأعماله في كسب الشهرة التي يملكها الآن. نجاح ياسين عبر عبارة «خطوني» جعله الآن يفكر في فتح نقاط بيع لقمصانه في مختلف انحاء الجزائر بعد أن فتح نقطة بيع في الجزائر العاصمة، ويحمل مشروعاً أيضاً بأن يشارك تجربته الثرية مع الشباب المبدعين والذين يريدون الاستفادة من باعه في الكتابة على القمصان.