أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمس ان حكومته «لن تكرر خطأ الانسحاب الأحادي الجانب وإجلاء مستوطنين» في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما فعلت حكومة أريئل شارون صيف عام 2005 حين انسحبت من قطاع غزة وأخلت المستوطنات فيها، مجدداً الربط بين أي تسوية مع الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل «دولة يهودية» ووضع ترتيبات أمنية قابلة للتنفيذ. في الوقت نفسه، هاجم أركان الحكومة الإسرائيلية حركة «فتح» على خلفية قرارات المؤتمر العام السادس للحركة المنعقد في بيت لحم. وقال نتانياهو في تصريح قبل افتتاح الجلسة الأسبوعية لحكومته أمس اعتبره مراقبون رسالة الى الإدارة الأميركية الساعية لتحقيق اتفاق سلام في الشرق الأوسط، إن إخلاء المستوطنات في قطاع غزة «لم يحقق السلام ولا الأمن، بل العكس، إذ تحولت غزة إلى قاعدة لحركة حماس بسيطرة ايرانية». وأضاف انه حكومته لن تكرر هذا الخطأ «ولن يكون هناك مُجلَون جدداً»، معتبراً ما حصل لمستوطني غزة سابقاً «تراجيديا». وتطرق نتانياهو إلى ملامح التسوية السياسية التي تريدها إسرائيل مع الفلسطينيين، فقال: «نريد اتفاقاً ثنائيا من مركبيْن، أولهما اعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، والثاني ترتيبات أمنية يمكن تنفيذها». وأضاف أن هذين المركبين كانا غائبين في المفاوضات السابقة، «لكن إذا حصل تحول نحو السلام مع الشركاء الفلسطينيين الأكثر اعتدالاً فإن الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح حقيقي (عن الدولة الفلسطينية) سيكونان جزءاً من اي اتفاق». باراك من جهته، قال وزير الدفاع ايهود باراك قبل انعقاد جلسة الحكومة إن «البلاغة الخطابية التي نسمعها من المؤتمر العام لحركة فتح والمواقف الصادرة هناك خطيرة وليست مقبولة علينا». وأضاف أنه مع ذلك «يجب علينا ان نفهم أن لا حل في الشرق الأوسط غير التسوية الشاملة، وأنصح (رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس) ابو مازن بالدخول في مفاوضات جدية معنا في شأن تسوية كهذه، وأقترح على الأميركيين برئاسة الرئيس باراك اوباما قيادة سيرورة كهذه في الشرق الأوسط تشمل الفلسطينيين وسورية ودولا أخرى». وانتقد نائب رئيس الحكومة زعيم حركة «شاس» الدينية الشرقية ايلي يشاي بشدة حركة «فتح» على خلفية التصريحات الصادرة في مؤتمرها، وقال: «لن يكون ممكناً التوصل إلى سلام مع من لا يعترف بنا». وأضاف أن «فتح» كشفت عن وجهها الحقيقي «وهي لا تريد السلام وترفض القيام بالأمر البديهي والحد الأدنى المطلوب وهو الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، بل تطمح الى تحسين مواقعها من خلال السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، بما في ذلك نصف القدس، وبعدها الخروج في عملية أو حرب أو انتفاضة أخرى ضد إسرائيل». وقال وزير العلوم، زعيم حزب «البيت اليهودي» الديني المتطرف دانيئل هرشكوفتش إن الفلسطينيين «أماطوا اللثام عن وجههم الحقيقي، وبينما قطعت إسرائيل شوطاً طويلاً في محاولة للتوصل إلى تسوية والعالم يخطو إلى الأمام، يصر الفلسطينيون على التوضيح أنهم ليسوا شركاء للحوار». وهاجم وزير البيئة يغآل اردان (ليكود) حركة «فتح» بقوله أنه «لا فرق حقيقياً بين فتح وحماس ... كلتاهما لا ترغب بالاعتراف بإسرائيل، وربما انتبه الرئيس الأميركي إلى ذلك ليقرر أي طرف هو الذي ينبغي الضغط عليه». من جهته قال نائب وزير الخارجية داني أيالون في مقابلة مع الإذاعة العامة إن «العناوين الواردة من مؤتمر فتح مقلقة حقاً لأنها لا تؤشر إلى أي تحول في مواقفها، خصوصاً في ما يتعلق بالتسليم بوجود إسرائيل، والتعايش معها بسلام والبدء بعملية سياسية بلا شروط مسبقة». واعتبر المواقف الصادرة عن المؤتمر تراجعاً إلى الوراء «عن الوجه الذي حاول أبو مازن وسلام فياض إظهاره أمام العالم ... ولأسفنا منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية بتفويض واضح من الشعب، يرفض الفلسطينيون القيام بما قاموا به مع حكومات سابقة، يرفضون الجلوس معنا والتحاور». وتابع ان نتانياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان اقترحا على قادة السلطة الاجتماع بهما بلا شروط مسبقة لكنهما رفضا «ربما بعد أن لمحا فرصة لضغط ما على إسرائيل ... لكن هذا لن يفيدهم وإذا ما أرادوا حقاً بلوغ السلام والتوصل إلى تسوية إقليمية جديدة عليهم اتباع مقاربة أخرى». وأضاف محذراً انه في حال بقي قادة السلطة «رهائن بيد المتطرفين في فتح مثلما رأينا في المؤتمر، فإن في ذلك عودة 20 عاماً إلى الوراء، وهذا مؤسف ويحتم علينا إعادة حساباتنا». وتابع أنه لا يعني في قوله مراجعة حسابات «أن تنتقم إسرائيل ليعاني المدنيون الفلسطينيون من مواقف قادتهم». وأردف أن الحكومة الحالية قامت بخطوات كثيرة للتسهيل على حياة الفلسطينيين، وتواصل ذلك بهدف إنعاش الاقتصاد الفلسطيني «ونحن في هذا الصدد نقوم بأكثر مما يقوم به الفلسطينيون أنفسهم والدول العربية الغنية». وأضاف أيالون أن التصريحات المتشددة لرئيس السلطة الفلسطينية في مؤتمر «فتح» تحتم فعلاً على إسرائيل إعادة تقويمها الوضع وفحص احتمالات التقدم من عدمه «وإذا واصل عباس مقاطعته لنا ورفضه الجلوس معنا، فإنه يعلن عملياً أنه ليس شريكاً لنا، وعليه لا حاجة لنعلن نحن أنه ليس شريكاً». وزاد أنه لا يريد استعجال اتخاذ موقف صارم من السلطة الفلسطينية والإعلان عنها أنها ليست شريكة للمفاوضات، «لكننا سنطالب الفلسطينيين بتنفيذ عدد من الخطوات على الأرض، مثل وقف كل مظاهر التحريض وشن حرب أكثر صرامة على الإرهاب». وتابع: «لنا الحق في وضع شروط مثل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية وتفكيك المنظمات الإرهابية قبل أن نتقدم نحو المرحلة الأولى من خريطة الطريق، مع ذلك لم نضع هذه الشروط لاستئناف المفاوضات بينما يشترط الفلسطينيون التفاوض بوقف الاستيطان، واليوم يتحدثون أيضاً عن إزالة الجدار الفاصل، هذه حجج لعدم التوصل إلى سلام، بأعمالهم هم يعلنون أنهم ليسوا شركاء».. وتعقيباً على الأنباء عن محاولات اغتيال السفير الإسرائيلي في القاهرة شالوم كوهين، قال أيالون إن إسرائيل تنظر إلى الأمر بخطورة بالغة «ونعرف أن هناك محاولات لاستهداف إسرائيليين في دول أخرى يقوم بها حزب الله، وليس تنظيم القاعدة كما نشر،». وأضاف مهدداً: «أريد أن أقول بوضوح إنه إذا سقطت شعرة واحدة من رأس أي ديبلوماسي أو سائح إسرائيلي في الخارج، فإن حزب الله سيتحمل نتائج هذا العمل، وستكون النتائج وخيمة عليه وعلى لبنان. أرى واجباً أن نبعث بهذا التحذير للبنان كبلد مسؤول عن حزب الله بأن دمهم سيكون في رؤوسهم إذا وقعت عمليات اغتيال ضد إسرائيليين». استدعاء القنصل الاسرائيلي ورداً على استدعاء وزارة الخارجية الخارجية الإسرائيلية القنصل العام في بوسطن (الولاياتالمتحدة) نداف تمير للقدوم إلى إسرائيل لاستيضاح المذكرة التي بعثها إلى الوزارة وتم تسريبها وحذر فيها من توتر في العلاقات مع واشنطن بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية من مواصلة الاستيطان، قال أيالون إن انتقاد الحكومة من جانب ديبلوماسيين يجب أن يتم عبر القنوات المتبعة «لكن القنصل تجرأ بشكل غير مهني على إرسال تقرير غير صحيح وغير مهني وتضليلي عن موقف الإدارة الأميركية». وأضاف ان القنصل يقيم في «منطقة منعزلة» في بوسطن وتأثر برأي مجموعة معينة، بينما السفارة في واشنطن تؤكد أن مكانة إسرائيل في الرأي العام الأميركي منذ تشكيل الحكومة الجدية «تعزز بشكل واضح». وكانت أنباء تحدثت عن احتمال أن يقوم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بتنحية القنصل «عقاباً على تقرير غير مهني تم تسريبه». وكتب تمير في المذكرة ان «الطريقة التي نتصرف بها مع الادارة الأميركية تسبب ضررا استراتيجيا لاسرائيل»، وأنه بينما تبذل الادارة الاميركية جهدا من اجل خفض مستوى الجدل، تتجه اسرائيل الى تصعيد لهجهتها».