عندما نسمع مصطلح الريف الأميركي نتخيل الخيول والبيوت الخشبية والرجال المسلحين ومسؤول شرطة لا ينام... هذه الصورة هي ما تعكسه هوليوود عن الريف عموماً، لكنها لا تبرز إلا لماماً ما يحمله الريف من موسيقى جميلة وبسيطة. يحتفل العالم عموماً، والولاياتالمتحدة خصوصاً، في 17 أيلول (سبتمبر) من كل سنة بالعيد العالمي لموسيقى الريف (كانتري ميوزيك)، وهي نوع من الموسيقى الأميركية الشعبية المرتبطة بالثقافة الريفية والإقليم الجنوبي من الولاياتالمتحدة، وتطوّرت في القرن التاسع عشر من خلال دمج عناصر عدّة شملت الموسيقى الشعبية البريطانية وموسيقى البلوز للريفيين في جنوبالولاياتالمتحدة الأميركية، والأغاني الشعبية في أواخر القرن التاسع عشر، إلى جانب الموسيقى الدينية. ومن مميزاتها تنوع الآلات الموسيقية المستخدمة فيها تبعاً لاختلاف نوع الموسيقى. كما أن كلام الأغنيات يتنوع بين رومانسي وديني وهزلي، ويعكس عادات المحيط وتقاليده. نمت الموسيقى الريفية وراجت وانتشرت في العالم، ورسّخت هويتها في عشرينات القرن الماضي، عندما أصبح الغرب الأميركي مركزاً لصناعة التسجيلات الغنائية في أميركا الشمالية. وكانت معظم الأعمال مستنبطة من التراث الشعبي لقبائل الآباتشي، وموسيقى رعاة البقر من الغرب المتوحش، ومن الأنماط الريفية عبر العالم القديم وحتى أفريقيا، وطغت آلة البانجو على كل الألحان والتوزيعات. بيد أن الكمان يعتبر أيضاً ركيزة مشتركة بين الريف والغرب حيث كانت له شعبية لدى المستوطنين الاسكتلنديين الذين أحضروه إلى ولاية تكساس في القرن التاسع عشر، إضافة إلى الإسبان الذين جلبوا القيثارات والإيطاليين الذين جلبوا المندولين. بالإضافة إلى الهارمونيكا الموجودة في كل الأغاني الريفية تقريباً. وعندما تطورت الموسيقى الريفية، وجدت جمهوراً لها في اسكتلندا وارلندا فضلاً عن بلدان أوروبا الشرقية مثل أوكرانيا وبولندا، وفي المناطق التي يهيمن عليها الطابع الزراعي حيث موسيقى الأرض لا تزال راسخة في شخصية الأمة. بعد الحرب العالمية الثانية برز نجوم عدة في الولاياتالمتحدة لمعوا في سماء الموسيقى الريفية. وفي عام 1950 ظهر المغنيان الكبيران جوني كاش (1932-2003) وويلي نيلسون (81 سنة)، وخلال عقد من الزمن امتلأت البلاد بموسيقى الروك الريفية من خلال ألبوم «ناشفيل سكايلاين» الذي أصدره بوب ديلان عام 1969. أستراليا وتعتبر أستراليا من الدول التي وقعت تحت تأثير هذه الموسيقى الشعبية، وهي أمة أخرى من المستوطنين في أرض مترامية الأطراف وذات تراث مختلط. والمسرح الموسيقي الشعبي لهذا البلد تطور في شكل مستقل ولكن التأثر بالموسيقى الريفية الأميركية كان قائماً فيما كانت أستراليا تنتج نجوماً مثل أوليفيا نيوتن جون. وفي السنوات ال 15 الماضية تبنت الموسيقى الريفية نجوماً من النساء مثل لي آن ريميس، المولودة في ميسيسيبي والتي أصدرت خمسة ألبومات في بداية العشرينات من عمرها، وكان لها شعبية في ألمانيا وسويسرا والنمسا، والمغنية الشابة الأخرى، وهي شاعرة وملحنة في الوقت نفسه، تايلور سويفت من ولاية بنسلفانيا احتلت ألبوماتها أفضل 10 مراكز، وأغنيتها «قصة حب» أصبحت الأغنية الأكثر مبيعاً في تاريخ الموسيقى. ومن أبرز المغنين روي رودجرز الذي كان مشهوراً بلقب «King of the Cowboys». تأثر رودجرز في بداياته بأبيه عازف آلة المندولين والغيتار، ونظّم فرقاً وقاد فرقة «The International Cowboys»، كما كان ممثلاً في أفلام عدّة وكوّن روي فرقة «the Sons of the Pioneers» وساعد أفرادها ليصبحوا أشهر فرقة تغني الكاوبوي ميوزيك. وعندما توفي، ترك ما يفوق 100 فيلم وعدد كبير من الأغاني تقدّر قيمتها ب100 مليون دولار. وهناك جين أوتري الذي علمته أمه العزف على الغيتار وبدأ الغناء باسم «Oklahoma's Singing Cowboy» بطريقة غناء جيمي رودجرز. والأغنية الأشهر في رصيده هي «You Are My Sunshine» التي تعتبر من كلاسيكيات موسيقى الريف. وقاد الأسلوب الريفي والحب والرومانسية هانك وليامس إلى هذه الموسيقى وعرف بألحانه الجميلة. ومن أبرز ما غنى «Lovesick Blues» و«Baby We're Really In Love»، وكتب أغنيات كثيرة جعلته محبوباً من الناس. وعلى رغم ذلك، كانت حياته مليئة بالمشاكل العاطفية والمادية فمات بسبب إدمان المخدرات. وللمصادفة، كانت أغنيته الأخيرة «I''ll Never Get Out of This World Alive»... ولا بد من ذكر ليفتي فرتزل الذي أثرت موسيقاه على الجيل الجديد من المغنين واشتهر بأغنية «If You've Got the Money, I've Got the Time» الرائعة. أما من الجيل الجديد فهناك ألن جاكسون، براد بيسلي، تيم ماكغرو، شانيا توين، وكثر في قائمة طويلة جداً.