أعلنت قوى المعارضة في مصر تنظيم مليونية في ميدان التحرير غداً أطلقوا عليها اسم «الإنذار الأخير»، على أن تتحرك مع غروب الشمس في مسيرات يُتوقع أن تكون حاشدة من الميدان إلى قصر «الاتحادية» الرئاسي، في ضاحية مصر الجديدة، شرق القاهرة. في غضون ذلك، نشرت القوات المسلحة عدداً من الدبابات والآليات العسكرية على كل مداخل محافظة القاهرة، من جهة الطريق الدائري، وكذلك طريق الإسكندرية الزراعي والصحراوي والطرق المؤدية إلى الفيوم والإسماعيلية والصعيد. وقال مصدر عسكري ل «الحياة» إن هذه المدرعات تأتي فى إطار أعمال التأمين العادية، تحسباً لوقوع أي طارئ، قد يحدث ويستلزم إغلاق العاصمة. وأوضح أنه «ليس وراء نشر هذه المدرعات أية أهداف أخرى، سوى أعمال التأمين الروتينية، وأن لا دخل للجيش بالأزمة السياسية الحالية». وعززت قوات الشرطة وجودها حول الأماكن الحيوية والمصارف والسجون ومحطات الكهرباء والوقود، تحسباً لأي طوارئ. وانتقدت الأحزاب والحركات السياسية المعتصمة في ميدان التحرير دعوة الرئيس محمد مرسي للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في 15 الشهر الجاري. وقالت في بيان إن المشروع «أعدته جمعية تأسيسية مطعون فى شرعيتها القانونية وفاقدة لشرعيتها السياسية والشعبية». واعتبرت ان مشروع الدستور «مشروع لتقييد حقوق وحريات المصريين السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، ويعبر عن رؤية طرف واحد في المجتمع. ولا يمكن قبول استفتاء الشعب على حريته وكرامته وحقوقه، خصوصا فى ظل الظروف الحالية التي يحنث فيها مرسى مجدداً بوعد آخر له بعدم طرح الدستور للاستفتاء إلا بعد توافق القوى الوطنية حوله». ووقع على البيان عشرات القوى، منها أحزاب الدستور برئاسة الدكتور محمد البرادعي والتحالف الشعبي الاشتراكي والمصري الديموقراطي الاجتماعي والمصريين الأحرار والكرامة ومصر الحرية والاشتراكي المصري، والتيار الشعبي الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وحركات الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل والجبهة الديموقراطية، الجمعية الوطنية للتغيير، وكفاية. واتهم البيان قوى الإسلام السياسي والرئيس مرسي وجماعته ب «تقسيم البلاد إلى معسكرين أحدهما مع الدين والشرعية وأحدهما ضدهما»، مشدداً على أن هذه الصورة «ليست حقيقية ولا واقعية وتخلق استقطابا على أساس غير صحيح». وقال البيان إن «الشعب المصري وقواه السياسية والثورية لا يمكن أن تقبل باستفتاء على إجهاض الثورة وقيمها وأهدافها، ولا استفتاء على تفريغ الديموقراطية من مضمونها واقتصارها فقط على حرية الصندوق، إن كان حقاً سيكون نزيهاً وحراً، ولا استفتاء على مشروع يهدد حريات المصريين وحقوقهم». ووجه البيان «إنذاراً أخيراً لمرسى بأن شرعيته تتآكل وتتناقص بسياساته وممارساته المنحازة لحزبه وجماعته»، معلناً عن تنظيم «مسيرات الإنذار الأخير إلى قصر الاتحادية غداً». وأكد سلمية المسيرات، محملاً مرسي وأجهزة الدولة مسئولية تأمينها مع استمرار الاعتصام في ميدان التحرير. وقال الدكتور عمرو حمزاوي ل «الحياة» إن المسيرات والاعتصامات مستمرة في إطار تجاهل الرئيس لمطالب القوى الشعبية»، مشيراً إلى اعتزام قوى المعارضة «رفع الضغط السلمي» الذي قد يصل إلى حد الإضرابات السلمية وحتى العصيان المدني. واعتبر «أن الرئيس يدفع المجتمع إلى الانقسام وبالتالي تحول رغم شرعية انتخابه إلى رئيس للجماعة». وعن ما إذا كانت المسيرات إلى قصر «الاتحادية» ستتحول اعتصاماً، قال حمزاوي: «هذه الأمور تترك لمن يعملون في الميدان، لكن الاعتصام مستمر في التحرير». ورفض المقارنة بين حصار القصر الرئاسي وحصار المحكمة الدستورية العليا أمس. وقال: «حصار المحكمة الدستورية كان هدفه تعويق عمل المحكمة، وهذه ممارسة غوغائية، أما إذا حدث اعتصام أمام قصر الاتحادية فلن يعيق عمل مؤسسة الرئاسة». وعن المخاوف من حدوث اشتباكات في ظل تحذير قوى إسلامية من حصار القصر الرئاسي، قال حمزاوي: «هذه مسؤوليتهم، ولن نترك الدولة تختطف، ما يحدث لا نستطيع السكوت عليه ونحن دعاة عمل سلمي... حقيقة لم أعد أتحمل أو أرغب في أن أدعوهم (الإسلاميين) إلى تغليب الحكمة والعقل». وأضاف: «لن نسمح للرئيس وجماعته باختطاف البلد، وإذا كان يظن أنه يستطيع تجاهل الرفض الشعبي الكاسح لقراراته، فلا بد أن يعرف أننا نملك خطوات تصعيدية سلمية لم تعد بعيدة عن التنفيذ، منها العصيان المدني». وقال: «كنت أتمنى أن يكون حول مؤسسة الرئاسة عقلاء، لكن للأسف تحولوا إلى مبررين للاستبداد والديكتاتورية... لا حوار وسنلجأ للعمل على الأرض». من جانبه، قال المتحدث باسم حركة شباب «6 أبريل» (جبهة أحمد ماهر) محمود عفيفي ل «الحياة»: «لم نقرر ما إذا كنا سنشارك في مسيرات قصر الرئاسة ولم نحدد موقفاً من الدعوات إلى العصيان المدني، لأننا لا نريد اتخاذ قرار غير مدروس... نسعى لخطوت مدروسة ضمانا لنجاحها». ميدانياً، واصل المئات اعتصامهم في ميدان التحرير بعد مسيرات طافت الميدان رفضاً لمشروع الدستور، وأغلقوا الميدان في وجه حركة المرور، وسط استعدادات لاستقبال مليونية «الإنذار الأخير». وأعلنت وزارة الصحة وفاة الشاب أحمد نجيب الذي كان أصيب في اشتباكات محمد محمود بين الشرطة والمتظاهرين الشهر الماضي، ليرتفع عدد قتلى هذه الاشتباكات إلى اثنين إضافة إلى رجل مسن توفي في أحداث مليونية الثلثاء الماضي في التحرير، وصبي قُتل في اشتباكات بين أنصار ومعارضي مرسي في مدينة دمنهور (دلتا مصر).