إلى ذوي القلوب القوية: إذا كنتم واثقين من شجاعتكم وقوة عزيمتكم، توجهوا إلى «عالم فيراري» في أبو ظبي، وجرّبوا «فورمولا روسا» - أسرع لعبة للمركبات الأفعوانية في العالم، والتي تصل سرعتها إلى 240 كيلومتراً في الساعة... لكن، انتبهوا: فمن «ميزات» هذه اللعبة تنشيط عضلات القلب، مع احتمال توقف النبض تماماً لاقترانها بكمٍّ هائل من الإثارة، والسرعة الصاروخية لمركبتها. عندما يرى السائح طول الصف المخصص لمن ينتظرون استقلال المركبة، يتمنى لو أن وقت الرحلة خمس دقائق بدلاً من دقيقة. وما إن تنطلق العربة بأقصى سرعتها، حتى يدعو الراكب الله لو تمر الدقيقة بسرعة، ويتوقف هذا «الصاروخ الهائج». تتبدل خلال الجولة، ملامح الوجوه وتتغير، من قوة الريح التي تغدو، بذلك، أشبه بمصمّم فني على برنامج «فوتوشب». صراخ وصياح يتعاليان مع كل صعود ونزول أو التواءة، ويخيل للمرء أن المقابض الحديدية ستلين بين قبضات الركاب المذعورين - المستمتعين. إنها ببساطة رحلة جنونية تنعش خلايا القلب الميتة، فيما يتابع ذوو القلوب الضعيفة أو الأمراض المزمنة المشهد من بعد، ويتحسرون. مدينة «عالم فيراري» في أبو ظبي هي أضخم مركز ترفيهي مسقوف في العالم، ومدينة الملاهي الأولى المستوحاة من سيارات فيراري. تقدم تجربة غنية لهواة فيراري ومشجعيها، وللعائلات على حدّ سواء، نظراً إلى احتوائها على ألعاب مخصصة لكل الأعمار، إضافة إلى مقاهٍ ومطاعم ومحال تجارية لبيع التذكارات. ويمتدّ السقف الأيقوني الأحمر على مساحة 200 ألف متر مربع، صمِّم ليحاكي الانحناءة المزدوجة لهيكل سيارة فيراري «جي تي»، ويحمل أضخم شعار لسيارة السباق الأشهر (أي الحصان الجامح الشهير لسكوديريا فيراري) في العالم. وتصل مساحة المنطقة المغطاة إلى 86 ألف متر مربع، أي ما يعادل سبعة ملاعب كرة قدم. واللافت أن الألعاب الموجودة كلها مستلهمة من سيارات فيراري، ما يضفي عليها حماسة وتشويقاً ورغبة في التحدي. طوّرت غالبيتها لتراعي تقنيات العصر، معتمدة على الأبعاد الثلاثة التي تمنح اللاعب جيلاً جديداً من المغامرات. وأرادت شركة فيراري أن يكون المشروع متكاملاً، ومنح الزائر فرصة التعرف من قرب إلى كواليس مصنّعي السيارات الرائدة وأسرارها. فتقدم مثلاً «صنع في مارانيلو»، وهي كناية عن جولة افتراضية في أرجاء المصنع الشهير، يطّلع الزائر خلالها على مراحل تصنيع السيارة، الأمر الذي كان في الماضي مقتصراً على مالكي هذا النوع من السيارات. كما يمنح المشروع محبّي سباقات السرعة فرصة استثنائية لتسجيل أرقام قياسية في تبديل الإطارات، في محاكاة لعملية التبديل الشهيرة التي لا تتعدى ثانيتين في السباقات الرسمية. ولمحبّي المسرح، تجربة متميزة، تجمع الموسيقى والحركة وتقنيات الإبهار والاستعراضات الفنية في عرض مدته 25 دقيقة، يتناول قصة شغف إنزو فيراري بالسرعة والتألق، وحبّه لكل ما هو إيطالي. وأسلوب العرض مستوحى من أفلام المخرج الإيطالي فيديريكو فيليني. ويقول الإماراتي خليفة القبيسي إن هذه المدينة مكان مثالي، يمضي فيه مع عائلته وقتاً ممتعاً. ويضيف: «بات أطفالي يطلبون مني إحضارهم في العطل والأعياد، يخوضون تحدياً ممتعاً مع أصدقائهم، والمشجع أن الأسعار في متناول الجميع... في البداية كنت أخاف على أولادي من تجربة بعض الألعاب، لكننا لمسنا جدية الإدارة في الضمانات والتأمين وتقنيات السلامة العامة». فيما يرى اللبناني يقظان (50 سنة)، أن تجربة بعض الألعاب مغامرة في حد ذاتها، لما فيها من خطورة، وهي عودة إلى الطفولة، مهما كانت سن الشخص، مؤكداً أن تجربته لعبة «فورمولا روسا» منحته انتعاشاً معنوياً وجسدياً كان يفتقده، على رغم الخوف الهائل الذي يرافقها. وتبقى السلبية الوحيدة التي لم تلتفت إليها إدارة المدينة، أن الزائر، بعد الانتهاء من الجولة التي قد تمتد ساعات، يشعر بالحاجة إلى مغادرة المدينة ومعه سيارة فيراري حمراء، أو ربما الإسراع الى أقرب نقطة بيع لاقتناء واحدة بالمواصفات التي يريدها. لكن هذه الأمنية سرعان ما تتبدّد لدى معرفة سعر السيارة.