أعلنت قوات حرس السواحل الجزائرية حال استنفار قصوى، وأوقفت أمس في عنابة (600 كلم شرق العاصمة) 28 مهاجراً كانوا يحاولون عبور المتوسط إلى أوروبا بصورة غير مشروعة على متن قارب تمكن من الفرار إثر الأحداث المأسوية التي شهدتها المياه الإقليمية للولاية أول من أمس وانتهت إلى غرق قارب آخر يقل مهاجرين بعدما صدمه زورق تابع لسلاح البحرية، ما أدى إلى مقتل أحد المهاجرين وفقد آخرين. وانتشل الحرس أول من أمس جثة المهاجر القتيل (23 سنة) الذي كان مع 23 آخرين على متن قارب صدمه في «شكل متعمد» زورق تابع لخفر السواحل. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر رسمي أن الركاب سقطوا في البحر من قوة الصدمة، كما أُنقذ 22 شخصاً آخرين كانوا يحاولون الإبحار على متن قارب آخر في المنطقة نفسها. وتمكن حرس السواحل أمس من توقيف 28 مهاجراً، بينهم قاصر، كانوا على متن مركب ثالث فر من المنطقة، بعد عملية ملاحقة وتفتيش دامت أكثر من 12 ساعة. وقال رئيس المحطة البحرية الرئيسة لحراس الشواطئ إن الموقوفين هم ركاب القارب الثالث الذي أفلت ليل أول من أمس بعد الحادث. وأضاف: «تم توقيف هذه المجموعة على بعد 75 ميلاً شمال عنابة في حدود الساعة الثالثة من صباح أمس». وتنطلق من عنابة الساحلية عشرات القوارب لمهاجرين سريين يتوجهون في العادة إلى جزيرة سردينيا الإيطالية. ولم تنفع القوانين المشددة التي سنتها الجزائر في خفض عدد المهاجرين، على رغم تجريم الهجرة السرية ومعاقبتها بالحبس للمهاجرين والحبس المشدد لمنظمي الرحلات. وكشف المسؤول أن عناصر المجموعة الموقوفة تتراوح أعمارهم بين 15 و41 سنة، بينهم 19 من عنابة والباقي من الجزائر العاصمة وولايتي قسنطينة وقالمة في شرق البلاد، وأنهم امتثلوا لتعليمات حراس الشواطئ وتم توقيفهم في هدوء، وحجز القارب الذي كانوا على متنه. وبهذا يصل مجموع الموقوفين خلال اليومين الماضيين إلى 73 شاباً كانوا في طريقهم إلى الضفة الشمالية للمتوسط. وأحال جهاز الدرك في عنابة أمس 68 شاباً من الموقوفين على النيابة بتهمة محاولة الهجرة غير المشروعة، في حين لا يزال خمسة جرحى بينهم واحد وصفت حالته ب «الخطيرة» يخضع للعلاج في المستشفى. وبلغ عدد الموقوفين منذ مطلع السنة في عنابة وحدها ما يزيد على 250 بتهمة محاولة الهجرة غير المشروعة. وسجلت الهجرة السرية في الجزائر هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً على رغم أنه أول أعوام تطبيق القانون الجديد المجرّم للظاهرة. وظهرت شرائح جديدة من المهاجرين، بناء على إحصاءات رسمية، إذ سجل أعلى عدد لأطفال وصلوا الشواطئ الإيطالية والإسبانية وعدد من النساء الحوامل والشيوخ. ويتوقع مسؤولو وحدات حرس السواحل أن يسهم تحسن الأحوال الجوية خلال الفترة الممتدة إلى شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، في عودة محاولات التسلل إلى السواحل الأوروبية عبر قوارب تقليدية وتضاعف عدد المهاجرين السريين. وتتمسك الجزائر برفضها الانخراط في سياسة الاتحاد الأوروبي الرامية إلى إشراك دول الضفة الجنوبية في جهود محاربة الهجرة السرية باتجاه الشمال، مبررة رفضها ب «سياسة الاتحاد الأفريقي» التي لا تريد لأفريقيا أن تكون «حارساً متقدماً» لحدود أوروبا.