لبى موظفو القطاع العام في لبنان ومعلمو المدارس والثانويات والمدارس المهنية الرسمية امس، دعوة «هيئة التنسيق النقابية» إلى الإضراب والاعتصام بسبب عدم إحالة سلسلة الرتب والرواتب إلى المجلس النيابي، على رغم كل الوعود التي قطعت من الحكومة وأعضائها على مدى اشهر. وشل العمل في المؤسسات الرسمية ومنها بعض دوائر قصور العدل وطاول الإضراب الذي يتواصل اليوم أيضاً، هيئة التفتيش المركزي. وسجلت اعتصامات أمام الدوائر العقارية ومباني المال ودوائر التربية وأمام السرايات في مختلف المحافظات من أقصى شمال لبنان إلى أقصى جنوبه. ونبه النقابيون المعنيون بأن الحكومة ستكون «أمام مأزق فعلي إذا لم تتخذ قراراً بعد ظهر اليوم في جلسة مجلس الوزراء بإحالة السلسلة على المجلس وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤولية القرار أمام الشعب اللبناني»، ملوحين بعدم «رفع الاعتصام والإضراب المفتوح لذا لم يعطونا حقنا، فالحكومة التي تعطي قطاعات وتحرم قطاعات أخرى هي حكومة غير عادلة». وكان وزير الدولة بانوس مانجيان كشف في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «موضوع السلسلة ليس ضمن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء غداً (اليوم) ويمكن أن يطرح التمويل من خارج الجدول»، سائلاً الهيئات النقابية عما إذا كانت تتحمل «مسؤولية شل الحكومة وبالتالي شل عمل الناس؟»، مؤكداً أن «القرار بدفع السلسلة أقر وبالتقسيط وليس كما تطلب الهيئات النقابية دفعة واحدة». وكان الإضراب الذي نفذ امس، لم يشمل القطاع التعليمي الخاص بكامله، على رغم أن نقابة معملي المدارس الخاصة منضوية تحت «هيئة التنسيق النقابية»، إذ إن المدارس لا سيما في بيروت وجبل لبنان فتحت أبوابها أمام الطلاب، على عكس المدارس الرسمية التي توقف فيها العمل في مختلف المناطق. وسجلت تجمعات احتجاج للموظفين والمعلمين في محيط مباني المؤسسات الرسمية التي يعملون فيها، وألقيت كلمات احتجاجية لنقابيين. وأمام مبنى وزارة التربية لوح المعتصمون بالتصعيد «في حال استمرت الحكومة في «المماطلة». وقال عضو هيئة التنسيق محمد قاسم إن «لا عمل للموظفين والمعلمين من دون إحالة السلسلة على المجلس النيابي». وقال: «كان الوعد قاطعاً من الحكومة واللجنة الوزارية المصغرة والموسعة وقالوا أعطونا يومين أو ثلاثة، وهذا الكلام مضى عليه أكثر من شهر، وجاء على لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير العمل سليم جريصاتي، ويحاولون الآن الالتفاف على السلسلة، وكل ما يجري الآن تتحمل مسؤوليته الحكومة لأنها تؤخر وتماطل». ودعا جميع الموظفين والأساتذة إلى «أن يناقشوا التوصية بالإضراب العام وصولاً إلى الإضراب المفتوح». وألقى رئيس «رابطة موظفي الإدارات العامة» محمود حيدر كلمة أكد فيها أن «الموظفين في مختلف الإدارات وفي مختلف المناطق التزموا الإضراب وسيلتزمون غداً (اليوم) للتعبير عن غضبهم وسخطهم من سياسة المماطلة والتأخير في إحالة السلسلة من دون تقسيط على المجلس النيابي». ووصف رئيس «هيئة التنسيق النقابية» حنا غريب يوم امس، بأنه «تاريخي غير مسبوق في العمل النقابي في لبنان، مسألة شل القطاع العام لمدة يومين مسألة تاريخية لم يسبق للحركة النقابية في لبنان أن أقدمت على مثلها من التحركات النقابية». وحيا «جميع المعتصمين على كل الأراضي اللبنانية بوحدة نقابية متماسكة في وجه وحدة سياسية في الحكومة وخارجها ضد هذه الحركة النقابية، لأنها تسطر في لبنان قيامة جديدة لحركة نقابية مستقلة في لبنان خارج الاحتواء والانطواء والهيمنة، ولا أحد يمكنه أن يشق وحدة هيئة التنسيق التي ستبقى مستمرة حتى إقرار السلسلة من دون تقسيط وبصفة المعجل ومع ضمانة حقوق المتقاعدين وحقوق المتعاقدين والأجراء ومن دون فرض ضرائب على أصحاب الدخل المحدود. فنحن لا نريد أن نمول السلسلة على حساب الفقراء بل على حساب الأغنياء وليس على حساب العامل بل على حساب الفساد». واعتبر غريب أن «موضوع سلسلة الرتب والرواتب دين عمره 16 سنة ونحن لا نكسر الخزينة، هم يأخذون كل سنة من الخزينة 40 في المئة للدين العام. نحن شركاء في الخزينة ونريد حقنا والموظفون هم الأولى بها. نريد عدالة في النظام الضريبي والسلسلة تفتح ملف النظام الضريبي في لبنان والتوزيع العادل لردم الهوة بين مستويات المعيشة وبين مستويات الأجور التي أصبحت في أدنى السلم». وأكد أن «نفسنا طويل، وأدعو المسؤولين من قوى 14 آذار و8 آذار ومن داخل الحكومة وخارجها إلى أن يقفوا إلى جانب الأساتذة والمعلمين والموظفين ويؤيدوهم وهذه السلسلة لن تأخذ البلد إلى المجهول». ودعا غريب إلى أن «يكون الاعتصام غداً (اليوم) أكثر حشداً واتساعاً وأكثر تواصلاً ووحدة من أجل فرض حقوق الموظفين ومن اجل إحالة السلسلة كاملة بشكل معجل من دون تقسيط. وغداً هو يوم إضراب واعتصامات تبدأ من الساعة الثامنة صباحاً وتستمر حتى فرض إحالة السلسلة. ونتمنى على الحكومة أن تحيل هذه السلسلة ولا يوجد مشكلة في التمويل بل هناك مشكلة في الموازنة والنفقات وعجز موازنة، أما السلسلة فهي مفصولة عن التمويل»، مشيراً إلى أننا «متجهون نحو التصعيد إذا لم تستجب الحكومة وتحيل السلسلة». الهيئة تعتذر من المواطنين ولاحقاً، حيّت «هيئة التنسيق النقابية» في بيان «جميع الاساتذة والمعلمين في القطاعين الرسمي والخاص، والتعليم المهني والتقني والموظفين في الادارات العامة كافة والمتقاعدين والمتعاقدين والأجراء، على وقفتهم النقابية والديموقراطية الشجاعة والموحدة، والتزامهم الكامل بتنفيذ الاضراب العام الشامل والاعتصامات المشتركة، في كل الوزارات والسرايات الحكومية والقائمقاميات، مثبتين مرة جديدة تماسكهم ووحدتهم وقدرتهم على شل القطاع العام، دفاعاً عن حقهم المشروع، بإحالة سلسلة الرتب والرواتب إلى المجلس النيابي، بعدما اقرتها الحكومة منذ اكثر من شهرين وفي مواجهة تردد الحكومة ومماطلتها المتعمدة لتأخير الاحالة ان لم نقل محاولتها للالتفاف عليها». وجددت الهيئة دعوة «الأساتذة والمعلمين والموظفين الى تنفيذ وإنجاح الاضراب والاعتصامات المشتركة غداً (اليوم)، في المراكز نفسها، واستكمال مناقشة واقتراح الخطوات التصعيدية المقبلة، بما فيها الاضراب العام الشامل والمفتوح وشل العمل في القطاع العام والتظاهر وكل الاشكال الكفيلة بإحالة السلسلة إلى المجلس النيابي». واعتذرت الهيئة من المواطنين عن عدم تلبية خدماتهم بسبب الاضراب، مقدرة لهم تفهمهم وتعاطفهم ووقوفهم إلى جانب الهيئة ومطالبها.