يذكرني الربيع العربي بدول المعسكر الاشتراكي الراحل غير المأسوف عليه، فكل منها حملت صفة «ديموقراطية» وهي قطعاً ليست ديموقراطية إلا بمقدار ما كانت ليبيا معمر القذافي «عظمى». الثورات العربية بدأت في الخريف وتوقفت في الشتاء، والزعم أن نتائجها «ربيع» كذبة من مستوى «ديموقراطية» الدول السوفياتية أو «عظمى» ليبيا القذافي. أختار اليوم أمثلة من دول أعرفها قبل ثلاثة أرباع أهلها، وأعرف نظام الحكم فيها والحكام والشعب كله. أبدأ بمصر لأنها أكبر دولة عربية وحجر الزاوية في بناء المستقبل الموعود، ومن دون كلمة واحدة مدحاً أو ذماً في نظام حسني مبارك، أقول إن «الإخوان المسلمين» استأثروا بالثورة (لا أقول سرقوها) مع أن أبطالها الأصليين معروفون، وهم أقاموا نظاماً سوفياتياً باسم آخر، فبدل الحزب الشيوعي هناك حزب العدالة والحرية، وكلاهما يمثل نظام الحزب الواحد، ولا يقبل أي معارضة أو إختلاف في الرأي. الرئيس محمد مرسي أطاح النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وكبَّل يدي المحكمة الدستورية لمنع حل الجمعية التأسيسية للدستور أو مجلس الشورى. بل إنه منعها من مراجعة القرارات التي يتخذها. هذه القرارات غير ديموقراطية أبداً، ولعل محمد مرسي دكتور في المعادن، لكنه ليس خبيراً دستورياً. الديموقراطية هي سلطات ثلاث، تشريعية وتنفيذية وقضائية، كل منها مستقل عن الآخر، وكل منها يراقب عمل السلطتين الأخريين. هذه هي الديموقراطية، وكل حديث آخر من مستوى الديموقراطية السوفياتية والعظمة القذافية. أتوقع ألا يقبل المصريون هذا الانقلاب على الثورة، ولا أستبعد ثورة مضادة قبل صدور دستور ديني، تصحح المسار نحو ديموقراطية حقيقية، بدل حكم حزب ديني يؤيده حزب ديني أكثر تشدداً أراه متخلفاً دينياً وإنسانياً واجتماعياً. وأنا هنا أتحدث تحديداً عن السلفيين المصريين ولا أحد آخر، وحزب النور هو أيضاً من نوع تسمية الأشياء بضدها، فهو حزب ظلامي. ومن مصر الى الكويت، ودرس الديموقراطية مرة أخرى، فهي إذا لم تكن سلطات تراقب إحداها الأخرى، فهي «رجل واحد (أو إمرأة) صوت واحد» ولا أعرف تعريفاً آخر للديموقراطية ولا أقبله. المعارضة في الكويت ترفض الصوت الواحد وتفضل أربعة أصوات، أي تبادل مصالح بين مجموعات انتخابية تقدِّم مصالحها الشخصية وولاءها القبلي على الدولة لتزوير إرادة الشعب. مرة أخرى أقول إن صدّام حسين راح ولن يعود، وحدود الكويت غير مهددة، وهناك مساحة حرية واسعة ودخل نفطي عالٍ يكفي الشعب أو يزيد. لا بلد عربياً على الإطلاق أفضل حظاً أو أحسن وضعاً من الكويت، وكل مَنْ يقول غير هذا كذاب ومسيلمة. ثم نرى معارضة لا تعرف من الديموقراطية غير إسمها، تهدد رخاء البلد ومستقبله لأهداف أنانية ذاتية... يعني أن واحداً تجنس سنة 1969 أو 1970 يريد أن يعلّم أصول الحكم لأمير من نوع صباح الأحمد الصباح، أسرته في الحكم منذ 250 سنة. ومن الكويت الى البحرين حيث يحاول أصحاب الولاء الفارسي تحويل «بلادهم» الى نظام ايراني يتبع ولاية الفقيه. البحرين بلد مزدهر من دون موارد طبيعية. وهناك عصابة تريد أن تجعله ايران مع عقوبات دولية ومقاطعة وحصار حتى التجويع في بلد نفطي رئيسي، وكله بفضل عبقرية حكم آيات الله. لا أراهم آيات أبداً ولكن أبقى مهذباً. وأختتم بحزب الله في لبنان، فهو عدو الديموقراطية بمقدار ما هو عدو اسرائيل، ويحاول فرض رأيه على الجميع. وقد أيدته دائماً ولا أزال أؤيده ضد اسرائيل، وعندما أعترضُ على موقف فالسبب أن لي رأياً مختلفاً لا أكثر ولا أقل. ورأيي اليوم أن على السيد حسن نصرالله أن يبحث عن موضع حزب الله بعد رحيل النظام السوري، فهو راحل، والإنكار يؤذي مستقبل الحزب. قال ربيع قال. [email protected]