استيقظت مصر أمس على حادث دام راح ضحيته 49 قتيلاً منهم 48 طفلاً، حين صدم قطار مُسرع حافلة كانت تقلهم إلى مدرستهم في ساعة مبكرة صباحاً، فجرّها عشرات الأمتار قبل أن يعتلي القطار الحافلة ويحوّل ركابها الأطفال إلى أشلاء متناثرة على قضبان السكة الحديد. وفيما الكل منشغل بمتابعة تطورات هذا الحادث المروّع، لقي 12 شخصاً آخرين مصرعهم في حادث سير في طريق الواحات قرب القاهرة حين اصطدمت حافلة نقل ركاب بسيارة لنقل البضائع وأخرى للنقل الثقيل على طريق الواحات بالقرب من مدينة 6 أكتوبر. وتحدث الرئيس محمد مرسي إلى شعبه معزياً بفاجعة حافلة الأطفال، ومتوعداً المتسببين فيه، بعد أن يقبل استقالة وزير النقل محمد رشاد المتيني ليكون أول وزير مُستقيل في حكومة هشام قنديل وعهد الرئيس مرسي. وتم منع وزير العدل المستقيل من مغادرة مصر واحالته على التحقيق مع مسؤولين آخرين في قطاع السكك الحديد. وانتقل إلى موقع الحادث في محافظة أسيوط (جنوب مصر) رئيس الوزراء وعدد من الوزراء لكن ذوي الضحايا قابلوهم بعاصفة من الغضب، وسعوا إلى منعهم من الاقتراب ورددوا هتافات مناهضة للحكومة والرئيس. وتحوّل الحادث سجالاً سياسياً، إذ رأى البعض أن استقالة وزير النقل غير كافية ويجب محاسبة المسؤولين الكبار في هيئة السكك الحديد بسبب تكرار حوادث القطارات، فيما سجل نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان موقفاً لافتاً بأن سأل: «أين البرلمان؟»، في دعوة ضمنية لإعادة البرلمان المنحل. ودأب العريان في كل حادث إلى الدعوة لإعادة البرلمان حتى بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي كان طرفاً في سجال حادث أسيوط أيضاً، إذ امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات تطالب مرسي وقنديل بالاهتمام بضحايا حادث أسيوط كما هو الأمر بالنسبة إلى ضحايا العدوان على غزة. وكان باص يتبع معهداً أزهرياً في مركز منفلوط في أسيوط يقل أكثر من 60 تلميذاً في مرحلة رياض الأطفال والتعليم الأساسي إلى مدرستهم، صدمه قطار عند قرية المندرة أثناء عبوره. وبدا أن القطار كان مسرعاً جداً لحظة الاصطدام، ما سبب ارتفاع عدد الضحايا، حتى أن الحافلة باتت ركاماً تحت وبين عجلات القطار. وتناثرت أشلاء الضحايا على قضبان القطار، لتختلط دماؤهم بأجزاء محطمة من الحافلة وحقائب الأطفال المدرسية وكتبهم ودفاترهم. وبدا مشهد الأهالي يجمعون أشلاء أبنائهم من بين حجارة القضبان مؤلماً. ووسط ركام الحافلة وغبار الحادث ورائحة الدم ظهرت قطعة من هيكل الباص كُتب عليها (مدارس دار حراء.. تعليم متميز) ملطخة بدماء الأطفال لتعكس واقع الحال المزري من قسوة الإهمال. وحضرت «ثورة 25 يناير» في موقع الحادث بشعار رُسم على أحد دفاتر الأطفال، لكن الدماء لطخته. واشتكى الأهالي من تأخر وصول سيارات الإسعاف والمسؤولين إلى موقع الحادث المروع، ورووا أن عامل البوابة التي تقفل الطريق عند عبور القطار لم ينتبه إلى قدومه فظل المعبر مفتوحاً، وهو عكس ما ذكرته وزارة النقل التي لمّحت إلى مسؤولية سائق الحافلة عن الحادث حين أكدت في بيان أن السائق اقتحم «المزلقان» الذي أغلقه العامل. وقال مرسي في كلمة وجهها إلى الشعب عبر التلفزيون الرسمي إنه تابع بكل الأسى والحزن الحادث الأليم، مضيفاً: «بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الشعب المصري كله أتقدم بخالص العزاء والمواساة لأسر وأبناء الضحايا والمصابين»، لافتاً إلى أنه قرر قبول استقالة وزير النقل ورئيس هيئة السكة الحديد وتحويل المسؤولين إلى النيابة العامة للتحقيق وسرعة الإنجاز في التحقيقات لمعرفة المتسبب في هذا الحادث الأليم واتخاذ كل الإجراءات من جميع الجهات التنفيذية المعنية لتعويض أسر الضحايا والمصابين وتذليل كل العقبات لهم. وتعهد بمحاسبة المسؤول عن الحادث، لكنه لم يشر إلى من يتحمل هذه المسؤولية. وتداول نشطاء على موقع «فايسبوك» فيديو لمرسي أثناء توليه رئاسة الكتلة البرلمانية لجماعة «الإخوان المسلمين» في برلمان 2000 – 2005 وهو يطالب باستقالة رئيس الوزراء في ذلك الوقت أحمد نظيف ومحاكمته بسبب مسؤوليته السياسية عن حادث قطار العياط الذي راح ضحيته العشرات، وتساءلوا: «هل يفعل مرسي ما ظل يطالب به في فترة حكم (حسني) مبارك؟».