أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس، ضرورة التوصل إلى اتفاق لحل أزمة الموازنة الأميركية يحفظ للولايات المتحدة قيادتها العالمية وأمنها القومي ويعزز جهود تعبئة قوتها الاقتصادية في العالم. وأكدت الوزيرة من سنغافورة خلال جولة تشمل آسيا وأستراليا، أنها عندما زارت آسيا العالم الماضي خلال ذروة النقاش حول سقف الديون الأميركية سألها زعماء في المنطقة إن كان الكونغرس الأميركي سيسمح بالفعل بأن تتخلف الولاياتالمتحدة عن سداد ديونها، وقالت: «لنكن واضحين... الثقة الكاملة في الولاياتالمتحدة ومصداقيتها يجب ألا يكونا موضع تساؤل قط». ولفتت خلال كلمة في كلية الإدارة في سنغافورة، إلى أن «في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن لجولة جديدة من مفاوضات الموازنة، فإنها بدأت تسمع من جديد بواعث قلق في شأن التداعيات العالمية للقرارات الاقتصادية للولايات المتحدة». وأكدت أن «على رغم كل الخلافات بين الأحزاب السياسية في الولاياتالمتحدة، فإننا جميعاً متحدون في التزامنا بحماية الدور القيادي لبلادنا وأمننا القومي». وشددت على أن «التوصل إلى اتفاق جاد في شأن الموازنة مهم لكلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري... وسيعزز قدرتنا على تعبئة قوتنا الاقتصادية في العالم ويقوي مركزنا في سباق الأفكار التي تشكل السوق العالمية ويعمل على تذكير كل الدول بأننا مازلنا شريكاً ثابتاً ويُعتمد عليه». وبيّنت كلينتون أن «قيادة الولاياتالمتحدة تعتمد على قوتها الاقتصادية، وبالنسبة لنا هذه لحظة لنثبت مرة أخرى متانة نظامنا الاقتصادي ونعيد التأكيد على الدور القيادي لبلادنا، فالقيادة العالمية ليست حقاً مكتسباً لنا أو لأي دولة، بل تجب رعايتها باستمرار وكسبها عن استحقاق». ويُجري الرئيس الأميركي باراك اوباما ومنافسوه الجمهوريون محادثات لتفادي ما أطلق عليه «المنحدر المالي» في نهاية السنة، والذي أكد خبراء أنه قد يعود بالاقتصاد الأميركي إلى الركود. وإذا لم يوافق الكونغرس على خطوات أقل صرامة بدءاً من 2 كانون الثاني (يناير) المقبل، فإن زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق بنحو 600 بليون دولار ستدخل حيز التنفيذ تلقائياً، منها 109 بلايين دولار تخفيضات في برامج محلية ودفاعية. ويحرص كلا الطرفين على طمأنة الرأي العام بأن واشنطن لن تشهد تكراراً للمواجهة العنيفة في شأن الموازنة التي أخافت المستهلكين والمستثمرين العام الماضي، بينما تعهد قادة جمهوريين وديموقراطيين في الكونغرس أول من أمس بإيجاد أرضية مشتركة لتفادي المنحدر المالي. الدَّين العام الأميركي إلى ذلك، عبّر خبراء اقتصاد أميركيون أول من أمس عن تشاؤم من أن يتمكن السياسيون في واشنطن من التوصل إلى اتفاق لكبح الدين العام الضخم. وأكد كل من رئيسة مجلس الإدارة السابقة ل «المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع» شيلا بير وخبير الاقتصاد في كلية الإدارة في جامعة «ييل» ستيفن روتش، أن مجلس الاحتياط الفدرالي «المركزي» الأميركي، يخلق فقاعة مالية كارثية أخرى بمحاولاته تحفيز الاقتصاد من خلال سياسته المعروفة بالإنعاش النقدي. وأكدت بير خلال مؤتمر ترعاه مؤسسة «راند» و «مجموعة تومسون رويترز» في مقر الأولى في سانتا مونيكا في كاليفورنيا أن «سياسة المركزي الأميركي لضخ الأموال في الاقتصاد مصحوبة بفترة لم يسبق لها مثيل من أسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً تخلق أكبر فقاعة للسندات على الإطلاق»، مضيفة أن «الولاياتالمتحدة تتجه نحو انهيار مالي شبيه بانهيار سوق المساكن قبل ست سنوات، ولكن السبب هذه المرة هو أن المستثمرين يبحثون عن عائدات أعلى وأكثر مخاطرة في فئات أخرى من الأصول». ووصف روتش سياسة «المركزي» تجاه أسعار الفائدة المنخفضة والإنعاش النقدي بأنها «قنبلة موقوتة». وتوقع الخبيران فشل إدارة اوباما والكونغرس في إقرار الإصلاحات الهيكلية الأساس للتغلب على أزمة الديون الطويلة الأجل. وتسجل الولاياتالمتحدة عجزاً سنوياً يزيد على تريليون دولار منذ بضع سنوات، بينما يتجاوز حجم الدين القومي الآن 16 تريليون دولار.