أطلق ناشطون اجتماعيون مغاربة حملة دولية إلكترونية لجمع توقيعات، في شكل عريضة، للمطالبة بوقف بث برامج الجريمة التي تقدمها القناتان التلفزيونيتان الثانية و«ميدي 1 تيفي»، وهما على التوالي، «أخطر المجرمين» و»مسرح الجريمة». وعزا القائمون على الحملة الإسراع بإطلاق الحملة إلى الحؤول دون نشوء حالة التطبيع مع الجريمة، لكون البرامج التلفزيونية تقدم المجرمين كأبطال، ما يؤدي، في شكل أو آخر، إلى تنمية ثقافة الجريمة، والتطبيع معها. وتعرف الحملة انتشاراً واسعاً في المواقع الإجتماعية، وتستقطب توقيعات من شخصيات حقوقية واجتماعية وازنة. ويأخذ الموقعون على العريضة والمتضامنون، في تعليقاتهم وتدويناتهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، على برامج الجريمة في القنوات التلفزيونية المغريبة، تقديمها المجرمين في صورة خارقة، من خلال المبالغة في وصفهم بأوصاف إيجابية يكون لها تأثير خطير على نفسية الأطفال والمراهقين، الذين يرون في هؤلاء المجرمين نموذجاً للتقليد والاحتذاء. ويستنكر الموقعون الاعتماد على تمثيل الجرائم المرتكبة بتفاصيلها المثيرة، ما يحوّل التلفزيون إلى مدرسة لتعلم الطرق التي تُقترف بها هذه الجرائم بالنسبة الى الأطفال والمراهقين. كما يأخذون على القناتين عدم مراعاتهما لحقوق الأطفال في اختيار أوقات البث، خصوصاً أثناء إعادة بث البرنامجين، ذلك أن الإعادة غالباً ما تكون بعد الزوال حيث غياب أولياء أمور الأطفال ممن لا يُسمح لهم بمشاهدة مثل هذه البرامج. وتأتي الحملة لتجدد نقاشاً سابقاً وصل إلى قبة البرلمان للأسباب ذاتها، وهو ما حدا، حينها، بمسؤولي البرامج إلى العمل على التخفيف من المشاهد التمثيلية لإقتراف الجريمة والأمر ذاته بالنسبة الى عنصر التشويق فيها. ويبقى تطوير المنتج التلفزيوني فنياً، من دون أن ننسى أبعاده التربوية، هو الرهان الحقيقي للقنوات، وذلك بالابتعاد عن الإثارة في سرد الوقائع، وفي صناعة المشاهد التمثيلية المشوّقة. ويفترض الإشتغال على كتابة سيناريوات الحلقات في شكل يغلّب السرد على التمثيل. كما يجب الالتفات إلى سرد وقائع الجرائم بالشكل الذي يُدين الفاعل وينفّر من فعله، ولا يخلّف انطباعاً بتميّزه وتمجيده. هذه الهواجس، يبدو أن القنوات المنتجة لا تضعها في الحسبان، لاهثة وراء رفع نسب المشاهدة والإعلانات التي تجنيها من وراء ذلك، ما يضعها أمام محك أخلاقيات المهنة، وأمام عقوبات محتملة من الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري، بل أكثر من هذا أمام إدانة شعبية من المشاهدين، وهو الأمر الحاصل اليوم.