توصل تحليل أشرف عليه مختبر الدفع النفاث في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، إلى تقدير مدى تأثير المغذّيات الموجودة في التربة في نمو النباتات في أرجاء العالم. وتساهم الخرائط الناتجة عن الأبحاث خصوصاً، في تقويم كمية ثاني أكسيد الكربون التي تتمكن الأنظمة البيئية على الأرض من امتصاصها مع ارتفاع مستوى غازات الاحتباس الحراري. واستخدم فريق البحوث برئاسة العالم في مختبر الدفع النفاث، جوش فيشر، بيانات جمعت على مدى 19 سنة بواسطة الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة «ناسا» والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوّي والأقمار الدولية، لتقويم أقصى نمو محتمل للنباتات عبر العالم، استناداً إلى ظروف توافر المياه والضوء. وقارن العلماء تلك الإمكانية القصوى المحتملة بإنتاجية النباتات. وأكد مختبر الدفع النفاث أن هذا التحليل يجري للمرة الأولى. وتظهر الخريطة التي نُشرت في مجلة «دورات إحيائية جيولوجية كيماوية عالمية» (غلوبال بيو - جيوكميكال سايكلر)، الأماكن التي كانت إنتاجية النباتات فيها أقل من الحدّ الأقصى الممكن، واستنتجت أن نمو النبات في تلك الأماكن تأثر بكمية المغذّيات المتوافرة في التربة المتاحة هناك. وجرى تقويم نتائج الدراسة باستخدام قياسات إنتاجية المغذيات والنباتات المأخوذة في مواقع التحقق من صحّة المعلومات والموجودة في هاواي. وأشار فيشر إلى أن «هناك مناطق عدة على الأرض تكافح فيها النباتات لتحقيق إنتاجيتها القصوى بسبب نقص المغذيات في تربتها، كالنيتروجين أو الفوسفور». وأوضح، أن هذا يخفض الإنتاجية العالمية للنباتات بمقدار الربع تقريباً، مقارنة بالنباتات المزروعة في تربة كاملة الخصوبة. ومن الممكن هذه الخريطة أن توفر معلومات قيّمة لدعم الجهود العالمية والأميركية لضمان الأمن الغذائي ومكافحة تغير المناخ. ويشكل ضمان الأمن الغذائي عبر العالم ومحاربة الجوع ركيزتين رئيستين في السياسة الخارجية الأميركية. فالمبادرة الأولية للحكومة الأميركية المتعلقة بالأمن الغذائي والجوع العالمي (الغذاء للمستقبل)، تتضمن مكوناً رئيساً يركز الاهتمام على مساعدة المزارعين في تحسين إنتاجيتهم. وتعمل الجهود الأميركية لضمان الأمن الغذائي بالشراكة مع دول ومنظمات دولية أخرى، من بينها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو). وحذّر المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة جاك ضيوف في أيلول (سبتمبر) العام الماضي، من أن الضغوط على موارد التربة عالمياً وتدهور حال الأراضي باتت تهدد الأمن الغذائي العالمي. ودعا إلى بذل جهد دولي متجدد لتأمين تربة خصبة وسليمة. دورات الكربون واعتبر فيشر أن البحوث حول إنتاجية النباتات مهمة لدرس الدورة الكربونية العالمية. وأوضح أن معظم النماذج العالمية الحالية لدورة الكربون لا تأخذ في الاعتبار تدوير المغذيات، لذلك يتوقع أن يمتصّ الغلاف الأرضي الإحيائي (الغابات وغيرها من الأنظمة الأيكولوجية)، كمّية متزايدة من ثاني أكسيد الكربون الجوّي. واكتشف الفريق أن الغابات الاستوائية تعاني نقص المغذيات أكثر من الغابات المحاذية للأنهار، أما غابات أميركا الشمالية فتعاني أكثر من الغابات الأوراسية. وكانت السافانا والأراضي العشبية والأراضي التي تكسوها الشجيرات تتضمن أقل كمّية من المغذيات، في حين أن أراضي زراعة المحاصيل كانت تتضمن أعلى نسبة من المغذيات. وقال الكاتب المشارك في البحث غريسون بادغلي من جامعة «ستانفورد» في ولاية كاليفورنيا «تمكنا من اكتشاف تدرجات إقليمية معروفة في مستويات المغذيات عبر منطقة الأمازون، واختلافات في درجات الخصوبة بين الدول المتقدمة والنامية، وهجرة الأشجار في الغابات المجاورة للأنهار في أميركا الشمالية، على سبيل المثل». ولاحظت الكاتبة المشاركة في البحث إليانور بلايث، (من مركز علم البيئة والمياه البريطاني) أن «من المثير للاهتمام أن نتمكن من استخلاص فكرة عن الدورات العالمية للمغذيات، استناداً إلى مشاهدات الأقمار الاصطناعية للمياه ودورات الكربون العالمية». وتضمنت بيانات الأقمار، المستخدمة في هذه الدراسة والمقدمة من وكالة «ناسا»، معلومات من مقياس الطيف التصويري المعتدل الوضوح الموجود في المركبة الفضائية «تيرا» التابعة لوكالة «ناسا».