في ساعات متأخرة من الليل...في الثالثة أو الرابعة فجراً، بعد طريق سفر طويل، يصل مسافر إلى الفندق «منهكاً»، لا يكاد يرى، لا يذكر أين ركن سيارته، يبحث عن الراحة؛ فيطلب من موظف الاستقبال في الفندق سريراً، يحصل على مفتاح غرفته ويمضي... هذا الذي أعطاه ذلك المفتاح «الضرورة» في تلك اللحظات، أعطى قبله آخرين، وبعده أيضاً، ليظل واقفاً يكاد السهر يطوي جفونه، يوزع المفاتيح ويمنح الأسرة، ولا سرير له في مكان مليء بغرف النوم «المريحة». وبينما يقضي مستأجرو الغرف لياليهم بكل راحة وهدوء، يحاول موظف الاستقبال مقاومة النوم على طاولته العالية، يساعده في ذلك تتابع الباحثين عن راحة، وصوت جرس يعلن زائراً جديداً، وربما سرق غفوة في ساعة حظ لم يزره فيها زائر. لا يكترث غالبية نزلاء الفنادق ب «مسلّم المفاتيح» الأكثر سهراً في «فندق» ممتلئ بغرف النوم، بل على العكس، فالواقفون وراء الطاولة العالية مطلوب منهم على الدوام أن يكونوا ودودين ممتلئين بالنشاط.. والأهم ألا يظهر النعاس على وجوههم المرهقة. مصطفى حسني (29 عاماً) موظف استقبال في أحد الفنادق، يقف طوال الليل سهراناً لخدمة النزلاء في الفندق، يقول: «أنا أعمل في فترة المساء حتى الخامسة فجراً وينتابني النوم بين الفينة والأخرى». ويعترف حسني بمحاولته سرقة بعض الأوقات لكي ينام فيها: «أحاول النوم لدقائق معدودة، لكنني أعيش عذاباً عندما أبدأ في النوم ويرن جرس الاستقبال المزعج، أو يرن هاتف المكتب لسؤال من طراز: «كيف أفتح الثلاجة؟». يرى عبدالسلام أمين (32 عاماً) أن عمله كموظف استقبال في كفة والإرهاق الذي ينتج من سهره في كفة أخرى «العمل في هذه الوظيفة مرهق جداً، فأنا أقدم غرف نوم للآخرين وأنا أكثر من يستحقها». ويضيف أمين أن موظف استقبال الفنادق يجب أن يتم اختياره بعناية كبيرة، حتى لا يفقد سيطرته غضباً على الزبائن «يجب أن يكون صبوراً ومحباً للسهر، فالعديد من الزبائن يأتون في حال إرهاق ليلاً ويجب أن يتم استقبالهم بشكل جيد وبوعي تام لتلبية حاجاتهم».