حين تصدر لجنة التحقيق في انفجار ناقلة الغاز بيانها سنكون قد «تكيّفنا» مع حادثة مفجعة قتلت وحرقت وروّعت وفضحت، وقتها نكون انشغلنا بقضايا أخرى والإعلام معنا، ولن نعلم هل تم إصلاح الأسباب أم لا. التأخر في تسديد الفواتير يراكمها لتأتي لحظة حرجة تتراجع فيها القدرة على التسديد، الأمر ينطبق على الأشخاص والشركات والحكومات أيضاً. لنأخذ شركة الغاز والتصنيع الأهلية نموذجاً، تأخرت الشركة في إصلاح أمورها بالتخطيط المستقبلي لتصدمها فاتورة ضخمة دفعة واحدة، انفجار الصهريج فتح العيون المغمضة على كل شيء له علاقة بالغاز، فتحت ملفات محطات الغاز في جدة والشرقية وغيرها من ملفات، تنعّمت الشركة فترة طويلة ولم تفكر إدارتها في المستقبل، وهي هنا ليست سوى نموذج «عود من عرض حزمة». التفتيش في كل حلقة من سلسلة الجهات المسؤولة قضية جوهرية، إذا أردنا بناء نظام سلامة حقيقي وفعّال يحترم قيمة الحياة والإنسان، وإلا سنبقى على حالنا، نصحو على حادثة ونشكّل لجنة تقدم وعداً بالتحقيق، وعلى ذكر اللجان، رئيس لجنة النقل بمجلس الغرف التجارية محمد النفيعي، حمّل وزارة النقل مسؤولية انفجار الصهريج، في تصريح صحافي قال: «اللجنة عقدت ورشة عمل في 27 من جمادى الأولى 1432ه، برعاية وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري، وقد خرجت اللجنة بتوصيات عدة، أهمها: إيجاد خطوط سير خاصة بتنقّل شاحنات نقل المواد الخطرة، التي تعبر مدينة الرياض». ورش العمل والمؤتمرات لا قيمة حقيقية لها، فهي تنتهي بانتهاء الحفلة، التوصيات معدّة مسبقاً تخرج من الأدراج لتعود لها بعد الاستمتاع بالصور التذكارية، فهي المنجز الوحيد الجديد مع أخبار صحافية تمتدح الجهود النشطة. لكني ما زلت أقول إن المسؤولية مشتركة، وهذا لا يعني ضياعها وتشتتها، أو الاختباء وراء السائق أو الشركة، بل تحديدها لإصلاح كل حلقات سلسلة المسؤولية. وإلا كان يجب علينا محاكمة الغاز نفسه - مادة الغاز- وتحميلها المسؤولية، هذه المادة المتطايرة لم تخجل من أناس استخرجوها من سجنها فانفجرت في قلوبهم. www.asuwayed.com @asuwayed