حذر خبراء اقتصاديون من اعتماد الاقتصاد السعودي على الشركات العائلية، مؤكدين أنها أساس الاقتصاد السعودي والنواة التي تساعد على تنوع مصادر الدخل القومي، ولابد من حمايتها، وتحويلها الى شركات مساهمة حفاظا عليها من مشكلات الجيل الثالث من أصحابها. وبحسب الإحصاءات فإن الشركات العائلية تمثل 97 في المئة من مجموعة الشركات في السعودية. واعتبر أستاذ الإدارة والتسويق الدولي في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حبيب الله التركستاني أن الشركات العائلية أساس الاقتصاد السعودي لأن جميع المؤسسات الاقتصادية والموجودة في المملكة مبنية على أساس مشاريع خاصة وعائلية، سواء كانت تجارية أو صناعية أو خدمية، وتعتبر هذه الشركات من أهم ما يرتكز عليه الاقتصاد وهو النواة التي منها تتنوع مصادر الدخل القومي منى دون الاعتماد على مصدر واحد فقط للاقتصاد المحلي». وأشار إلى أن أهم المخاطر التي تواجه هذه الشركات هى المشكلات التي تنشأ بين الأجيال والورثة ما يؤدي الى تعطيل استمرارية الشركات وتحويلها لشركات أخرى، مشيراً إلى وجود مؤسسات فردية عائلية يصعب على الورثة تحويلها لشركات بسبب الخلافات والبيروقراطية الموجودة في عملية «التحويل» ما يؤثر في الاقتصاد الوطني لأن كثير من المشاريع توقفت بسبب رحيل صاحب المنشأة ومؤسسها. واقترح التركستاني تحويل الشركات العائلية إلى شركات مغلقة لتضمن حقوق الأبناء والورثة، وعلى من لا يرغب في الاستمرار بيع أسهمه. من جهته أوضح رئيس استشارات الجودة الاقتصادية الدكتور محمد شمس أن: «جميع الشركات العائلية لها مميزات وسلبيات، ومن أهم مميزاتها أن قراراتها تتخذ بشكل سريع وتنفذ من خلال مجلس الإدارة بينما قرارات الشركات المساهمة والحكومية تأخذ وقت طويلاً وبطيئاً في اتخاذ القرار وتنفيذه، وأن معظم الابتكارات التي حصلت في العالم جاءت من خلال الشركات العائلية، لأن الكفاءة الإدارية والإنتاجية أعلى من الشركات الأخرى، ولأن لديهم البحث والتطوير ما يؤدي إلى زيادة الربح»، مشيراً الى أن «الشركات المساهمة أقل كفاءة، والعاملين فيها يبحثون عن الراتب وليس لديهم مفهوم الربح والخسارة وزيادة الإيرادات وخفض التكاليف، وتتعرض لهزات اقتصادية نتيجة ارتفاع وانخفاض أسعار الأسهم، أما الشركات العائلية معزولة عن موضوع سوق الأسهم والاضطرابات التي تحصل في السوق». وقال إن سلبيات الشركات العائلية تكمن في الجيل الثاني والثالث ما قد يؤدي إلى انهيارها ويؤثر في الاقتصاد الوطني، خاصة أن هذه الشركات توظف عمالة ضخمة وعند انهيارها تلغى الوظائف ويزيد معدل البطالة. ويرى شمس أن: «الحل الأنسب للحفاظ عليها من الانهيار مراقبة الغرف التجارية لها و تقديم الحلول وتحليل مشكلات هذه الشركات، ولو عجزت عن ذلك تقوم وزارة التجارة بذلك لأن في ذلك مصلحة وطنية تؤثر في اقتصادنا، فيجب أن تكون هذه الشركات تحت مراقبة الدولة بطريقة غير مقيدة حتى لا يتأثر الناتج الوطني، ويمكن أن تتحول هذه الشركات إلى شركة مساهمة مغلقة لتحافظ على كيانها واستقلالها من أي تدخل خارجي، والأفضل أن تكون شركة مساهمة بدخول أفراد العائلة بأكبر قسط لتكون قرارات مجلس الإدارة بيد العائلة ولهم القرار الأكبر والنصيب الأعلى في الأسهم، ولو تم تنفيذ النظام الأمريكي «دويل» سيكون هذا أفضل الحلول من انهيار الشركات العائلية». ومن جانبه أضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي أن: «جميع الشركات العائلية تؤثر في الاقتصاد السعودي بشكل كبير خصوصاً الصناعية، بزيادتها الإنتاج القومي ورفعها للنشاط الاقتصادي الوطني، أما المجال التجاري فيجذب البضائع من الخارج ولا يزيد من قيمة الإنتاج المحلي بل يضيف قيم للإنتاج عن طريق إحلال الواردات باستيرادها». وأشار فيلالي إلى أن: «مؤسسي الشركات العائلية يبذلون جهوداً كبيرة لنجاح شركاتهم، ويأتي من بعدهم الأبناء ليضيعوا التضحيات والجهود التي بذلت بالاختلافات التي تحدث فيما بينهم، وهذا يؤدي إلى انهيارها وإنهائها في بعض الأحيان». ويقول فيلالي أن: «أفضل الحلول لعدم انهيار الشركات العائلية أن تتحول هذه الشركات في حياة المؤسسين إلى شركات مساهمة، ويكون نصيب الأبناء عبارة عن أسهم بحيث لو رغبوا في البيع أو الخروج من السوق يتم بيع هذه الأسهم ويبقى كيان الشركة ثابت ومستمر». ومن جهته أوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد المالكي أن: «مصطلح الشركات العائلية مصطلح عرفي لا وجود له في نصوص نظام الشركات السعودي ولا غيره من قوانين الشركات المقارنة ويعود السبب في شيوع هذا المصطلح إلى تكوين بعض الشركات من شركاء ينتمون إلى عائلة واحدة كالأب وزوجته وأبنائه». وأوضح أن: «أبرز المشكلات التي تثور في الشركات التي يكون الشركاء فيها من عائلة واحدة تتعلق بإدارة الشركة وصلاحيات المدير، وكذلك في أحوال تصفية الشركة والتخارج منها وقد بين النظام وما استقر عليه أحكام الدوائر التجارية في منازعات الشركات أسباب انقضاء كل نوع من أنواع الشركات والطرق الفعالة لتصفيتها أو التخارج منها، والتي تضمنت حقوق دائني الشركة وموظفيها والشركاء فيها».