بعد نحو شهرين على اكثر الانتخابات الرئاسية إثارة للجدل في تاريخ الجمهورية الإسلامية، أدى الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد أمس اليمين الدستورية في مجلس الشورى (البرلمان) لولاية رئاسية ثانية من أربع سنوات، فيما كانت الشرطة تشتبك في محيط مقر المجلس مع متظاهرين احتجوا على نتائج الاقتراع. كما تحدث المرشح الإصلاحي الخاسر مير حسين موسوي عن «ولادة شعور وطني عارم في فترة الانتخابات»، مؤكداً رفضه اتهامات المحافظين لأنصاره بالسعي الى تنفيذ «ثورة مخملية». جاء ذلك في وقت أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ان سياسة الولاياتالمتحدة «ستبقى على حالها» بعد أداء نجاد اليمين الدستورية. وتابعت ان «الشخص الذي تسلم منصبه اليوم (الأربعاء)، سيُعتبر الرئيس (بالنسبة الى واشنطن)، لكننا مقدرون ومعجبون بالمقاومة المستمرة والجهود التي يبذلها الإصلاحيون من أجل إحلال تغييرات يستحقها الشعب الإيراني». وبعد يوم على اعتباره نجاد «الزعيم المنتخب» لإيران، قال الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس انه اخطأ في التعبير عما أراد قوله. وأضاف: «دعوني أصحح قليلاً ما قلته أمس (الثلثاء). دلّيت الى ان السيد نجاد هو الزعيم المنتخب لإيران. أقول انه لا يعود إليّ إصدار حكم في هذا الشأن. نجاد نُصّب رئيساً، وهذا واقع. اما إذا كانت أي انتخابات نزيهة، فمن الواضح ان الشعب الإيراني ما زال يطرح أسئلة حول هذا الأمر، وسندعه يقرر في هذا الشأن». وكما كان متوقعاً، غاب عن جلسة مجلس الشورى التي حضرها كبار المسؤولين مدنيين وعسكريين، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني والرئيس السابق محمد خاتمي، إضافة الى الرئيسين السابقين للبرلمان اكبر ناطق نوري ومهدي كروبي، وموسوي والمرشح المحافظ محسن رضائي. وتركت الكتلة الإصلاحية في البرلمان لأعضائها حرية المشاركة في الجلسة التي أعلن رئيس المجلس علي لاريجاني ان 273 نائباً من اصل 290 حضروها. لكن موقعاً إلكترونياً تابعاً للكتلة الإصلاحية في المجلس، أفاد بأن 13 نائباً إصلاحياً فقط من اصل 70، حضروا الجلسة. وأوضح ان بعضهم انسحب، لدى بدء نجاد قراءة خطابه. واعتبر نجاد في خطابه ان «ملحمة الانتخابات الرئاسية هي بداية تغييرات مهمة في إيران والعالم»، مشدداً على ضرورة ان «يكون الجميع على طريق الوحدة»، وأكد ان الحكومة «ستقاوم أي انتهاك للقانون وأي تدخل». ورد نجاد على قرار واشنطن وباريس ولندن وبرلين، عدم تهنئته بإعادة انتخابه، قائلاً: «الإيرانيون لن يكترثوا لمزاجكم ولا لمعاكساتكم، كما لن يكترثوا لابتساماتكم وتهانيكم». وتعهد «مقاومة (قوى) الاستكبار»، مجدداً الحديث عن ضرورة ان تمارس إيران «دوراً فاعلاً في إدارة شؤون العالم». وفيما كان نجاد يؤدي اليمين في البرلمان، تظاهر مئات من المعارضين قرب المجلس، مرددين: «الموت للديكتاتور». وقمعت شرطة مكافحة الشغب ومتطوعو «الحرس الثوري» (الباسيج) التظاهرة، مستخدمين هراوات ورذاذ الفلفل، كما نقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن شهود تأكيدهم اعتقال نحو عشرة محتجين. وتمركز نحو 5 آلاف عنصر أمني، معهم كلاب مدربة، في ساحات مركزية في العاصمة، تحسباً لتظاهرات أخرى. إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بأن الجلسة الثانية من محاكمة مئة إصلاحي متهمين بإثارة الاضطرابات، وبأداء نجاد اليمين الدستورية، ينتهي الفصل الأخير من فصول الانتخابات الرئاسية، ليُفتح فصل آخر لا يقل أهمية، اذ لدى الرئيس الإيراني مهلة أسبوعين لتقديم تشكيلته الوزارية التي ستواجه استحقاقات معالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، فيما تنتظرها ملفات الوضع الإقليمي والبرنامج النووي والعلاقات مع الولاياتالمتحدة. وطالب رئيس المجلس علي لاريجاني بأن تكون التشكيلة الوزارية في إطار «برنامج واضح يسير وفق الأطر القانونية»، مشدداً على «ضرورة اختيار الوزراء على أساس الكفاءة والخبرة، بما يجعلهم قادرين على تحمل المسؤولية»، كي ينالوا ثقة البرلمان. وبعد ساعات على أداء نجاد اليمين، قال موسوي عبر موقعه الإلكتروني: «شاهدت ولادة شعور وطني عارم في فترة الانتخابات، وحّد جماعات مختلفة من المجتمع». وأضاف: «اعتقد البعض بأن المسألة ستُسوى باعتقال من ظنوا انهم قادة التظاهرات، لكن الحركة الاحتجاجية تواصلت وأثبتت عدم جدوى الاعتقالات». ورفض اتهامات المحافظين بسعي أنصاره الى قيادة «ثورة مخملية». وقال ان هذه الاتهامات «لا أساس لها، والأحداث في إيران داخلية ولا علاقة لها بالخارج». في المقابل، اتهم علي اكبر قريشي ممثل محافظة اذربيجان الغربية في مجلس خبراء القيادة، موسوي وخاتمي بالعمالة للولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.