أعرب الوسيط الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي الأربعاء في بكين عن أمله في أن تلعب الصين «دوراً نشطاً» من أجل المساهمة في وقف العنف في سورية، لدى لقائه وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي. وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي في وزارة الخارجية بحضور يانغ جيشي، إنه يأمل في أن «تتمكن الصين من لعب دور نشط في إيجاد حل للأحداث في سورية»، من دون إضافة أي تفاصيل أخرى. وتتحفظ الصين عموماً عن أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. واستخدمت الصين وروسيا حق الفيتو لتعطيل استصدار قرارات عن مجلس الأمن تهدف إلى الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لوقف العنف. من جهة أخرى، شكر يانغ الإبراهيمي على العمل الذي يقوم به، مبدياً أمله في أن تدفع محادثاتهما، وهي الثالثة خلال شهرين، في اتجاه «تفاهم متبادل» و «معالجة ملائمة للملف السوري». ولم تكشف الخارجية الصينية مضمون المحادثات لكنها كررت القول إن بكين ستدفع في اتجاه «حل سياسي في سورية». وقال المتحدث باسم الخارجية هونغ لي، إن «الصين تلعب دوراً مهماً وإيجابياً في الدفع في اتجاه حل سياسي للقضية السورية وستواصل العمل مع المجموعة الدولية». وكان وزير الخارجية الصيني أكد أيضاً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي في نيويورك، أن «الحوار السياسي هو الوسيلة الوحيدة الصحيحة لمعالجة هذه المسألة». وقال إن أي انتقال سياسي يجب أن يقوده الشعب السوري وليس أن تفرضه قوى خارجية. كما التقى يانغ بثينة شعبان المبعوثة الخاصة للرئيس السوري في آب (أغسطس) واستقبل وفداً من المعارضة في الشهر التالي، وشدد في اللقاءين على أهمية الحوار، وفق ما أفادت وزارة الخارجية على موقعها الإلكتروني. وحذر وزير الخارجية المعارضة السورية من أي عملية انتقالية بقيادة قوى خارجية، فيما قال لبثينة شعبان إن على طرفي النزاع التجاوب مع جهود الوساطة الدولية. ويقول محللون إن تمنع الصين عن دعم تحرك في سورية ناجم عن استيائها من التدخل العسكري الغربي في ليبيا خلال الثورة العام الماضي، والذي أدى إلى الإطاحة بالزعيم معمر القذافي. وعارضت الصين العمل العسكري في ليبيا، لكنها لم تستخدم حق النقض في آذار (مارس) 2011 ضد قرار في مجلس الأمن يجيز التدخل العسكري. وهي ترى أن الغرب تجاوز صلاحياته الواردة في هذا القرار. وقال مايكل ستيفنز، المحلل في معهد «رويال يونايتد سيرفيسيز» ومقره في قطر، إن الصين خففت دعمها للأسد خلال النزاع. وأضاف: «كان هناك دعم مفتوح للأسد، وقد تغير ذلك الآن إلى محاولة إيحاد حل»، مضيفاً: «لقد نددوا بالعنف من الطرفين». ومن المتوقع أن يقدم الإبراهيمي، الذي خلف الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان بعدما تخلى عن مهمته في سورية مندداً بعدم حصوله على دعم دولي، اقتراحات جديدة لتسوية النزاع في سورية الشهر المقبل في مجلس الأمن. وتأتي زيارة الإبراهيمي إلى الصين، التي استغرقت يومين وتنتهي الأربعاء، بعد لقائه في موسكو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإثنين، حيث حذر عقب اللقاء من أن الوضع في سورية يسير «من سيء إلى أسوأ»، معبراً عن خيبة أمله لفشل الهدنة التي دعا إليها خلال أيام عيد الأضحى الأربعة. وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف: «لقد قلت سابقاً وأكرر، إن الأزمة السورية خطيرة جداً، والوضع يسير من سيء إلى أسوأ». وأضاف: «إذا لم تكن هذه حرباً اهلية، فلا ادري ما هي الحرب الأهلية»، بعد الإشارة إلى امرأة سورية يحارب ابناها كلٌّ مع أحد طرفي النزاع، مضيفاً: «هذه الحرب الأهلية يجب أن تنتهي». وكانت روسيا ساندت دعوة الإبراهيمي إلى الجيش السوري ومسلحي المعارضة لوقف المعارك خلال عيد الأضحى. وفي الوقت نفسه نفت بكين بشكل قاطع اعتماد موقف مؤيد لنظام دمشق وضد المعارضة، مؤكدة أنها تنشط من اجل حل مقبول من الاطراف كافة. في المقابل تتهم بكين الدول الغربية بتقويض أي حل سياسي لهذا النزاع. ويصل الإبراهيمي إلى القاهرة اليوم ويلتقي الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي للتشاور حول تطورات الأزمة في سورية. وقال العربي في تصريحات صحافية عقب محادثات أجراها أمس مع وزيرة خارجية باكستان هينا راباني خار حول اقتراح وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم عقد اجتماع للجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية: «ربما هناك اجتماع لكن لم يتحدد بعد». وكشفت مصادر ديبلوماسية عربية في القاهرة عن ترتيبات لعقد اجتماع للجنة برئاسة قطر في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل على هامش اجتماع مجلس الجامعة برئاسة لبنان في اليوم نفسه قبيل أربع وعشرين ساعة من الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية العرب والأوروبيين في القاهرة. وصرح مندوب الكويت الدائم لدى الجامعة السفير جمال الغنيم بأن الاجتماع سيناقش أربع قضايا رئيسية الأولى تطورات الأوضاع في سورية، والثانية تطورات القضية الفلسطينية، والثالثة التحضير العربي النهائي لمؤتمر الأممالمتحدة نحو إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، والقضية الرابعة هي التنسيق العربي بشأن إعلان القاهرة الذي سيصدر عن الاجتماع المشترك الثاني لوزراء الخارجية العرب ودول الاتحاد الأوروبي. وأشار الغنيم إلى أن مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين سيعقد اجتماعًا له الاثنين المقبل لمواصلة تحضيرات عقد الاجتماع الوزاري المشترك.