استقر 3.1 مليون حاج، بحسب أرقام مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية أمس، في مشعر الله الحرام منى الذي وصلوا إليه مع إشراقة صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك رجالاً وركباناً من مشعر المزدلفة، لينعموا بكل أنواع الخدمات برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعلى أيدي مئات الألوف من السعوديين في مختلف الأجهزة والجهات الحكومية المعنية بخدمة ضيوف الرحمن. وأدى الحجاج أمس نسك رمي جمرة العقبة في انتظام سلس وتدفق منساب من دون تدافع في منشأة الجمرات ذات الطبقات الأربع. وما إن فرغوا من الرمي، حتى أقبلوا على الحلق أو التقصير، للتحلل الأول من الإحرام، ثم ذهبوا إلى مكةالمكرمة حيث طافوا حول الكعبة المشرفة طواف الإفاضة، وسعوا بين الصفا والمروة، وبعد ذلك نحر الهدي من عليه هدي من الحجاج. واكتمل وصول مواكب حجاج بيت الله الحرام إلى منى أمس واستقروا في أماكنهم، مكبرين مهللين بعدما منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات والمبيت في مزدلفة، وسط أجواء روحانية مفعمة بالسكنية والخشوع، تحفهم عناية الرحمن، في ظل ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين من خدمات ورعاية في مختلف المجالات وتجنيد الطاقات البشرية والآلية لتحقيق كل ما يمكنهم من أداء مناسكهم بكل يسر وأمان وراحة واطمئنان. ورمى الحجاج أمس جمرة العقبة فقط، وهي التي تلي مكة اتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعدما فرغوا من الرمي شرعوا في الحلق أو التقصير للتحلل الأول من الإحرام، ثم طافوا طواف الإفاضة وسعوا بين الصفا والمروة، وبعدها نحروا الهدي لمن عليه هدي من الحجاج. ويواصل ضيوف الرحمن إكمال مناسكهم أيام التشريق الثلاثة إلا من تعجل منهم، فبإمكانه الذهاب إلى الحرم المكي الشريف ليطوف طواف الوادع بعدما يرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة لقوله تعالى: «فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه». وخلال أيام التشريق يرمي الحجاج الجمرات الثلاث ابتداء بالجمرة الصغرى ومن ثم الوسطى وأخيراً جمرة العقبة الكبرى. وبلغ عدد الحجاج لموسم حج هذا العام 3161573 حاجاً من داخل المملكة وخارجها. وأكد البيان أن الغالبية العظمى من حجاج الداخل هم من المقيمين غير السعوديين. وقامت جموع ضيوف الرحمن منذ فجر يوم أول أيام عيد الأضحى المبارك بأداء نسك رمي الجمرات في مشعر منى برمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات، في انتظام سلس، وحركة هادئة، وانسيابية في تنقل الحجيج من مواقع إقامتهم في منى وفق خطة التفويج المعدة لذلك، من دون تزاحم أو تدافع بحمد الله في الطبقات الأربع لجسر الجمرات، مع توافر كل الخدمات الأمنية والصحية والإسعافية والنظافة والخدمات الأمنية والدفاع المدني، إلى جانب رجال الأمن القائمين على تنظيم حركة الحجيج في ساحات جسر الجمرات وعلى مداخله ومخارجه. وأوضح قائد قوات الطوارئ الخاصة اللواء خالد بن قرار الحربي أن تدفق الحجاج من منشأة الجمرات بدأ منذ الساعة الثانية فجر الجمعة واستمر حتى السادسة صباحاً، ومن ثم بدأت ترتفع الكثافة بشكل ملحوظ حتى منتصف النهار. وقال «إن الطابق الثالث من منشأة الجمرات شهد زيادة في كثافة الحجاج لقدومهم من النفق الجديد الموصل بالمعيصم الذي يوجد فيه نحو 30 في المئة من إجمالي الحجاج، مشيراً إلى أن حركة ضيوف الرحمن من منى إلى المشعر الحرام تسير بشكل جيد وبمتابعة من أفراد قوات الطوارئ. وأشار إلى أن 10500 فرد من قوات الطوارئ الخاصة يشرفون على سلامة الحجاج في منشأة الجمرات، إلى جانب الكوادر العاملة الأخرى. وضخت شركة المياه الوطنية السعودية أكثر من مليون متر مكعب من المياه في شبكة المشاعر المقدسة في الفترة من 6 إلى 10 ذي الحجة، استهلك ضيوف الرحمن منها اليوم 315 ألف متر مكعب. وأوضحت الشركة في بيان أمس أن الوضع التشغيلي لقطاعي المياه والمعالجة البيئية بمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة يسير وفق الخطط المعدة مسبقاً التي وضعت منذ وقت باكر. وأعلنت وزارة الصحة السعودية أن 294223 حاجاً راجعوا المستشفيات والمراكز الصحية بالمشاعر المقدسة ومكةالمكرمة حتى صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك. وقدمت المستشفيات خدماتها إلى 111237 حاجاً منهم 64735 مريضاً عن طريق العيادات الخارجية، فيما استفاد 46502 مريض من الخدمات الإسعافية. وأوضح البيان الإحصائي اليومي لوزارة الصحة أن 182986 حاجاً استفادوا من خدمات الرعاية الصحية الأولية بالمراكز الصحية بالمشاعر المقدسة والعاصمة المقدسة والمدينة المنورة خلال الفترة نفسها. وأفاد البيان بأن 2230 مريضاً دخلوا أقسام التنويم بمستشفيات الوزارة العاصمة المقدسة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة خلال الفترة المذكورة، وأن 1695 مريضاً من الحجاج غادروا أقسام التنويم بمستشفيات الوزارة. وأشار إلى أن عدد الحجاج المنومين المتبقين بمستشفيات الوزارة بكل من العاصمة المقدسة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة حتى أول أيام عيد الأضحى المبارك بلغ 1056 مريضاً، فيما بلغ عدد حالات الإرهاق الحراري 29 حالة فقط. وتوقع البنك الإسلامي أن يحقق هذا العام رقماً قياسياً قد يتجاوز ما حققه العام الماضي البالغ 1.4 مليون رأس من الأغنام، لاكتمال منشأة المجازر، وتزايد إقبال الحجاج على تنفيذ الهدي والفدي عبره بطريقة منظمة ومفيدة للمسلمين في أنحاء العالم كافة، وسط استعدادات مكثفة من البنك الإسلامي الذي قام في يوم عرفة بتنفيذ تجربة تشغيل للتأكد من جاهزيته. وبدأت المجازر التابعة لمشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي صباح أمس استقبال الحجاج الذي سيكملون مناسكهم بذبح الأضاحي والهدي والفدي، تقرباً لله تعالى وسط استعدادات قام بها المشروع الذي يشرف عليه البنك الإسلامي للتنمية. واستقبل المشروع الذي انطلق في حج عام 1403ه حتى حج العام الماضي أكثر من 16 مليون ذبيحة بإشراف مباشر من البنك الإسلامي للتنمية الذي أوكلت إليه مهمة الإشراف على المشروع، فيما نفذ العام الماضي ذبح نحو 1.4 مليون رأس من الأغنام. وقال المفتي العام للسعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أمس: «إن الافتراش أذى للحجاج، وهو من الضرر الذي يجب الابتعاد عنه». ونصح حجاج بيت الله الحرام أن يتقوا الله في جميع أعمالهم ويراعوا أداء المناسك بكل خشوع وطمأنينة وأن يعطوا الطريق حقه، وينبغي إفساح الطريق وكف الأذى لقول الرسول (صلعم) «إياكم والجلوس على الطرقات، فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها؛ غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر». وعلق المفتي العام للمملكة، في تصريح إلى وكالة الأنباء السعودية، على من يمارس الافتراش أنه من الإيذاء، وهو من الإيذاء المتعدي للغير والضرر، ومن الواجب الابتعاد عن ممارسة مثل هذا السلوك.