حشدت السعودية إمكاناتها الأمنية والبشرية والمادية لتصعيد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى اليوم (الأربعاء)، حيث يقضون «يوم التروية»، اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، استعداداً للوقوف على صعيد عرفات الطاهر غداً (الخميس) وسط تفاؤل من مسؤولي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأن المشاريع الضخمة التي أنجزت هذا العام ستؤدي إلى تسهيلات أكبر في أداء المناسك، خصوصاً العمليات اللوجستية في التصعيد إلى منى وعرفات والنفرة من عرفات إلى مزدلفة ومنى ثم مكةالمكرمة. وأعلنت السعودية أن عدد الحجاج الواصلين من الخارج بلغ حتى نهاية الاثنين مليوناً و746 ألف حاج، بنقص نسبته 4 في المئة عن الفترة نفسها من السنة الماضية. وأكدت الجهات الأمنية أنها لم ترصد «أي شعارات سياسية» في حج هذا العام. (للمزيد) وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي أمس «لم نرصد أو نتعامل مع أي أمر غير عادي إطلاقاً. ولم نرصد أي مخالفة لما أتى من أجله حجاج بيت الله الحرام». وذكر في مؤتمر صحافي أمس أن نحو 85 في المئة من الحجاج اتجهوا إلى منى، وأكد استعداد الجهات المعنية بخدمة الحجاج لنقل أكثر من مليوني حاج إلى مشعر منى، بأكثر من 18500 حافلة، إضافة إلى قطار المشاعر المقدسة الذي سينقل نحو 24.4 في المئة من عدد الحجاج أيام التروية والتصعيد. وفي سياق سعي السعودية لمكافحة الظواهر التي تؤثر في راحة الحجاج، أعلن المتحدث باسم مديرية الجوازات العقيد بدر المالك أمس أن السلطات أعادت 60 ألف شخص من منافذ ونقاط ومراكز مداخل مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لا يحملون «تصاريح حج». وحذر من أن التعليمات بحق من ينقلون حجاجاً غير نظاميين لا يحملون تصاريح حج تتضمن الغرامة والسجن والإبعاد بالنسبة إلى المقيمين. وقال مسؤولو الدفاع المدني إنهم نشروا 25700 رجل في المشاعر المقدسة لمواجهة أي طوارئ محتملة. وأكد قائد الدفاع المدني في مشعر منى اللواء سعيد القرني أن 100 فرقة ميدانية متخصصة في الإنقاذ والإطفاء والإسعاف والإخلاء جاهزة لأي طارئ في أرجاء المشعر في يوم التروية وطوال أيام التشريق. وأشار بوجه خاص إلى تحسب قواته من احتمالات وقوع حرائق، بما يتطلبه ذلك من إجراءات للسلامة والوقاية. وقال مدير الدفاع المدني في السعودية الفريق سعد التويجري أمس إن المخاطر التي تتحسب منها قوات الدفاع المدني تشمل السيول والأمطار والحرائق وانهيارات المباني والهزات الأرضية وتسرب المواد الكيماوية، والانهيارات الصخرية، وحوادث الأنفاق، والتلوث البيئي، والتسمم الغذائي. وتشارك 6900 آلية و19 طائرة عمودية في استعدادات الدفاع المدني السعودي لاحتشاد ملايين الحجاج في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. وفيما أعلنت وزارة الصحة السعودية بدء تشغيل عشرات المراكز الصحية والمستشفيات في منطقة المشاعر المقدسة بطاقتها القصوى اعتباراً من اليوم، قال القطاع المصرفي السعودي إن 377 فرعاً لمصارف في مكةالمكرمة و77 في المدينةالمنورة ستقدم خدماتها إلى الحجاج على مدار الساعة عبر مئات من أجهزة الصرف الآلي، فضلاً عن توجيه عدد من المصارف بفتح فروعها طوال أيام الأسبوع لخدمة الحجاج. وتفقد وزير المياه والكهرباء السعودي المهندس عبدالله الحصين أمس مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم، ومرافق المياه والصرف الصحي في المشاعر المقدسة. وأكد توفير كميات المياه اللازمة للحجاج طوال فترة وجودهم في الأراضي المقدسة، بمعدل أكثر من 600 ألف متر مكعب من المياه يومياً. وعلى صعيد ثانٍ، لن يقتصر التيسير على النواحي اللوجستية، فقد أضحت المشاعر المقدسة أماكن تنعم بأعلى تقنيات الاتصالات، إذ غطتها شركات الاتصالات السعودية بخدمات «الواي فاي» والهاتف المتنقل، وتقنيات الجيل الرابع، ما يضمن توافر خدمة الإنترنت المتنقلة. يذكر أن مشعر منى هو واد تحيطه الجبال شمالاً وجنوباً، ولا يُسكن سوى فترة الحج. ونزلت فيه سورة النصر، وتمت فيه بيعتا العقبة الأولى والثانية. وفي منى رمى إبراهيم عليه السلام الحجارة وذبح فدية لولده إسماعيل عليه السلام. ويقضي الحجاج يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويستحب المبيت فيه تأسياً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويصلي فيه الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً من دون جمع. ويعودون إلى منى صباح اليوم العاشر من ذي الحجة، بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر ومبيتهم في مزدلفة. ويقضي الحجاج أيام التشريق الثلاثة في منى لرمي الجمرات.