ذكر رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل أن من أهم الأهداف التي يسعى إليها خلال زيارته للجزائر إعادة التقارب إلى العلاقات بين البلدين بعدما مرت بفترات توتر في أواخر سنوات حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك. ووصل قنديل إلى مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية أمس، يرافقه عشرات رجال الأعمال، ما يوحي باهتمام مصري بإعادة بعث التعاون الإقتصادي الذي كان في أوجه قبل نهاية 2009. وتكشف الزيارة أيضاً عن تعاون أمني هو الأول من نوعه، ستستفيد منه مصر في مراقبة سيناء. وتدوم زيارة هشام قنديل والوفد المصري الرفيع ثلاثة أيام. وقال قنديل إنه ينقل رسالة من الرئيس المصري محمد مرسي إلى نظيره عبدالعزيز بوتفليقة تتناول سبل تعزيز العلاقات بين البلدين. وكان في استقبال رئيس الحكومة المصرية في مطار هواري بومدين الدولي الوزير الأول الجزائري عبدالمالك سلال ووزراء الخارجية والتجارة والإعلام، إضافة إلى السفير عز الدين فهمي، سفير مصر في الجزائر، وأعضاء السفارة المصرية. ومنذ سقوط نظام حسني مبارك لم يزر الجزائر إلا مسؤول مصري واحد في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، وهو وزير الخارجية محمد كامل عمرو، وكان الأخير ضمن الوفد المرافق لقنديل في زيارته الحالية، وكذلك هاني محمود، وزير الاتصالات، وأسامة كمال، وزير البترول، وأشرف العربي، وزير التخطيط والتعاون الدولي، إضافة إلى وفد يضم 25 من رجال الأعمال من مختلف المجالات التي تهم البلدين. وتراجع تواجد الشركات المصرية في شكل لافت في الجزائر منذ أحداث مباراة كرة القدم الشهيرة بين منتخبي البلدين في تصفيات كأس العالم الماضية. ويقول سفير الجزائر السابق في مصر، عبدالقادر حجار، إن مصر كانت أول بلد أجنبي من حيث الإستثمار في الجزائر قبل الأميركيين والفرنسيين «لكن سوء بصيرة مبارك ونجليه (علاء وجمال) جعلت البلدين يدفعان ثمناً باهظاً». ويمكن لزيارة قنديل للجزائر أن تدفع بعيداً بحال الترقب التي تبديها السلطات الجزائرية إزاء تجربة «حكم الإسلاميين» في مصر وتونس. ومعلوم أن بوتفليقة هنّأ محمد مرسي بانتخابه رئيساً. وأوضح رئيس الوزراء المصري في تصريحات إلى الصحافيين أن وفد رجال الأعمال المرافقين له يريد ترجمة الرغبة في إقامة مشروعات مشتركة تقلل من البطالة في البلدين. ورداً على سؤال حول الاحتجاجات ضد حكومته في مصر، قال قنديل إن «الحكومة المصرية تعمل على رغم استمرار التظاهرات ومنها التظاهرة أمام مكتبي»، موضحاً أن «تلك التظاهرات تُعد من أجواء الديموقراطية ومن حق البعض أن يعبّر عن رأيه ولكن الحكومة الواثقة من نفسها تُعطي الصورة الإيجابية عن المناخ العام». وقال قنديل إن الهدف من زيارته للجزائر إعادة الدفء للعلاقات المتميزة بين البلدين والتي تمتد جذورها إلى «أعماق التاريخ»، وإنه «يحمل رسالة من الرئيس محمد مرسي والشعب المصري إلى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وإلى الحكومة والشعب الجزائري الشقيق للتهنئة بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر بعد ثورة سقط فيها مليون ونصف مليون شهيد». وأُعلن في مستهل زيارة قنديل عن «شق أمني» قد يكون مجالاً جديداً في علاقات الدولتين، إذ استبق السفير المصري في الجزائر عز الدين فهمي وصول قنديل بالقول إن «هناك مشروع إتفاق للتنسيق بين البلدين لمكافحة ظاهرة تهريب الأسلحة من ليبيا إلى كلا البلدين حيث وصل بعض هذه الأسلحة إلى أيدي الإرهابيين في سيناء وكذلك الأمر نفسه في الجزائر». وأشار السفير المصري إلى أن وزير الخارجية محمد كامل عمرو اتفق خلال زيارته للجزائر في تشرين الثاني الماضي على بدء حوار إستراتيجي يُعقد بالتناوب بين العاصمتين وعقد لجنة المتابعة الوزارية للإعداد لعقد اللجنة العليا التي لم تجتمع منذ عام 2008. ولفت السفير إلى أن هناك توجهات داخل الجزائر يتبناها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لزيادة البعثات التعليمية والدينية إلى الأزهر الشريف في مصر لتعليم الدعاة الجزائريين «المنهج الوسطي للإسلام»، مضيفاً أن بوتفليقة قرر زيادة التمويل الممنوح لوزارة التعليم الجزائرية المخصص للبعثات التعليمية إلى الأزهر للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراة، إضافة إلى رغبة بوتفليقة في الاستفادة من علماء الأزهر الشريف في مجال الفتوى. وطالب بإزالة بعض العقبات البيروقراطية في مصر التي تحول دون نجاح هذا المشروع، موضحاً أن 40 طالباً جزائرياً تقدموا للحصول على منح من الأزهر العام الماضي إلا أنه لم ينجح منهم سوى إثنين فقط.