ينظر الأميركي كلينت (46 سنة) بوجه عابس إلى فتيات لم يتجاوزن العشرين بعد يرتدين سراويل قصيرة (شورتات) أمام أحد مطاعم واشنطن دي سي. ويعلق هذ الأميركي «المحافظ»، على هذا المشهد بقوله لمرافقه العربي: « لا أسمح لابنتي بارتداء مثل هذه الملابس».طبعاً، حديث كلينت قد يبدو مستغرباً، لدى شريحة واسعة من سكان الشرق، إن كانوا مسلمين أو مسيحيين أو حتى بوذيين، إذ يظن هؤلاء أن كل الأميركيين متحررون. ويبدو أن فصل الصيف، يضع العائلات الأميركية المحافظة في ورطة مع بناتها، إذ جرت العادة هنا، ونتيجة لاعتدال الطقس في غالبية الولايات، أن تتحرر النسبة العظمى من الفتيات والشبان على حد سواء من ملابسهم المحتشمة، ويستبدلونها ب «الشورتات» القصيرة جداً أحياناً، أو التنانير بالنسبة الىالنساء. والحال نفسها تنسحب على نسبة كبيرة من الطلاب والطالبات الذين يدرسون فصولاً صيفية في الجامعات، إذ يحضرون إلى فصول الدراسة بملابس خفيفة أو قصيرة لا تعد محتشمة في غالبية دول الشرق. وجرت «العادة» أن يكون التحرر في الملابس مبالغاً فيه في شكل كبير لدى الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 14 عاماً وحتى منتصف الثلاثينات. أما كلينت وهو متزوج وأب لشاب وفتاة لم تبلغ ال 16، فيرى أن ارتداء الفتاة ملابس قصيرة أمراً غير مقبول. ويقول: «أنا لست متديناً ولم أزر الكنيسة منذ سنوات، وما أود قوله هنا، إن أخلاقي ترفض أن ترتدي ابنتي مثل هذه الملابس». ويقر الأب بأنه لا يستطيع إجبار ابنته على ما لا ترغب فيه، خصوصاً إذا بلغت ال18، ويضيف: «لكن أنا مقرب جداً من ولديّ، وتحظى نصائحي بقبولهما»، مؤكداً أن زوجته تؤيد رأيه هذا. وبتجاوز، كلينت، فإن الأميركيين المحافظين، يمكن رصدهم في شكل بسيط على الشواطئ الكثيرة التي تمتلئ بالسياح في الولاياتالمتحدة، إن في ولايتي فلوريدا أو فرجينيا، أو حتى غرباً في كاليفورنيا. وتنتشر الفتيات اللواتي لا يشكل لهن ارتداء «البكيني» أي إحراج، وهن يشكلن نسبة كبيرة، وإلى جانب فتيات «محافظات» يفضلن ارتداء ملابس سباحة ذات قطعة واحدة، بل ان بعض هؤلاء المحافظات وصل بهن الأمر إلى ارتداء «شورتات» أو تنانير واسعة تعلو الركبة بقليل. ويؤكد جون (32 سنة)، أنه لا يفرض على زوجته ارتداء شورت قصير بدلاً من البكيني عندما ترغب في السباحة. ويضيف: «منذ أن عرفتها قبل الزواج وهي لا تحبذ ارتداء ملابس متحررة في شكل مبالغ فيه». ويلاحظ «أن الأميركيين قد يكونون من أكثر الشعوب الغربية محافظة، حتى و إن كانت هناك بعض المدن الأميركية المعروفة بتحرر سكانها في شكل كبير». ويتابع: «معروف أن ارتداء الملابس غير المحتشمة في البلدان الغربية أمر جديد، لم يظهر إلا في مطلع القرن العشرين وتفشى في العقود الأخيرة منه». من ناحيتها، ترى كرستينا (28 سنة)، أن ارتداء الملابس القصيرة أمر قد يدخل الفتيات في مشكلات كبيرة، خصوصاً إذا كن يرتدين هذه الملابس في ساعات متقدمة من المساء. وتشير إلى دراسات «تظهر أن نسبة كبيرة من الفتيات الأميركيات اللواتي تعرضن للاغتصاب، كن يرتدين ملابس مثيرة خلال وقوع الجريمة». وتؤكد: «الفتيات الصغيرات هن أكثر من يرتدين ملابس متحررة، لأهداف مختلفة في مقدمها إبراز جمالهن»، مستغربة أمر الأمهات «اللواتي يسمحن لبناتهن وهن لم يتجاوزن السن القانونية (18 سنة) بعد، بمغادرة المنزل لوحدهن الى الأماكن العامة مثل الأسواق ودور السينما، بملابس قد تكون في بعض الحالات فاضحة». وتقول: «أرى فتيات صغيرات بعضهن لم يتجاوز ال 16 سنة، يقفن عند مداخل دور السينما والأسواق، من دون أن يشعرن بالخجل من الحديث مع الغرباء، غير واعيات خطورة هذا الأمر على سلامتهن». وتوضح : «هؤلاء الفتيات إذا تعرضن لجريمة اغتصاب أو حتى لتحرش ذي طابع عنيف، فإن عائلاتهن تتحمل جزءاً من المسؤولية»، منبهة إلى أن كثيرات من ضحايا الاغتصاب أو التحرش العنيف لا يستطعن تجاوز تجربتهن المؤلمة حتى بعد سنوات طويلة. وتبقى بداية فصل الخريف الذي يحل مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل السبيل الوحيد أمام كثير من العائلات الأميركية المحافظة التي تتجاوز «موقتاً» مشكلاتها بسبب «الملابس غير المحتشمة»، مع انتهاء إجازة الصيف وحلول الطقس البارد.