نشرت الممثلة الأميركية آنجلينا جولي سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، مقالة في موقع «دايلي بيست»، تحدثت فيه عن قصة الطفلة الباكستانية التي حاولت «طالبان» قتلها، لأنها دافعت عن حق تعليم البنات في قريتها، وأنها قد ناقشت الأمر مع طفلتيها زهرة 8 سنوات وشيلو 6 سنوات، وذكرت أن أكثر ما أقلق طفلتها زهرة هو من سيهتم بكلب مالالا وهي ترقد في المستشفى؟ أما الصغيرة شيلو فقد سألت إن كان ما حدث لها قد أبكى أمها وأباها؟ فقالت آنجلينا إن ما حدث لمالالا جعل الناس كلها تبكي. ذكرتني حكاية الكلب ومن يهتم به بحكاية ابني عندما كان صغيراً حينما شاهد على غلاف رواية «أوليفر تويست» صورة ولد يتيم متشرد في الشارع بثياب رثة، وكان منظره يثير الحزن بالفعل، فسألني والعبرة تخنقه: أليس لهذا الطفل من أب؟ فقلت لا، قال: ولا أم؟ قلت لا. قال: ولا حتى خادمة. على اعتبار أنها أضعف الإيمان. لا يلفت نظري فقط حجم الفارق المرعب والمتفاوت في حظوظ أطفال العالم الثالث الذين يفتقرون إلى أبسط الحقوق مثل المأوى والتعليم والعناية الطبية، لكنني أيضاً التفت إلى المفارقة التي تلجأ إليها الميديا كي تلفت النظر لقضايا البشر المعذبين، فيضطرون لوضع ممثلة جميلة ومشهورة كي يركض خلفها الصحافيون أينما ذهبت حتى ولو إلى جبال تورا بورا. في كتاب مذكرات الكاتبة الشهيرة إيزابيل الليندي «حصيلة الأيام»، تقول إنها اختيرت ضمن عشر نساء لحمل شعلة الأولمبياد عام 2006 ضمن رياضيات واثنتين من حملة جائزة نوبل للسلام واحدة كمبودية تبذل جهوداً لمقاومة تجارة جنس الأطفال في كمبوديا، والثانية من كينيا عملت مع نساء القرى الأفريقية وقامت بزراعة 3 ملايين شجرة غيّرت في المناخ وفي تحسين التربة، وهي الكاتبة الشهيرة من تشيلي قامت بتمثيل القارة اللاتينية، والممثلة الشهيرة صوفيا لورين، وقد حمدت إيزابيل الله أن موقعها كان خلف صوفيا لورين مباشرة، ولولاها لما توفر لها الظهور في صور الصفحة الأولى للصحف العالمية في اليوم الثاني، فيما غابت عن الصور النساء الأخريات، فكل ما همّ الصحافة ذاك اليوم هو ملاحقة صوفيا لورين لا غير. لولا أنني ألتقي نساء كثيرات يخرجن إلى الملاجئ ويزرن مواطن الخطر لظننت أن آنجلينا - جزاها الله عنا كل خير - هي وحدها من يهتم بالمعذبين، لكن صديقتي السورية التي عادت لتوها من مخيم الزعتري في الأردن، أخبرتني وهي تعرض أمامي بعض الصور، أوجعها معبر الوادي الذي ينتقل فيه المواطن السوري من درجة مواطن إلى لاجئ، وكيف شاهدت بعينها اللاجئين وهم يقررون العودة لسورية ومواجهة الموت بكرامة عوضاً عن الموت في مذلة اللجوء والعوز. أخبرتني أنها عادت تحمل قصصاً مبكية لكل من يسمعها عن بشاعة لا إنسانية تحدث على يد البشر، بعضهم يتشبث بالسلطة على حساب حياة الناس وتهجيرهم وكرامتهم وضياع الوطن بالكامل مقابل بقائه، وأناس يستثمرون بؤس الناس ويتاجرون به، وبعضهم لم تأنف نفسه من سرقة المساعدات والاتجار بها، وآخرون كلما سمعوا بقاصر فائقة الجمال تدخل مخيمات اللاجئين راهنوا على ضمها إلى نساء بيتهم قبل آخرين. لكن، في كل الأحوال، يجب أن نشكر آنجلينا جولي وصغيرتها التي أوجع قلبها مصير كلب مالالا الذي لم تملكه بعد، لأن الشعب لم يرتقِ بعد لمصاف الإنسان وظل في درجة ابن الكلب. [email protected]