تعتمد العلاقة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي على قدرة الأخيرة على تزويد الصين بالنفط بثبات خلال العقد المقبل، وفي المقابل لن تجد دول الخليج مستهلكاً مماثلاً للصين مع توقعات بارتفاع حجم الطلب منها في السنوات المقبلة. والدليل على ذلك العقد المبرم منتصف آب (أغسطس) الماضي بين «مؤسسة البترول الكويتية» وشركة «سينوبك» الصينية، والذي يهدف إلى مضاعفة الصادرات اليومية، إذ يؤكد تصدير 300 ألف برميل من النفط يومياً من الكويت إلى الصين خلال العقد المقبل، أي ضعف الصادرات ضمن الاتفاق الحالي الذي ينتهي قريباً. وأشار رئيس قطاع البحوث في شركة «آسيا للاستثمار» فرانسيسكو كينتانا في تقرير إلى أن «العقد الجديد ينص على تصدير 10 في المئة من إنتاج الكويت إلى الصين، ويُتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى ما بين 500 ألف و800 ألف برميل يومياً بعد ثلاث سنوات، وفق ما نقلت وسائل إعلام عن مسؤولي مؤسسة البترول الكويتية». وأشار إلى أن «السعودية تبقى في صدارة الدول المصدرة للنفط إلى الصين بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، أي 20 في المئة من إجمالي واردات الصين، كما ارتفعت حصة قطر من 5.5 إلى 6.6 في المئة من إجمالي الصادرات النفطية إلى الصين، وشهدت الإمارات زيادة متواضعة أيضاً». وأضاف: «على رغم هذه الأرقام المرتفعة، لا تعتبر المنطقتان كلاً منهما شريك الآخر المفضل، إذ إن الصين تفرض شروطاً صارمة على العقود مع الخليج بما أنها تشتري بكميات كبيرة». وعلى سبيل المثال، حاولت الكويت دخول قطاع التوزيع في سوق الوقود المحلية الصينية، ووقعت «مؤسسة البترول الكويتية» مع «سينوبك» عقد بناء مصفاة في جنوبالصين عام 2004، ولكن العملية واجهت عقبات كثيرة وأصبح من غير المؤكد أن يكون للكويت دور في إتمام المشروع، فالهيئات الصينية تتردد في فتح أسواق محلية استراتيجية لمستثمرين من الخارج، وإن كانوا شركاء استراتيجيين. وأوضح كينتانا أن «دول الخليج لا توفر أفضل وضع للمستوردين الصينيين، فعادة تفضّل الصين إبرام اتفاقات مع منتجي النفط الذين يسمحون لها بدخول هيكلة الأسهم في شركات النفط، أو حتى أن يكون لها مساهمة في عملية الإنتاج، ولكن هذه الحال غير واردة في دول الخليج التي لا تحتاج إلى توفير مثل هذه الاتفاقات لأن قطاعها حكومي، وإدارتها مهنية ذات كفاءة عالية، وتمتلك موارد كثيرة». وإضافة إلى ذلك، تعتمد استراتيجية الصين على تنويع قاعدة مزودي النفط، ودول الخليج تزودها اليوم بثلث حاجتها منه. وأشار إلى أن «العلاقة التجارية بين الصين ودول الخليج محكومة بالتطور، فالصين تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة، وخططها لاستكشاف النفط الصخري أثبتت أنها غير واقعية، كما خفّضت الحكومة الصينية أهدافها لعام 2020 بإنتاج الغاز الصخري وغاز عروق الفحم من 160 بليون متر مكعب إلى 60 بليوناً فقط، لذلك يبقى النفط المستورد الحل الأمثل لتلبية حاجاتها من الطاقة». وأكد أن «المنافسة لتزويد الصين بالطاقة حادة، إذ يُتوقع تراجع حصة السعودية من واردات الصين النفطية هذه السنة في مقابل دول منتجة مثل العراق وكازاخستان وروسيا التي قد تقدم شروطاً أفضل». وتوقعت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير حديث أن يكون العرض العالمي على النفط منخفضاً خلال العقد المقبل، لأن حقولاً كثيرة بدأت تصل حد استهلاكها، وكلفة تشغيل حقول أخرى أصبحت مرتفعة، إضافة إلى التحديات الجيوسياسية المتزايدة في عدد من الدول المنتجة للنفط، لذلك فإن دول الخليج هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تمتلك موارد وفيرة واستقرار سياسي لتزويد الصين.