أكّد وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أول من أمس ما نشرته «الحياة» الأسبوع الماضي، أن أرامكو السعودية توصلت إلى معرفة «الهاكر» الذي هاجم شبكتها في ال15 من آب (أغسطس) الماضي، وتسبب في أضرار مدمرة لآلاف من أجهزة الكمبيوتر، وقال أمام نخبة من رجال الأعمال وكبار مسؤولي شركات أميركية، إن واشنطن عرفت من شنّ الهجمات، وامتنع عن الكشف عنها. وكانت «الحياة» نشرت الأسبوع الماضي أن «أرامكو السعودية» توصلت إلى الجهة التي نفذت عملية اختراق أجهزة الشركة، وتسببت في خسائر فادحة، نجم عنها إصابة 30 ألف جهاز و2000 سيرفر، وتعطيل العمل الآلي في الشركة لأكثر من شهر، مشيرة إلى أنها تمت لغرض سرقة معلومات مهمة ووثائق سرية، وأن «الهاكر» نفّذ عمليته من إحدى دول أوروبا الشرقية، لمصلحة إحدى الجهات التي كانت تريد الوصول إلى بعض المعلومات لمهمة في الشركة. وذكرت مصادر «الحياة» أنه لم يُعرف بعد حجم المعلومات التي تم الوصول إليها، وخصوصاً أن «الهاكر» قام بزرع «فايروس» قام بتدمير الأقراص الصلبة التي يتم حفظ المعلومات فيها، وأن خبراء «أرامكو» إضافة إلى خبراء شركات الحماية التي استعانت بهم وتوصلوا إلى الجهاز الذي نفّذ من خلاله «الهاكر» إلى الشبكة ومنه إلى بقية الكمبيوترات، وقام بسرقة ما فيها من معلومات وزرع «فايروس» مدمر فيها. وكان بانيتا تحدث في خطابه عن فايروس إلكتروني ضرب أخيراً شبكات شركة النفط السعودية أرامكو، ما أدّى إلى توقف 300 ألف جهاز كمبيوتر عن العمل. وقال: «إن هذا الفايروس المتطور يعد الهجوم الأكثر تدميراً على القطاع الخاص حتى اليوم». مضيفاً أن وزارة الدفاع «تعرف» أن «أطرافاً أجنبية تختبر شبكات البُنى التحتية الأساسية» للولايات المتحدة، وخصوصاً أنظمة مراقبة محطات الكهرباء وشبكات توزيع المياه والنقل. وأكّد بانيتا أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) «طورت قدرات على القيام بعمليات فعالة لتطويق مثل هذه الهجمات ضد مصالحنا القومية في مجال الإنترنت»، من دون أن يستخدم على الإطلاق عبارة «القدرة الهجومية». وعبّر بانيتا في الخطاب نفسه أمام اجتماع لرجال أعمال في نيويورك عن القلق الأميركي إزاء التهديدات بالهجمات المعلوماتية المرتبطة بالصين وروسيا، قائلاً إن إيران تبني قدراتها الرقمية. وتحدث الوزير عن سيناريوهات عدة لمهاجمة أهداف أميركية من دول أو مجموعات، تسيطر على شبكات حيوية، وقال إن النتيجة يمكن أن تكون «بيرل هاربور إلكترونية»، أي «هجوم يؤدي إلى دمار مادي أو فقدان أرواح أو شلل أو صدمة للشعب ويولد مجدداً إحساساً بغياب الأمان». ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) أمس عن جيمس لويس الذي قالت إنه مسؤول أميركي سابق، عمل في قضايا تتعلق بأمن المعلوماتية، ويعمل حالياً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، «إن الولاياتالمتحدة تعتقد أن إيران تقف وراء الهجوم الإلكتروني على أرامكو السعودية والشركة القطرية للغاز». وأضاف: «الجيش الأميركي يضع اللمسات الأخيرة لقواعد الاشتباك، للتصدي من هجمات معلوماتية، يمكن أن تسبب أضراراً كبيرة، بما في ذلك عبر وسائل هجومية». موضحاً أن «القواعد الجديدة ستؤكد أن وزارة الدفاع لا تتحمل مسؤولية الدفاع عن شبكاتها فحسب، بل أن تكون مستعدة أيضاً للدفاع عن البلاد ومصالحنا القومية في أي هجوم». وأشار إلى أن الوكالات الحكومية الأميركية خلصت إلى أن إيران هي من دبر الفايروس «شمعون»، الذي أدّى إلى شل عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في الشركة السعودية أرامكو، وشركة رأس غاز القطرية للغاز الطبيعي. وذكرت الوكالة أن لويس عمل لحساب وزارة الخارجية الأميركية ووكالات حكومية أخرى في مجال الأمن القومي وقضايا الإنترنت. وأضاف لويس: إن المسؤولين الأميركيين لديهم «أكثر من شكوك» بأن إيران تقف أيضاً وراء هجمات أغسطس التي استهدفت مصارف أميركية، وقال: «هناك قناعة عموماً بأنها إيران». من جهته، قال مسؤول كبير في الإدارة (رفض الكشف عن اسمه) لوكالة «فرانس برس» إن الهجوم المعلوماتي على عملاقي النفط في الخليج يعتقد أنه تم من «جانب دولة»، وأقرّ بأن إيران قد تكون مشتبهاً أساسياً. واعتبر لويس الذي كان مستشاراً أيضاً للحكومة الأميركية حول أمن المعلوماتية، أن بانيتا «اقترب من الإشارة إلى إيران بالنسبة إلى بعض الخلل الذي شهدناه الشهر الماضي، لكن من دون تسميتها»، وأضاف: «نأمل أن يعتبر الإيرانيون ذلك بمثابة تحذير». وقال لويس إن إيران طوّرت قدراتها الرقمية في المجال العسكري بأسرع مما كان يتوقع مسؤولون أميركيون، على رغم أن الهجوم المعلوماتي على شركة أرامكو السعودية كان غير متطور نسبياً. وأضاف: «نحن معتادون على الصين أو روسيا، لكن دخول إيران على الخط أمر جديد ومختلف، والكثير من الناس لم يعتقد أنها ستتطور بمثل هذه السرعة». وكانت معلومات أشارت إلى أن بانيتا الذي كان مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ساعد في شنّ حملة تخريب معلوماتية لا سابق لها، استهدفت البرنامج النووي الإيراني. وقال مسؤولون أميركيون أن المعلومات حول الهجمات المعلوماتية الأخيرة رفعت السرية عنها لإفساح المجال أمام بانيتا، لكي يشير إليها في خطابه. وأتلف الفايروس «شمعون» ملفات حساسة، واستبدلها بصور عن إحراق أعلام أميركية.