احتدمت المعارك أمس في محافظة إدلب بعدما قطع المتمردون السوريون السبت الطريق على تعزيزات للقوات النظامية السورية متجهة الى مدينة معرة النعمان الاستراتيجية بمحافظة إدلب (شمال غرب) الواقعة تحت سيطرتهم، فيما شن الطيران السوري غارات على المتمردين خلال محاولتهم اقتحام معسكر وادي الضيف القريب من مدينة معرة النعمان أسفر عن إصابة 22 مسلحاً بينهم. وأعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ارتفاع حصيلة القتلى الى 33 ألف شخص خلال النزاع السوري المستمر منذ اكثر من 18 شهراً. وأوقف المقاتلون المعارضون رتلاً عسكرياً من نحو 40 آلية بينها عشر دبابات وعربات مدرعة وشاحنات صغيرة مزودة برشاشات وباصات لنقل الجنود، على بعد نحو 12 كيلومتراً جنوب معرة النعمان بمحاذاة بلدة حيش، كما افادت مصادر المقاتلين المعارضين. من جهة أخرى، افاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبر الرحمن ان اشتباكات تدور في حيش بعد هجوم المقاتلين المعارضين على الرتل العسكري «الذي انطلق قبل ثلاثة ايام من حماة». ويحاول المقاتلون اعتراض تعزيزات القوات النظامية التي تتقدم ببطء الى حواجزها في معرة النعمان، التي كان المقاتلون المعارضون سيطروا الثلثاء عليها باستثناء حاجز واحد على مدخلها ما زال تحت سيطرة القوات النظامية. وكان المقاتلون المعارضون سيطروا على نحو خمسة كيلومترات من الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب قرب معرة النعمان. وأصيب 22 مقاتلا معارضاً بجروح صباح السبت جراء استهدافهم بقصف من الطيران الحربي لدى محاولتهم اقتحام معسكر وادي الضيف الأكبر في منطقة معرة النعمان والمحاصر منذ ايام، بحسب المرصد. وتعرضت قرية معرشمشة المحيطة بالمعسكر للقصف أيضاً، بحسب المرصد الذي افاد بأن ثلاثة من المصابين في حال حرجة. كما لجأت القوات النظامية الى الطيران الحربي والمدفعية في قصف المدينة والمناطق المحيطة بها لا سيما خان شيخون وحيش وسرمين، علماً أن المناطق المحيطة بمعرة النعمان تشهد «حالات نزوح جماعي للاهالي الى مناطق اكثر امناً إثر اشتباكات استمرت على مدار ايام رافقها قصف عنيف»، بحسب المرصد. وأفاد صحافي في «فرانس برس» بأن الطيران الحربي استهدف صباحاً وسط معرة النعمان مما ادى الى تدمير ثلاثة منازل في شكل كامل، مشيراً الى ان القذائف المدفعية تسقط بوتيرة دورية على المدينة، لا سيما في محيط المستشفى الميداني الذي اقيم في الطبقة السفلية لإحدى المدارس المهنية. كذلك افاد المرصد عن تعرض بلدة حيش الواقعة جنوب معرة النعمان الى قصف بالطيران الحربي، بعدما «استشهد فيها ليل الجمعة 12 مقاتلاً من الكتائب الثائرة المقاتلة من محافظة حماة، وذلك خلال اشتباكات عنيفة دارت في البلدة». ويفرض المقاتلون المعارضون منذ ايام حصاراً على معسكر وادي الضيف، القاعدة العسكرية الاكبر في منطقة معرة النعمان والذي شهد محيطه الجمعة اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، وفق المرصد. وتحاول القوات النظامية استعادة مدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي تشكل معبراً الزامياً على خط امداد هذه القوات في حلب (شمال) كبرى مدن شمال سورية، والتي تشهد منذ نحو ثلاثة اشهر معارك يومية بين المقاتلين المعارضين وقوات النظام. وفي حلب قتل السبت 4 مقاتلين خلال اشتباكات مع القوات النظامية في أحياء العامرية والاذاعة وصلاح الدين والاعظمية والزهراء والاحياء الغربية، وفق المرصد. كما قتل شخصان على الاقل في قصف تعرض له حي الشعار (شرق)، بينما تدور اشتباكات عنيفة في حلب القديمة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، وفق المرصد. وفي حمص (وسط)، تدور اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في حيي باب هود وباب التركمان، وفق المرصد. كما تعرض حي الخالدية صباح السبت للقصف بقذائف الهاون من قبل القوات النظامية «رافقته اصوات انفجارات هزت ارجاء الحي المحاصر»، وفق المرصد. كما تعرضت مدينة القصير في ريف حمص للقصف. ونقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) ان «وحدة من قواتنا المسلحة تقضي على عدد من الارهابيين وتصيب آخرين في حي باب هود بمدينة حمص». وتعد احياء عدة من مدينة حمص لا سيما في وسطها، معقلا للمقاتلين المعارضين الذين يعتبرونها «عاصمة الثورة». وتعرضت المدينة لعمليات عسكرية عنيفة طوال النزاع المستمر منذ 19 شهراً، وما زالت بعض احيائها تحت الحصار. وفي محافظة درعا (جنوب) التي كانت مهد الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الرئيس بشار الاسد منتصف آذار (مارس) 2011، اقتحمت القوات النظامية بلدة معربة «وسط اطلاق رصاص كثيف مع نقص في الكادر الطبي من اجل علاج الجرحى المهددة حياتهم»، وفق المرصد. وأوضح المرصد ان الاشتباكات التي تدور في محيط البلدة «ادت الى مقتل ما لا يقل عن خمسة من القوات النظامية». وأدت اعمال العنف في مناطق سورية عدة الى مقتل 75 شخصاً هم 18 مدنياً و24 مقاتلاً معارضاً و33 جندياً نظامياً، وفق المرصد الذي احصى سقوط اكثر من 33 الف شخص منذ بدء النزاع. الى ذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان اكثر من 33 الف شخص قتلوا خلال النزاع السوري المستمر منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة باسقاط نظام الرئيس بشار الاسد في منتصف آذار 2011. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» ان عدد القتلى وصل الى 33 ألفاً و82 شخصاً «هم 23 ألفاً و630 مدنياً، و1241 مقاتلاً منشقاً وثمانية آلاف و211 من القوات النظامية». وتشمل حصيلة المدنيين اولئك الذين حملوا السلاح لقتال القوات النظامية من غير الجنود المنشقين. ولفت عبد الرحمن الى ان قرابة الف شخص قتلوا في الايام الخمسة الاخيرة، مؤكداً ان المعدل اليومي للقتلى في تشرين الاول (اكتوبر) بلغ 189 شخصاً. ولا تشمل الحصيلة المئات من الجثث المجهولة الهوية او «الشبيحة» من الميليشيات الموالية للنظام او العدد الكبير من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم. واعتبر عبد الرحمن ان «ما يجري حالياً في سورية هو حرب رسمية»، موضحاً ان عدد الضحايا «قد يكون مضاعفاً» في حال إجراء تحقيق جدي بعد انتهاء النزاع. ويرى محللون ان الجيش السوري النظامي يتعرض لخسائر فادحة في شمال البلاد رغم كثافة قوته النارية في مواجهة المجموعات المعارضة الاقل تسليحاً، وذلك بسبب تصعيد المقاتلين المعارضين هجماتهم وامتداد الجبهة على محاور عديدة.