أن يكون الرجل عاشقاً ومبادراً في لعبة الحب، فهذا المتعارف عليه، أمّا أن يكون في انتظار الطرف الآخَر ليخطو نحوه ويوافق عليه، فهذه مسألة فيها نظر، لأن المرأة هي التي تضغط على أزرار التحكّم فيها، وليس الرجل، ومواصفات المعشوق «الرجل» ستفرضها المرأة وليس -كما جرت العادة- الرجل. وهي بالفعل لعبة فريدة من نوعها، ولا أحد يتعادل فيها، تظل تلعبها ولا تدري أين موقعك منها. وبعد امرئ القيس وقصته مع فاطمة على الغدير مع صويحباتها وقوله: أفاطمُ مهلاً بعد هذا التدلّل / وإن كنتِ قد أَزْمَعْت صَرْمي فأجملي أغركِ مني أن حبكِ قاتلي / وأنكِ مهما تأمري القلبَ يفعلِ وبعد هذه الشاعرية ولغة العشق المحلِّقة، وبعد أن تتلطف فاطمُ وترسل للعاشق المتيَّم إشارة رضاها عنه، ونستمر في هذا السيناريو فنقول: وبعد أن تصبح في بيته ويتملّكها... من الطبيعي والمتوقع أن يملَّها، وهو من قال فيها يوماً إن حبَّها قاتلُه، ليس لأنه كاذب، ولكن لأنها طبيعة في الرجل نُقشت في بصمته الوراثية، فكيف ذاك؟ في دراسة فرنسية حديثة، تبيَّنَ أن الشعور بالحب لا يدوم أكثر من ثلاث سنوات في أحسن الأحوال، فهذا «الكوكتيل» من الهرمونات العصبية التي يفرزها المخ عند رؤية الحبيب وتُشعِر صاحبها بالخفة والسعادة والانشراح، لا يستمر مفعوله، وفق إفادة الطبيبة لوسي فانسون المتخصصة في طب الأعصاب والبيولوجيا، وكأن كيمياء المخ التي تسيطر على مشاعر الحب كبطارية فرغت من شحنتها تماماً بانتهاء مدتها المحددة بثلاث سنوات، وربما قبل ذلك، وفق الاستعداد الشخصي. فعلى ماذا نراهن وهذه هي حال الحب إذاً؟ أعلى الصداقة؟ نعم، فالصداقة هي الصمَّام، وهي المحفِّز للهرمونات الناقصة، فلو عرفت المرأة كيف تكون صديقة رَجُلها، أو كيف تبني ذكريات رائعة ومشتركة معه، وكيف تؤسس لحوار معه بلا انتقادات وعتاب وتجريح ومحاسبة وتصنّع زعل وتضحية، لو عرفتْ كيف تتحكم في غيرتها وحبها الفطري للتملّك... فمثلها لن يستغني عنه الرجل أبداً، ولن ينسى أيامه معها، فالحياة ليست في سنيها التي تمضي، ولكن في اللحظات التي نتذكرها ونبتسم إنِ استعدنا عذوبتها أو حتى شقاوتها المضحكة. في لقاء قريب مع وسيط صفقات السلاح عدنان خاشقجي، سأله الصحافي عثمان العمير عن النساء، فأجاب: «وصلْنا إلى عمر صارت فيه الدردشة مع الأصدقاء والتنادم معهم أفضل من كل شيء»، وهو كلام واقعي وصادق إلى حد بعيد، فمن الطبيعي أن تختلف أولويات المرء وحاجاته العضوية والمعنوية مع التقدم في العمر، وهذا ما لا تفهمه المرأة، لذلك هي تصر على أولوياتها الأولى التي لم تعد تتناسب وعمرها، ويا ليتها تقتنع بخلاف ذلك، أقله حتى لا تكون كما المتصابية التي تدعو للشفقة، مع أن الخيار الآخر المطروح أمامها يكون هو الأربح والأكثر راحةً، فهي لو استطاعت أن تصبح ذلك النديمَ الذي حكى عنه الرجل، فلن يجد رَجُلُها أكثر منها إنساناً يأتمنه على أسراره ومكنوناته وسخافاته، غير أن الواقع أثبت أنك لا تستطيع الوثوق بعقل المرأة في علاقتها مع الرجل، ذلك أن عامل الغيرة التي تنهش قلبها، واهتمامها بالتفاصيل الفرعية المشتِّتة، بإمكانهما قلب مزاجها في لحظة، وتحويلها من متفهِّمة إلى معانِدة مستغبية، وهذا ما لا يستوعبه الرجل، لذلك هو تعلَّم درسه معها جيداً، فلم يعد يتخذها نديمتَه، ولكن امرأةً شاركته فترة من حياته. عادة ما تسيطر على عقل المرأة صورة خيالية-رومانسية عن علاقتها بالرجل، وتحاول جاهدة أن تعود به إلى لحظة انبهاره الأول بها، وتدلُّلِها عليه، فتَسمعها تتحسر على تلك الأيام الخوالي التي كانت تتمنّع فيها وكان هو المصرّ على فك شفرة تمنّعها، فلمَ إذاً هو يفقد إحساسه بالتحدي معها، الذي كان يشكل الرقم الرابح في لعبة الإغواء بينهما؟ مهلاً..!! فهذا الكشف الذي قلل من قوة تأثير المرأة، عليها التحايل والدوران حوله من خلال أسلوب مميز ولمّاح، فيه جرعات عالية من الاحتواء، فكوني صديقتَه النبيهة تكوني أميرةَ حبه في جميع مراحلك. [email protected]