لم يعف اكتساح الافتراضي للعالم الفعلي، عن الاتصالات المتطورة، وهي التي يتنامى دورها بصورة مطّردة في المجتمعات المُعاصرة، ففي أجهزة الخليوي الذكيّة، تظهر خرائط رقمية مهمّتها ارشاد الناس أثناء تنقّلاتهم، إضافة الى أحوال الطقس في المكان المقصود وأخباره. ويستعملها البعض راهناً كي يجد طريق العودة الى منزله إذا تقطّعت به السُبُل لسبب أو آخر! ويتخيّل أحد مبرمجي الكومبيوتر، وهو من صُنّاع برنامج «جيوإكس» Geox، المستقبل عبر مجسات ترصد معطيات البيئة المباشرة، التي تشمل مستويات التلوث ونسبة الازدحام في الشوارع والمعطيات الديموغرافية المتنوّعة. يرسل البرنامج سيلاً من المعلومات الى مستعمليه، كما يمكّنهم من ربط هذه المعلومات بالنظارات المُبرمَجَة حاسوبياً أو بعوالم «مشهدية شوارع غوغل»، بهدف تسهيل حصولهم على صور ومعلومات عن الأمكنة، بصورة فورية. شبكة لعوالم غير آمنة يساهم هذا البرنامج وأشباهه في ربط العالم الافتراضي بالواقع، بطريقة تجعل الناس يعيشون في عوالمهم الافتراضية أثناء تعاملهم مع العالم الفعلي. واستطراداً، يجب الإشارة الى حدوث تطوّرات ربما أثارت اهتمام من يفضل العيش في العالم الافتراضي. إذ ترفض بعض الشركات إنشاء مكاتبها أو متاجرها في موقع «الحياة الثانية» لأنها تعتقد أن التعاملات في هذه المساحة الافتراضية ليست آمنة بصورة كافية. وإضافة الى احتمال انتحال الشخصيات وصفاتها ومعاملاتها، لا تتميّز تقنيات الحماية الإلكترونية في موقع «الحياة الثانية» بدرجة كافية من المتانة تجعلها قادرة على تأمين المعاملات المالية أو استضافة اجتماعات العمل بمناقشاتها الحادة والمتشعبة والمملؤة بالمعلومات الحساسة. وتسبّبت هذه المخاوف في تصدي شركة «ميلتي فيرس» Multiverse لإنشاء برامج تتيح للأفراد والشركات والمؤسسات بناء عوالم افتراضية خاصة بهم، على موقعها «ميلتي فيرس.نت» Multiverse.net. ويترجم هذا الأمر نفسه بإعطاء الأفراد القدرة على إضافة لمساتهم الخاصة على عوالمهم، إضافة إلى بناء مستويات مختلفة من الحماية الإلكترونية تتناسب مع رغباتهم، فلربما اختار أحد المصارف مثلاً أقصى درجات الأمن ليضمن لزبائنه أن الشخص الذي يساعدهم في الحصول على قرض ليس لصّاً. وتتيح الشركة نفسها عبر شبكتها الرقمية، التنقّل بين عوالم افتراضية مختلفة، ما يعني إمكان دخول مصرف افتراضي وإيداع شيك، ثم الانتقال إلى عالم ثانٍ لمشاهدة الأفلام، وثالث للتسوق وهكذا دواليك. وهناك حوالى 200 عالم افتراضي في شبكة «ميلتي فيرس.نت». وحاضراً، تتاح برامج الشركة بصورة مجانية، لكن الشركات التي تعمل في «عوالمها» تجني أرباحاً طائلة، عبر اتّباع نموذج عمل موقع «إي باي» EBay المتخصّص في التجارة الالكترونية، بمعنى الحصول على 10 في المئة من قيمة كل معاملة تجارية تُجرى عبر شبكة هذه العوالم الافتراضية. تتصل هذه الصورة بشركة تستضيف -افتراضياً- الأعمال والمبادلات التجارية وغيرها مما يجري في عالم المال والتسوق. وتزيد حدّة الحاجة للأمان لدى الشركات التي تعمل في صناعة برامج الكومبيوتر، إذ تتطلّب خصوصية تامة لتقنييها الذين لا يستطيعون العمل في العالم الافتراضي، إلا إذا تطابقت معطياته مع تلك الموجودة فعلياً في مقار تلك الشركات. انطلاقًا من هذا المبدأ، عملت إحدى مبرمجات الكومبيوتر في شركة «صن مايكروسيستمز» Sun Microsystems على بناء برنامج عن مكتب افتراضي يستطيع فيه الأفراد الذين يعملون في أمكنة متباعِدَة، عقد اجتماعات لنقاش الأفكار، من دون القلق من أن تسرق شركة منافسة أفكارهم. ويعمل حالياً ما يزيد عن نصف موظّفي «صن مايكروسيستمز» من بُعد، إذ يتمكنون من فتح شاشة في حائط قاعة الاجتماعات الافتراضية أو مكاتبها، كي يعملوا معاً على إعداد تقرير أو تعديل أحد المشاريع.