برنامج أسبوعي تبثه قناة «دبي»، ويشير عنوانه، المستمد من علامات السلم الموسيقي، إلى مضمونه الغنائي الخفيف، فضلاً عن أن مقدمة البرنامج هي الفنانة أصالة التي تستضيف زملاء وزميلات لها من مطربين وفنانين يجدون أنفسهم في فضاء منزل الفنانة، ما يضفي على البرنامج شيئاً من العفوية والتلقائية. إذ يأتي كسهرة عائلية محببة في صالون منزل، وتبدو الكاميرا كأنها تتلصص على ثرثرة الساهرين؛ الغافلين عن العدسة. في الاستوديوات يشعر الضيف بالضيق والتكلف وسط غابة من أجهزة الصوت والإضاءة والكاميرات، وهو يجتهد كي يقدم نفسه على النحو الأمثل، بل يتصنع شخصية لا تشبه، غالباً، شخصيته. في برنامج «صولا» محاولة لالتقاط حقيقة المرء، ورصد سلوكه اليومي البسيط بعيداً من التكلّف والمبالغة، فهو، الآن، في منزل يشعر بالإلفة والدفء، وفي وسعه أن يطلب القهوة والشاي، وأن يذهب إلى المطبخ القريب كي يتناول قطعة من الحلوى أو الفاكهة. لا أحد يراقب طريقة جلسته أو حركاته... كل شيء يوحي بالراحة في منزل ذي ديكور أنيق، ولا تبخل مقدمة البرنامج؛ صاحبة المنزل، في التعبير عن ترحيبها الحار بضيوفها. خصوصية البرنامج، إذاً، تكمن في طابعه العفوي، بيد أن هذا الطابع الذي يضمن نجاحه، كما يفترض، هو ذاته يلعب أحياناً دوراً معاكساً، إذ يقود إلى الملل والفوضى في غياب معايير تضبط طبيعة الأحاديث التي تدور بين أصالة وضيوفها. فالعفوية تلك تجبر المشاهد على الإصغاء إلى أحاديث مختزلة ومختلطة عن الحب والسياسة والطفولة والمرأة والصداقة والأدب، والاقتصاد والرياضة... وكل ما يخطر في بال المرء من مواضيع تبدو كأنها تقال لمجرد تغطية المساحة الزمنية لبرنامج يتكئ، أساساً، على الغناء والموسيقى. وباستثناء بعض الكلام عن تجربة هذا الفنان أو ذاك، تأتي الأحاديث الأخرى من دون جدوى، وكأن الضيوف صدقوا لعبة أنهم في سهرة خاصة، ولهم أن يتحدثوا كيف ما شاؤوا. وتنبع أهمية هذه الملاحظة من غياب برامج تهتم بالثقافة الموسيقية. الفضاء العربي يعج، بالطبع، ببرامج لها علاقة بالأغنية، ناهيك عن عشرات القنوات المختصة في بث الأغاني. لكن كل هذه البرامج لا تأبه بفلسفة الموسيقى ودورها في ثقافات الشعوب، بالتالي يمكن استغلال برنامج «صولا» لطرح هذه القضايا، على الأقل عبر إتاحة المجال أمام الضيف ليروي ملامح تجربته وكيفية تعلقه بالموسيقى، وفهمه لهذا الفن. يقول بيتهوفن «الموسيقى هي الجمال المسموع»، بينما يرى غوتيه أن «كل الفنون تسعى لكي تكون موسيقى»، في حين يقول شوبنهاور «الموسيقى حديث الملائكة»... تلك مقولات تحتاج مئات البرامج لشرح أبعادها، ويمكن «صولا» أن يضيء جانباً منها، فمَن قال إن حديث الصالونات هو مجرد ثرثرة؟