اليوم الوطني السعودي يصادف يوم 23 أيلول (سبتمبر) من كل عام، لتستعيد الأذهان مسيرة تأسيس المملكة العربية السعودية كدولة حديثة، على يد الملك المؤسس الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وتعد هذه المناسبة الوطنية الغالية محطة مهمة تتوقف عندها الأجيال السعودية لتصفح صفحات البطولة والتوحيد والبناء التي رسخ ثوابتها الملك عبدالعزيز حتى أصبحت المملكة نموذجاً فريداًَ لمعاني الوحدة وقوة التلاحم، وترابط النسيج الاجتماعي، والتمسك براية التوحيد والقيم الفاضلة. وفي إطار الاحتفال باليوم الوطني تشهد مدينة الرياض منذ أيام مظاهر الفرحة بهذه المناسبة، إذ تزينت بأبهى الحلل وازدانت شوارعها وميادينها بالأعلام، واستعدت المؤسسات الرسمية والشعبية كافة لإقامة فعاليات وأنشطة متنوعة تعكس الإنجازات ومراحل بناء الدولة السعودية الحديثة. وستشهد الرياض فعالية تقام للمرة الأولى، وهي رفع أكبر علم طائر في سماء العاصمة بحجم 270 متراً، وأكبر صورة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تحملهما طائرة متخصصة لإحدى شركات الأعلام الطائرة. إن هذا اليوم يمثل بالنسبة للشعب السعودي وقفة تأمل واستذكار لمسيرة الإنجازات التي تحققت في عهود الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد لتبلغ ذروتها في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي قفز بالمملكة لآفاق جديدة وتبوأت مكانة مرموقة في مصاف الدول المتقدمة. ومنذ عام 2005، وهو العام الذي تولى فيه الملك عبدالله الحكم، شهدت المملكة في هذه السنوات القلائل قفزات حضارية وتنموية تتجاوز الحصر والتعداد على الصعد كافة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والرياضية وغيرها. فعلى صعيد السياسة الداخلية، توسعت قاعدة المشاركة في صنع القرار، بإجراء انتخابات المجالس البلدية، التي تشهد دورتها الثانية نهاية الشهر الجاري، وتعددت منابر الحوار الفكري والثقافي، وتعاظم دور المرأة السعودية في الإسهام التنموي، فضلاً عن إنشاء الكثير من منظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان الأهلية والرسمية. أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد استمرت المملكة متمسكة بمبادئها وثوابتها الراسخة المستمدة من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والتقاليد العربية الأصيلة، فمضت في دعم التضامن العربي والإسلامي، والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية العادلة، خصوصاً القضية الفلسطينية، وخدمة الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم، والمحافظة على الاستقرار والسلام العالميين. وفي الجانب الاقتصادي تمكنت المملكة من تحقيق التوازن بين التطور الحضاري والعمراني والاقتصادي، وبين المحافظة على المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية، إذ نجحت في بناء القاعدة الاقتصادية وتنويعها لتخفيف الاعتماد على البترول، وذلك من خلال تعزيز قدراتها الانتاجية في القطاعات الأخرى، وإنشاء الكثير من المدن الاقتصادية في مختلف مناطق السعودية. وتشير التقارير الاقتصادية إلى تضاعف الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي أكثر من أربع مرات، وبمعدل نمو سنوي متوسط قدره 6 في المئة، فيما ارتفعت نسبة إسهامات القطاعات غير النفطية إلى الناتج المحلي الإجمالي من 53 في المئة إلى أكثر من 67 في المئة، كما نجحت في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حتى قفزت من المركز 67 بين 135 دولة في تصنيف العام 2005 إلى المركز الثامن بين 183 دولة، بحسب تقرير دولي صدر عام 2010، ووصل مجموع التدفقات الاستثمارية الأجنبية الداخلة إلى المملكة في عام 2009 إلى نحو 133 بليون ريال (5ر35 بليون دولار)، فيما ارتفع تبعاً لذلك إجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية إلى 552 بليون ريال (2ر147 بليون دولار) بنهاية عام 2009، طبقاً للتقارير الصادرة عن منظمة مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية «اونكتاد». وتتوالى الإنجازات الاقتصادية في عهد خادم الحرمين الشريفين بدخول المملكة ضمن ال«20» دولة الكبرى في العالم، إذ شاركت في قمة العشرين التي عقدت في واشنطن في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، ولندن في شهر نيسان (أبريل) 2009، وتورنتو في عام 2010. وشهد قطاع الطاقة تطوراً كبيراً على مستوى عمليات التنقيب والاستكشاف لحقول النفط والغاز، والعمل على زيادة الإنتاج مع الاستمرار في سياستها المتوازنة بالمحافظة على استقرار أسعار النفط في السوق العالمية، بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء. وتقدر إحصاءات إنتاج المملكة من النفط الخام خلال عام 2009 بمعدل 8.2 مليون برميل يومياً مع إمكان رفع الإنتاج إلى نحو 12 مليون برميل يومياً في حال ازداد الطلب العالمي لظروف طارئة. وتتعدد الإنجازات التي شهدها عهد الملك عبدالله في قطاعات مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية والنهضة الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي، وارتفاع عدد محطات التحلية للمياه على البحر الأحمر والخليج العربي إلى 30 محطة، تصل مياهها إلى أكثر من 40 مدينة ومحافظة ومركزاً وقرية بواسطة أنابيب تجاوزت أطوالها 4165 كيلومترا. وكالعهد بها أولت الحكومة السعودية عناية فائقة بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما بكل ما تستطيع، فأنفقت أكثر من 100 بليون ريال (26.6 بليون دولار) خلال السنوات الأخيرة فقط على المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة، ويُعد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف من أكبر مراكز الطباعة في العالم، إذ يقدر إنتاجه منذ إنشائه عام 1984 وحتى عام 2009 بنحو 226 مليون نسخة مصحف، وترجمة لمعانيه شملت معظم لغات العالم. ولم تغفل الحكومة السعودية أهمية قطاع الشباب والمثقفين، فارتفع عدد الأندية الرياضية إلى 156 نادياً، كما وصلت الاتحادات الرياضية إلى 22 اتحاداً، وتم إنشاء وافتتاح 21 بيتاً للشباب، و 4 ساحات شعبية، و 17 مركزاً رياضياً وثقافياً، و13 مدينة رياضية متكاملة في مختلف المحافظات السعودية. [email protected]