يقلق عجز ميزان التعاملات الخارجية واضعي مشروع موازنة المغرب لعام 2013، إذ يُتوقع أن يرتفع العجز التجاري إلى نحو 200 بليون درهم (24 بليون دولار) نهاية هذه السنة، نحو 15 في المئة من الناتج الإجمالي. ويشكّل هذا الوضع خطراً يهدد الاحتياط النقدي بالتبخّر نتيجة تنامي حجم الواردات في مقابل استقرار الصادرات، بسبب الأزمة الأوروبية وارتفاع أسعار الطاقة الدولية. وأفاد التقرير الشهري لمكتب الصرف المشرف على العملات والتجارة الخارجية، بأن العجز المسجل بين كانون الثاني (يناير) وآب (أغسطس) من هذه السنة، «بلغ 128 بليون درهم (نحو 15 بليون دولار)، بزيادة 1.25 بليون دولار شهرياً في المتوسط عن العجز السابق». وعزا ذلك إلى «ارتفاع فاتورة المشتريات وتدني عائدات الرباط من السياحة والتحويلات والاستثمارات الأجنبية، التي تراجعت بنسبة 5 في المئة، أي أقلّ من 95 بليون درهم (نحو 11.3 بليون دولار)». وجرت العادة أن تُستعمل هذه المبالغ في تمويل عجز الميزان التجاري، وكان فائضها يُخزن لدى الاحتياط المركزي قبل الأزمة. وأشار التقرير، إلى أن «قيمة السلع المستوردة بلغ نحو 249 بليون درهم، بينما لم تتجاوز صادراتها 120 بليوناً، وهي المرة الأولى التي يتخطّى فيها العجز التجاري قيمة الصادرات التي لم تعد تغطي سوى 48 في المئة من مجموع التجارة الخارجية المقدرة ب369 بليون درهم من دون احتساب صادرات الخدمات». ولفت إلى أن «واردات الطاقة زادت 7.6 في المئة وكذلك فاتورة المواد الغذائية 2.5 في المئة، وآليات التجهيز 9.5 في المئة. وفي المقابل لم تنمُ الصادرات المغربية سوى 3.3 في المئة، ومنها الفوسفات الذي تحسّنت إيراداته بنسبة 14 في المئة ارتباطاً بارتفاع قيمة الدولار والمواد الأولية». الصادرات وأورد التقرير أن صادرات النسيج والملابس الجاهزة «انخفضت بسبب تراجع الطلب داخل أسواق الاتحاد الأوروبي، وارتفعت صادرات المغرب من السيارات إلى نحو نصف بليون دولار، ومبيعات قطاع غيار الطائرات والسكة الحديد». وأوضح أن ارتفاع عجز الميزان التجاري أدى إلى «انخفاض ملحوظ في قيمة الاحتياط النقدي الذي تراجع إلى 136 بليون درهم، ولم يعد يكفي مشتريات ربع سنة من السلع، وهو وضع مقلق للموازنة المقبلة التي تراهن على معاودة النمو الاقتصادي إلى خمسة في المئة، وتجاوز تداعيات «الربيع العربي» والأزمة الأوروبية». وبحث رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران أول من أمس مع اتحاد رجال الأعمال «الكونفيديرالية العامة لمقاولات المغرب» (سي جي إم)، في الوضع المالي والاقتصادي الصعب، وتوقعات النمو للعام المقبل والإجراءات التي تعتزم الحكومة تنفيذها في الموازنة الجديدة لإنعاش الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الشركات على الاستثمارات وتأمين فرص عمل جديدة للشباب. واعتبر مراقبون، أن الحكومة القريبة من التيار الإسلامي تسعى إلى إقناع التيار الليبرالي في «اتحاد رجال الأعمال» في الدارالبيضاء، بدعم مشاريعها في هذه المرحلة الصعبة والخروج من حال الانتظار وضعف رصيد الثقة بين الجانبين، وضخ استثمارات جديدة في الاقتصاد المغربي.