لن يجدي غضبه أو حتى رغبته في الرحيل إن أعلنها نفعاً، وسيظل مدافعاً عن شعار «الملكي» حتى ينقضي عقده ذو الأعوام الخمسة... هكذا قد يفكر السواد الأعظم من أنصار ريال مدريد الإسباني، عندما يكون الحديث عن نجم الفريق الأول البرتغالي كريستيانو رونالدو، لأنهم يدركون أن كلفة كسر عقده هي «بليون» يورو، ما يطرح السؤال العريض من القادر على دفع هذا المبلغ القياسي في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها القارة الأوروبية ؟. إدارة ريال مدريد كانت قد وضعت هذا البند في عقد انتقال المهاجم البرتغالي خوفاً من اقتحام رجال الأعمال العرب كرة القدم في أوروبا، بداية من فريق مانشستر سيتي الإنكليزي وفريق باريس سان جرمان الفرنسي، ولكن يبقى السؤال المطروح، هل بإمكان تلك الأندية بعتادها وملايينها تحمل نتائج المخاطرة بضخ مبلغ كسر عقد رونالدو؟ الإجابة ستحمل النفي غالباً، خصوصاً وأن نجاح نجم الريال الأول لا يكون حتمياً مع انتقاله إلى فريق آخر فهو أسير الظروف. «الدون» الذي تسبب في ضجة كبرى عقب تصريحاته الشائكة فور نهاية مباراة فريقه التي جمعته بغرناطة في المباراة التي جرت لحساب الدوري الإسباني، وحصل فيها «حامل اللقب» على النقاط الثلاث بفضل هدفي رونالدو الذي رفض التعبير عن فرحه، بل إنه لم يظهر حتى الضجر أو الغضب الصريح، فبدا يائساً ثقيل الحركة كثير التفكير بعد التهديف، وهو الذي اعتادت الجماهير أن تشهد احتفالاته الخاصة مع كل هدف وبطريقة عصرية، قبل أن يظهر بعد نهاية المباراة ليؤكد أن إدارة ناديه تعرف تماماً الأسباب التي جعلته يظهر مكتئباً أثناء المباراة، وقال: «أنا حزين بسبب مسألة احترافية والنادي يعلم السبب، لذلك لم أحتفل بالهدفين، لأني لست سعيداً، الناس (في النادي) يعلمون السبب». انتشرت التكهنات في إسبانيا حول «غموض رونالدو» فتصدر صفحات الصحف الرياضية ومواقع التواصل الاجتماعي، بل إن المغردين نظموا مسابقة على موقع «تويتر» بعنوان: «كريستيانو رونالدو حزين لأنه...» مطالبين بإكمال الفراغ، وجاء من بين التكهنات، أن كآبة ضربت اللاعب أو أنه تفاعل مع عرض غامض حصل عليه من نادٍ أجنبي. لكن الأقرب إلى تفسير تعاسته يأتي مربوطاً بحزنه الظاهر خلال حفلة توزيع جائزة أفضل لاعب في أوروبا للموسم الماضي، إذ حلّ ثانياً وراء إندريس إنييستا وتساوى مع الأرجنتيني ليونيل ميسي غريمه في برشلونة. بيد أن رونالدو (27 عاماً) نفى ذلك الأمر: «حزني لا يتعلق باندريس انييستا، لن أتحدث بهذه المسألة بعد الآن وسأركز على البرتغال في الوقت الحالي. هناك أمر أكثر أهمية (من التحدث عن فوز انييستا بالجائزة». وذكر رونالدو أن ليس باستطاعته قول المزيد لكن المسؤولين في ريال يعلمون عمّا يتحدث. المذيع الإسباني خوسيه رامون دي لا مورينا ذكر أن رونالدو التقى رئيس النادي فلورنتينو بيريز والمدير العام خوسيه انخل سانشيز كاشفاً لهما أنه يريد الرحيل «لأنه لا يشعر أنه محبوب في ريال، وليس مدعوماً من بقية زملائه». ما أحدث صدمة لبيريز وسانشيز خصوصاً وأن الحديث جاء في فترة باكرة من أيلول (سبتمبر) وهو توقيت باكر للحديث عن الانتقال. فتحت هذه القضية باب انتقال رونالدو إلى فريق آخر على غرار مانشستر سيتي الإنكليزي أو باريس سان جرمان الفرنسي أو إنجي ماكاشكالا الروسي، لكن مورينو صاحب المصادر الموثوقة يصر على أن حزن رونالدو يعود إلى تردي علاقته مع أصدقائه داخل غرف ملابس الفريق الأبيض: «اتصل (بيريز) بجورج منديس وكيل اللاعب، وسأله عمّا إذا تلقى عرضاً ضخماً أو ما شابه، فنفى معتبراً أن القضية شخصية مع رونالدو» رافضاً كشف الأسباب الحقيقية. وتابع بيريز في حديث لصحيفة «ماركا»: «لو أراد الرحيل لقال ذلك حين كان باب الانتقالات مفتوحاً، هناك أسباب أخرى خلف شعوره بالاستياء». ولكن في حال اتفق رونالدو مع إدارة ناديه «ودياً» على الرحيل في المستقبل، فكيف ستكون الأوضاع في الفريق «الأبيض» خصوصاً أن «الملكي» يعتمد بشكل أساسي على هدّاف الدوري الإسباني، والسلاح الذي طالما فتك به الخصوم، فهل بمقدور التركي مسعود أوزيل استلام المهام كافة والقيام بها على أكمل وجه؟، وهل سينجح المنتدب أخيراً الكرواتي لوكا مودريتش في سد الفراغ الذي سيخلفه «كريس» في حال مغادرته قلعة «الميرنغي»؟ أم أن الأرجنتيني دي ماريا سيتحمل المسؤولية كاملة ليخفي غياب «الفتى البرتغالي»؟ وحتى لو استعاد البرازيلي كاكا ثقة المدرب مورينيو، ومستواه الذي فقده منذ مواسم، فهل سيكون قادراً على تعويض «الدون»؟ سيتردد الكثير من أنصار «الريال» في الإجابة، وربما يصعب عليهم حتى تخيل «الملكي» من دون اسم رونالدو مطبوعاً على قميص اللاعب رقم «7» ضمن خريطة الفريق. أما لو رحل بالفعل، فماذا قد يكلف فرقة مورينيو؟ خصوصاً أن غالبية النجوم الذين ينتظرهم المستقبل ارتبطوا بعقود مع أندية في «سوق الانتقالات» الصيف الماضي، فلا يبدو أن هناك من يستطيع أن يحل بديلاً ناجحاً لرونالدو، ولكن المطالبات تتمحور حول اللاعب الكولومبي المتألق في مدريد أيضاً لكن مع «الأتلتيكو» وهو راداميل فالكاو، الذي قد يكلف خزانة النادي مبالغ طائلة، كذلك الأمر يتعلق بالنجم البرازيلي الصاعد نيمار على رغم بعض الأخبار الصادرة والتي اكدت أنه سيكون برشلونياً في عام 2014، لكن جماهير ريال مدريد تمني النفس باستقطاب هذين الاسمين على أن يكون من خلفهم نجم «الأرقام الخرافية» كريستيانو رونالدو. والغريب في الأمر أن مواطنه، المدرب جوزيه مورينيو رفض التعليق من قريب أو بعيد تجاه ماحدث وقال مورينيو في مقابلة مع صحيفة «إس» الإسبانية: «لن أقول شيئاً في هذا الموضوع». وتابع مورينيو: «أنا جاهز للحديث عن كل شيء، لكن لا تسألوني عن كريستيانو، يجب أن تفهموا، رجاء لا تصروا».