لم تحل السنوات ال 174 من عمر صحيفة أميركية محلية دون توقفها عن الصدور. وكأن سنّة الكون الموت تنطبق على الصحافة كما على قرائها. نشرت الصحيفة خبر نعيها بالخط العريض على صدر صفحتها الأولى، و«أغمضت» عينيها وصفحاتها عن الأحداث إلى الأبد.طوت صحيفة «آن آربور نيوز» الأميركية أخيراً، 174 سنة من الصدور عندما نقلت إلى قرائها «الخبر المفجع». وبدت رسالة الوداع التي كتبها رئيس تحرير الصحيفة إيد بتيكويسز شبيهة برسالة نعي صديق قديم يعاني المرض منذ زمن بعيد، على رغم الآمال المعقودة على الشفاء حتى اللحظات الأخيرة. أما سكان مدينة آن آربور الواقعة في ولاية ميتشيغان الأميركية، والتي تحمل الصحيفة اسمها (أخبار آن آربور)، فشعروا في اليوم التالي لصدور العدد الأخير من الجريدة في 23 تموز (يوليو) الماضي، بأنّهم تائهون بعض الشيء من دون هذه الصحيفة الوحيدة التي لم تغب عن المدينة منذ صدورها في عام 1835. وفي افتتاحية العدد الأخير، عزا بتيكويسز إغلاق الصحيفة إلى تراجع العائدات الإعلانية للصحيفة بسبب الأزمة المالية العالمية: «المردود المالي غير كاف، في حين أن المدفوعات باهظة». وشكا من أنه لم يكن بوسع قراء الصحيفة الدائمين أن يفعلوا شيئاً «لأنهم لم يكونوا يدركون مدى رداءة الوضع القائم». ولم يتردد بتيكويسز في تنبيه القراء من جعل الصحف (الورقية) تختفي تماماً لأنها «هي الوحيدة التي تفصل بين خدمة مصلحة المسؤولين الرسميين الذاتية وواقع الأحداث». في المقابل، تأجل موعد انطلاق الموقع الالكتروني للصحيفة AnnArbor.com مرات عدة، على رغم الكثير من الانتقادات السلبية على الموقع الجديد ونسخته المطبوعة. إذ اشتكى زوار الموقع من كلّ شيء، انطلاقاً من بساطة تصميمه وصولاً الى حجم الشعار، مروراً بصغر مساحة الصفحة المتاحة أمام آراء القراء. واللّافت أن الموقع أثار إعجاب طلاب جامعة ميتشيغان، الذين قد يشكلون قاعدة قراء قوية من شأنها أن تحيي الأمل في استمرار صدور الصحيفة، ولو إلكترونياً فقط. وطالب هؤلاء بأن يجري دعم الموقع الالكتروني للجريدة من كلية الصحافة في الجامعة. ويخطّط موقع AnnArbor.com للحصول على فريق عمل لقسم الأخبار يرواح عدده من 30 الى 35 فرداً، مقارنةً بالصحيفة الورقية التي بلغ عدد موظفيها 60 فرداً في نهاية فترة عملها، على رغم أن 23 موظفاً فقط عينوا حتى الآن، ويرجّح أن يعمل الباقون بدوام جزئي. وجاء إقفال صحيفة «أخبار آن آربور» كحلقة أخيرة من مسلسل إغلاق مجموعة من الصحف المحلية والاقليمية في الولاياتالمتحدة. لكن لم يظهر بعد تأثير خسارة هذه المطبوعات.