صادرات الثروة الحيوانية تتجاوز 8.4 مليارات ريال    الصادرات غير البترولية تقود نمو التجارة السلعية للمملكة    التضخم يتراجع إلى 1.7% في 2026    المملكة تستعرض إستراتيجيتها لتمكين المرأة خلال القمة العالمية للصناعة بالرياض    ترامب: نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا    رئيس مجلس النواب اللبناني: اعتداء «إسرائيل» على الضاحية مؤشر على احتمالية التصعيد    وزير الرياضة يشكر القيادة بمناسبة صدور موافقة مجلس الوزراء على نظام الرياضة    القبض على سوداني في الرياض لتحرشه بامرأتين    محافظ الأحساء يزور «معسكر وِرث» ويطلع على البرامج التدريبية العملية والنظرية    الملحقية الدينية بسفارة المملكة لدى نيجيريا تختتم المسابقة الوطنية لتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره    الهلال يتفنن برباعية على حساب الشرطة العراقي    صامطة تنهي المعاناة بشبكة تصريف للأمطار    الاتحاد الأوروبي يقر برنامجا دفاعيا جديدا يعزز شراكته الصناعية مع أوكرانيا    ب" مقصية رائعة": رونالدو يحصد جائزة الأفضل في الجولة التاسعة من دوري روشن للمحترفين    هدنة غزة تحت تهديد بطء التنفيذ واستمرار سقوط الضحايا    اتهامات بانتهاكات واسعة في الفاشر ومساع دبلوماسية لإنهاء الحرب    غدًا.. جدة تستضيف الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات «رالي السعودية 2025» للمرة الأولى في تاريخ المملكة    السفير المالكي يقدم أوراق اعتماده لرئيسة جمهورية الهند    أخضر المناورة وصيف القارة    وزير الرياضة يستقبل فريق السعودية    الهيئة السعودية للمياه، تفعل اليوم العالمي لنظم المعلومات الجغرافية بمشاركة أمانة الشرقية    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    دعم مشروع القائد ورؤيته التي تعمل على استقرار العالم    جنابري جاهز للمشاركة مع بايرن ميونخ أمام أرسنال    رسائل غير مرسلة    أمير جازان يبحث تعزيز الخدمات والتنمية الأمنية ويستقبل قيادات صندوق الشهداء والشرطة    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    هل تعزز رهانات خفض الفائدة فرص اختراق مستوى 4,150 دولارًا..؟    الحقيقة أول الضحايا    الشؤون الإسلامية في جازان تُشارك في اليوم العالمي للطفل    اتفاقية صحية لرفع جاهزية بنوك الدم وتوسيع نطاق حملات التبرع    وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 22 لمجلس الدفاع الخليجي المشترك    مركز الملك سلمان للإغاثة يُنظِّم معرضًا لإبراز الجهود الإنسانية للمملكة في اليوم العالمي للتوائم الملتصقة بنيويورك    نمو الصادرات السعودية غير البترولية بنسبة 21.7%    الجوازات تصدر 25,646 قرارا إداريا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    روسيا تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي    رئيس وزراء تايوان: "العودة" للصين ليست خيارا للشعب التايواني    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    الأطفال يتابعون الصقور عن قرب    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    117 دقيقة لأداء العمرة    الجوف.. مواقع تاريخية تجذب الزوار    زراعة أصغر منظم قلب لمولودة تزن 2 كجم    تقويم التعليم تطلق الرخصة المهنية للمدربين    عمار يا دمشق من غير إيكوشار    ضجيج اللحظة    أحمد السقا يستعد ل «خلي بالك من نفسك»    تطبيق الGPS.. ماله وما عليه    من السويد إلى قطاع غزة.. وثائق جديدة تكشف مسارات تبرعات «الإخوان» المشبوهة    آل الشيخ وموزاني يعقدان جلسة مباحثات رسمية.. تطوير التعاون البرلماني بين السعودية وإندونيسيا    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    «التجارة» تشهر بمخالف ارتكب الغش التجاري    الميكروبات المقاومة للعلاجات (1)    قطع غيار    تعزيز قدرات الاكتشاف المبكر للأعراض..«الغذاء»: ربط قاعدة التيقظ الدوائي بمنصة الصحة العالمية    أمير منطقة جازان يتفقد سير العمل في وكالة الشؤون الأمنية بالإمارة    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطعام والشراب في التراث الإسلامي
نشر في الحياة يوم 08 - 09 - 2012

في مدينتي الصغيرة مطوبس في مصر ألوان من الأطعمة لا توجد إلا فيها، كالكبابي وهو لحم يفرم مع الرز ويشكل كأقراص ويسوى في مرق اللحم، والبكاكينو هو نوع من الخبز الفاخر يصنع من اللبن والدقيق وغيرهما من المواد.
عندما انتقلت الى جامعة القاهرة وجدت ألواناً أخرى من الطعام كالكشري، فالطعام هنا جزء من ثقافة المكان، لكن في ظل العولمة تضاءلت ثقافة الطعام التقليدي، من هنا تأتي أهمية كتاب (الطعام والشراب في التراث الإسلامي) الذي صدر عن جامعة منوبة في تونس للباحثة الدكتورة سهام الدبابي الميساوي. قدم الكتاب الدكتور عبد المجيد الشرفي ذاكراً أنه قد يتساءل بعضهم عن قيمة الموضوع الذي اختارته سهام وهل يستحق الطعام والشراب فعلاً كل هذا الجهد بينما هو أمر مبتذل في ظاهره نمارسه كل يوم أكثر من مرة ولا تستقيم لنا حياة من دونه. أليس الاهتمام بالقضايا التي لها صلة بالفكر والسياسة وبالاجتماع أولى بأن تكرس له الجهود حتى يستقيم فيه الرأي وتصلح الحال؟ نسارع في الإجابة عن هذا الاعتراض من ناحيتين: أولهما أن تراثنا الغني في كل الميادين ما زال في حاجة أكيدة إلى من يكشف عنه كشف الفاحص المتمكن من أدوات البحث الحديثة، ولا يكتفي بالتغني به وباجترار ما فيه اجتراراً مرضياً انتقائياً. وثانيهما أنه آن الأوان لكي نكف عن النظر إلى ذواتنا في مرآة الآخر فنقتصر على ما يقوله عنا وعن تاريخنا وثقافتنا منبهرين أو رافضين.
الطعام والشراب ليسا على الدرجة التي يتوهم البعض من الابتذال. فالباب الأول وحده، وهو المتعلق بالحلال والحرام من الأطعمة والأشربة، يثير من القضايا التي تتعلق بالدين والأخلاق والعادات ما يتجاوز المألوف ويحيل على اختيارات وجودية واجتماعية أساسية. ففي الشراب الخبيث صنفان: مقدس ومدنس، وكذا الأمر في الخبائث من الطعام: لحم الخنزير والدمو الميتة ولحوم الذبائح والقرابين. أما الطيبات من الطعام فلم يتفق الفقهاء على تحديد أنواعها واختلفت مذاهبهم، بحسب عدد من العوامل البيئية والاجتماعية.
وفي الأبواب الثلاثة الأخرى من الكتاب أكثر من مجال يجد فيه القارئ متعة المعرفة والاكتشاف. فحين درست المؤلفة النيء والمطبوخ بحثت عن ما يدل عليه الفرق بين الطعام الموجود في الطبيعة والطعام الذي يخضع لأنواع من المعالجة ليست كلها بالنار ولكنها تعكس في كل بيئة ثقافة معينة ملائمة للعناصر الموجودة فيها. وبذلك يتبين التطور الذي حصل بانتشار الإسلام من طعام العرب في الفطرة والطبيعة، من لبن وتمر ولحم ودقيق وكمأة وجراد وضب وما إليها، إلى طبيخ المسلمين ومختلف العمليات التي يحول بها من تنظيف وتطهير وتطييب وتحويل وقطع ودق وعجن وحشو وعصر ونقع وإنتباذ وتخمير وطبخ ثم تقديم، كما أن علاج الأطعمة لم تتوخ فيه الطريقة نفسها في العراق ومصر والشام والمغرب والأندلس.
في باب النفع والضرر في الطعام والشراب، شتات العناصر التي تكون البنية الأساسية للنسق الغذائي، وهكذا تقف على كيفية الغذاء وكميته وزمنه، وعلى ما يؤكل كل يوم وما يؤكل في الفصول المختلفة وما ينصح به الأطباء بحسب الأسنان، وما يتميز به غذاء المرأة وغذاء الرجل، وسترى أن المدونة الطبية ركزت بالخصوص على الأغذية «البائية» التي تعين على الجماع بالنسبة إلى الرجل والحمل بالنسبة للمرأة، بما فيها من وصفات طبيعية وأخرى سحرية، واعتنت في هذا النطاق بغذاء الحامل والنفساء والمرضع، وميزت بين أصناف الأطعمة عند أهل الراحة وأهل التعب، واعتمدت مقاييس محددة في هذا التصنيف، من سرعة الهضم وبطئه، وغلظة الطعام ولطفه، وغيرها من المقاييس المعبرة عن اسلوب الحياة. كما يطالعك بحث في الأفضل من الأغذية سواء النباتية ( الأخباز والفواكه والبقول والتوابل والأبازير والأبنذة والخمور) أو الحيوانية (الحيوان الماشي والحيوان الطائر والحيوان السابح، والعسل) وكيف أن الطبخ يحول الأغذية من ضارة إلى نافعة، ومن غليظ إلى لطيف ومن بارد إلى حار، والعكس بالعكس.
فإذ اوصلت إلى آخر أبواب الكتاب تابعت تحليل المؤلفة، لصنفين رئيسين آخرين، جامعين هما كذلك، من الطعام والشراب، وهما اليومي والعادي الرتيب الذي تغلب عليه السنن الألوفة، بما فيها من لياقة الخاصة، من جهة أولى، والاحتفالي الخارق للمألوف من جهة ثانية. وعلى هذا الأساس كانت دراستها للحفل وما يتصل به من دعوة وضيافة، وما تتميز به ولائم العبور (الخرس والعقيقة، والإعذار، والإملاك والعرس، والوضيمة والوكيرة والنقيعة والحداق) ومآدب المواسم، وبالخصوص منها موسم الربيع، والمهرجان في الخريف والأعياد والمناسبات الدينية (رمضان وعيد الفطر والحج وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية والمولد النبوي وعاشوراء وأعياد النصارى والفرس في عدد من المناطق). واندرج في هذا المحور حديثها عن شراب اللذة وعن مجلس الشراب في الشعر و النثر.
كان بحث سهام الدبابي الميساوي جامعاً لمظاهر من الحياة اليومية من خلال نسق أساسي من أنساقها هو في العادة مهمل، رغم أن الطعام والشراب عماد الحياة البشرية ومحدد لمنزلة الإنسان وعنصر من عناصر الاجتماع برموزه وطقوسه وقواعده، رغم أن كل عنصر من عناصر هذا الموضوع محل اهتمام واسع لدى الدارسين في المغرب.
سبق الباحثة حلمي سالم في أطروحة دكتوراه بجامعة الإسكندرية عنوانها (حرف وصناعات الأطعمة والأشربة في مصر في العصر المملوكي) نوقشت عام 1970م، وكذلك تحقيق الدكتور عبد الغني أبو العزم لمخطوطة أنواع الصيدله في ألوان الأطعمة» تتناول الطبيخ في المغرب والأندلس في عصر الموحدين»، لكن طريقة تناول الباحثة سهام الميساوي تفوقت على كل ما سبق نشره بالعربية في الموضوع ذاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.