كشفت مصادر عراقية مطلعة على الاتفاق المبرم بين الجانبين الأميركي والبريطاني مع تنظيم «عصائب اهل الحق» حول مبادلة المخطوفين البريطانيين بمعتقلين من التيار الصدري عن قرب تسليم جثتي رهينتين بريطانيين خلال ايام، واستبعدت تسليم الرهينة الاخير قبل اطلاق نحو ألف معتقل من تيار الصدر، فيما أفادت مصادر مقربة من الحكومة وجود صفقة تشمل القاء السلاح والانخراط في العملية السياسية. وذكرت المصادر في اتصال مع «الحياة» ان «موعد تسليم جثتين لبريطانيين من المخطوفين سيتم قريباً جداً بعد اطلاق القياديين في «جيش المهدي» حسن سالم وصالح الجيزاني الاربعاء الماضي». وأضافت ان «الشيخ زعيم التنظيم قيس الخزعلي خول احد الوزراء السابقين رعاية تنفيذ الاتفاق من الخارج (خارج السجن، ويشمل التخويل استلام المفرج عنهم من المعتقلين ان كانوا من قيادات التيار الصدري او العناصر الاخرى) فيما يقوم هو شخصياً بإدارة التفاوض من الداخل». وتابعت المصادر: «بحسب ما يجري فإن الصفقة ستتأخر بعض الوقت لحل ملفات المطلوب الافراج عنهم، ويبلغ عددهم الفاً بينهم اكثر من عشرة من القيادات مثل الشيخ مؤيد الأسدي قائد جيش المهدي في الناصرية ابان الاشتباكات المسلحة مع القوات الايطالية والاميركية في تموز 2005، وعلي داقوق (لبناني) والحاج شبل احد الوسطاء للتفاوض مع العصائب حول المخطفون، وعلي اللامي المدير التنفيذي لهيئة اجتثاث البعث الذي اعتقلته القوات الاميركية نهاية عام 2008 بتهمة التنسيق بين المجموعات الخاصة وحزب الله اللبناني». وأكدت المصادر ان «آخر اثنين سيطلق سراحهم في الصفقة وفق الاتفاق هما الخزعلي والرهينة البريطاني الحي الاخير، إذ يصر زعيم العصائب على اخراج الجميع قبل اطلاقه على ان تتم جميع مراحل الاتفاق قبل بدء الانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في كانون الثاني (يناير) المقبل». الى ذلك أفادت مصادر مقربة من الحكومة وجود صفقة «ابعد من اطلاق الف معتقل من التيار الصدري تشمل القاء السلاح والانخراط في العملية السياسية». وفي اتصال مع «الحياة» قالت تلك المصادر ان «الاسس والمبادئ التي تم بموجبها فتح الحوار مع العصائب مبنية على ضرورة استقطابهم الى العملية السياسية عبر دفعهم الى القاء السلاح والانخراط في العملية السياسية، وهذا الامر لا يتم الا بحل قضية المخطوفين اذ لا يمكن لاي جهة تدخل الحكومة وهي تنشط عسكرياً وتحتفظ بمخطوفين». وحول الهدف من استقطاب «العصائب» اوضحت المصادر ان «هذه العملية جاءت قبل عام ونصف عام عندما قرر اكثر من حزب شيعي احداث انقسام داخل التيار الصدري وجيش المهدي لاضعاف زعيمهم مقتدى الصدر». الى ذلك، رجحت صحيفة «الغارديان» البريطانية في تحقيق نشرته أمس احتمال تورط مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي بخطف البريطانيين الخمسة، الذين قتل الخاطفون أربعة منهم، بدافع الحفاظ على سرية مكان وجود بلايين الدولارات من الأموال العامة المختلسة. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول وصفته بالبارز في الإستخبارات العراقية ووزير بارز في الحكومة العراقية فاوضا خاطفي الرهائن البريطانيين القول: «إن خطف خبير الكومبيوتر بيتر مور وحراسه الأربعة عام 2007 لم يكن عملية سهلة من قبل عصابة من المسلحين، بل عملية معقدة تم الإعداد لها بمساعدة من داخل الحكومة العراقية». وأشارت الصحيفة إلى أن شهود العيان على عملية الخطف أبلغوها بأن رؤساءهم في العمل طلبوا منهم إلتزام الصمت «لأن العملية كانت على مستوى دولة وليس تنظيم، والدولة هي الوحيدة القادرة على القيام بمثل هذه العملية». وكشفت «الغارديان» أن شخصاً غربياً آخر كان يعمل مع مور وقت الخطف تمكن من تفادي عملية الخطف بعد أن اختبأ في دورة مياه في مبنى وزارة المال العراقية ببغداد حيث جرت عملية الخطف. وقالت إنها أجرت مقابلات كثيرة خلال الأشهر ال10 الماضية مع شخصيات عراقية بارزة وشهود عيان وضابط بريطاني سابق حقق في عملية الخطف لمصلحة الشركة التي عمل لحسابها البريطانيون الخمسة في العراق، وأجمعت إفادتهم على أن الخاطفين كانت لهم صلات داخل الحكومة العراقية. وأضافت الصحيفة أن تحقيقها اكتشف أيضاً دليلاً دامغاً على أن أحد الدوافع الرئيسية وراء عملية الخطف قد يعود إلى طبيعة العمل الذي مارسه البريطانيون الخمسة في مكافحة الفساد المستشري على نطاق واسع في الوزارات العراقية. وأشارت المصادر إلى أن خبير الكومبيوتر مور كان يعمل على إنشاء نظام حاسوبي جديد لملاحقة بلايين الدولارات من أموال النفط العراقي والمساعدات الخارجية عبر وزارة المال، وكان النظام الذي سُمي «نظام معلومات الإدارة المالية» على وشك الانطلاق عند وقوع عملية الخطف. وأُعلن الأربعاء أن رهينتين بريطانيين من الرهائن الخمسة قُتلا أيضاً على يد الخاطفين بعد مقتل اثنين من زملائهم هناك الشهر الماضي.