رمزية الوردة كهدية، كانت تكفي لنقل أطيب التمنيات إلى مريض أو حبيب أو أمّ أو عائلة رُزقت مولوداً جديداً، لكنها لا تُسقط حقَّ توجيه عبارات التهنئة. أما اليوم، فقد سقط واجب التعبير بعبارة شفوية، أو مكتوبة على بطاقة مرفقة بباقة الأزهار، بعد دخول تقنية جديدة للطباعة على الأزهار الطبيعية لا تؤثر على معالم الوردة أو على رائحتها، كما لا تستدعي تغييراً في شكلها. التقنية، التي بدأت في الولاياتالمتحدة قبل سنوات، دخلت السوق العربي فناً ينافس الهدية التقليدية، وباتت منتشرة في أربعة بلدان عربية، منها لبنان، عبر حق حصري لمجموعة speaking roses في نشر هذا الفن التعبيري المرهف في البلدان العربية. وإذا كانت تقنية ما قبل الطباعة على الورود الطبيعية، وصلت الى حدود إرفاق صور بباقة الأزهار تضاف إليها تعابير رقيقة تنقل مشاعر مرسِل الهدية الرمزية، فإن هذه التقنية قفزت إلى عالم أوسع نطاقاً من حيث التعبير، عبر طباعة الكلمات ذاتها بثمانية ألوان متناسقة مع لون الزهرة، وطباعة صورة على الزهرة نفسها إذا رغب الزبون في ذلك. وتُظهر صورةٌ ينشرها موقع flowers printer على شبكة الإنترنت، طابعةَ لايزر شبيهة إلى حد بعيد بالطابعات الورقية المستخدَمة في المكاتب، من حيث الحجم والشكل، مع فارق بسيط، هو أنها غير حرارية، ويتسع درج الأزهار فيها لزهرة واحدة، وتعتمد طريقة الطباعة الرقمية، بعد تحديد اللون على الكومبيوتر، وهي تشبه الى حد بعيد طابعة الصور على قوالب الحلوى، مع فارق في نوع الحبر... وبإمكان هذه الطابعة ان تنقل أرقّ المشاعر والأمنيات على الوردة، التي لطالما اعتُبرت أفضلَ الهدايا وأكثرَها رومنطيقية في حياة شعوب العالم. دخلت هذه التقنية لبنان عام 2010، عبر متجر Speaking roses، الوكيل الحصري لها في الشرق الأوسط، الذي أسسه الشابان علي العلي وجورج الشويري لهدف فني يتخطى الأبعاد التجارية، بعد التماسهما حاجةَ السوق اللبناني الى تطوير الهدية التقليدية. واللافت في هذه التقنية، أنها تراعي العمر الافتراضي للأزهار الطبيعية من دون التأثير على الرائحة الطيبة التي تنبعث من الزهرة، أو على شكلها. وتوضح مديرة المتجر في بيروت ريما دبيبو، من غير أن تحدّد تقنية الطباعة المستخدمة، أن «الطريقة التي نعتمدها متطورةٌ الى درجة عدم التأثير على شكل الوردة نهائياً»، مشيرةً الى أن «الأزهار لا يمكن أن تذبل قبل أوانها، وابتكرنا طريقة للحفاظ على الهدية كتذكار حتى بعد يباسها». العبارات على الوردة، التي تُنقل بثمانية ألوان على الأزهار، ويختار الزبون أحدها، تتنوع بين الأبيض والذهبي والفضي والأحمر والأسود... وتجري طباعتها على عدة ألوان من الأزهار وعدة أنواع من الورود المعتمدة في الهدايا، مثل: الجوري، القرنفل، الأوركيد، التوليب، الزنبق... وغيرها من الأنواع المعروفة، رغم أن «الوردة الجورية هي الأكثر طلباً، وخصوصاً الحمراء والبيضاء منها». ويكشف هذا الإقبال الهدف من الهدية، التي يبدو أنها أكثر ما توجَّه الى العشاق وتقدَّم كباقات في أعياد الميلاد والتهاني والمناسبات العائلية، مثل عيد الأم. وتشير دبيبو الى أن الطلب يُلبى بعد طلبه بفترة 24 ساعة، بينما طباعة الصور الرقمية على الورود تتطلب فترة أسبوع. وتتنوع عبارات المجاملة المطبوعة على الأزهار بين عبارات «الحمد لله على السلامة» و «نتمنى لك الشفاء العاجل» و «كل عام وأنتم بخير» و «أحبك»... وغيرها من العبارات المتداولة باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية. وتلفت دبيبو الى أن جدار الوردة يتسع ل 26 حرفاً في العبارة الواحدة، وهي تغني عن بطاقات المعايدة والتهنئة التي باتت بنظر شباب لبنانيين «من الماضي». أما شكل الهدية، فيتبدل وفق طلب الزبون، فمنهم من يكتفي بوردة واحدة، ومنهم من يطلب باقة متنوعة الأنواع والعبارات لتقديمها هدية في مناسبات مختلفة، مثل المباركة بمولود جديد، أو احتفاءً بعيد الأم وعيد العشاق وأعياد الميلاد. وتتيح الصور المتوافرة في المتجر للراغبين انتقاء ما يناسبهم، مع وجود اكثر من 220 شكلاً من الباقات المتوافرة لتنسيقها وتقديمها كهدية. ولا يقتصر عمل المتجر في لبنان على توفير ما هو متوافر في أكثر من ثلاثين ولاية أميركية وعشر دول أوروبية... فقد طوّر تقنية لتحنيط الأزهار بماء الذهب أو ماء الفضة أو البلاتين، ما يبقي الزهرة على شكلها الطبيعي، متوهجة بلون الذهب أو لون الفضة، وهو شكل آخر من الهدية الرمزية، لا تتغير بفعل الزمن، ولا يختلف شكلها. الأزهار بالمعاني الرومنطيقية فن جديد يدخل عوالم المجتمع الحديث، مستنداً إلى التطور التقني الذي يحافظ على شكل الهدية الأولى، ويزيدها مضامين رمزية باستطاعتها أن تغني عن التواصل الشفوي في المناسبات.