نحن في وسطنا الرياضي أمام أحد أمرين، إما أن نكون أصحاب منطق تفرضه أخلاقنا وقيمنا وعدالتنا، أو أننا لا نعترف بالمنطق، الذي هو علم قائم بذاته. وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن أول شيء يجب أن نفهمه، أن نعرف ما هو المنطق، وهل له ارتباط بالعقل والتفكير واتخاذ القرارات الصائبة؟ جاء تعريف المنطق في اللغة العربية على أنه الكلام الدال على التعقل والتفكير في آن واحد، ويعرّفه عالم الفلسفة والأدب المسلم الفارابي على أنه صناعة القوانين التي من شأنها أن تقوّم العقل وتصوّب الإنسان نحو الحق والصواب، وفي العصور الحديثة ينظر له على أنه «علم قوانين التفكير». أمام هذه التعريفات لأهم أساتذة علم الفلسفة والأدب في عصور سابقة، وإن ظلت قائمة إلى وقتنا الحاضر، إذ يدرّس هذا العلم في بعض جامعاتنا العربية، إلاّ أن المنطق ظلّ غائباً! لكنني أزعم أننا وعلى رغم حرصنا ورغبتنا في أن نكون منطقيين وموضوعيين في قراراتنا وحواراتنا، غير أن مصالحنا وأهدافنا وعلاقاتنا باتت تحكم في آرائنا وقراراتنا! إذا كنت رئيساً لأحد الأندية الكبيرة، فإن معظم القرارات التي ستقوم بالتوقيع عليها لن تكون نابعة من قناعتك الشخصية، ولكنها جاءت بفرض من الأغلبية وهم الجمهور! وإن كنت رئيساً للجنة في اتحاد كرة القدم، كالمسابقات أو الفنية أو الانضباط، فلن تكلف نفسك العودة إلى الأنظمة والقوانين واللوائح، ويكفي أن تعرف فقط اسم النادي الذي ستوقع عليه العقوبة، أو كان يطلب تأجيل لإحدى مبارياته بعد أن قدم ما يدعم به طلبه. لم تعد مفاجأة لي عندما توقع لجنة الانضباط غرامة مالية على النادي الأهلي، أو على نادي الاتحاد يسبب تصرفات الجمهور في الناديين، حتى إننا من كثرة ما توقع اللجنة غرامات على «الأهلي» حفظنا صياغة الخطاب الذي لم يتغير إلاّ في أرقامه المالية التي تتضاعف! والحقيقة أنني كنت أعتقد أن لجنة المسابقات والفنية واللعب النظيف هي أفضل حالاً من لجنة الانضباط، وأن قراراتها قائمة على «المنطق»، حتى جاء قرارها الأخير بالاعتذار لإدارة النادي الأهلي عن طلبها تأجيل مباراة فريقها أمام الاتحاد بسبب اختيار 7 لاعبين للمنتخب الأول! ولا أدري «أي منطق» هذا الذي جعل «المسابقات» ترفض طلب الأهلي، وهو الفريق المتضرر، ولو كان هذا الطلب لغير الأهلي، للهلال أو النصر مثلاً، فهل سيكون قرار لجنة المسابقات هو القرار ذاته؟ أنا لست هنا في موقع من يضع اللجنة تحت طائلة الاتهام، لكنني أرى بأن طلب الأهلي «منطقي جداً»، واعتذار لجنة المسابقات «غير منطقي»، واستمرار الرفض يعني اعتذار الأهلي عن لعب المباراة، وتقديم شكوى ل«فيفا» بداعي فرض لعب مباراة دربي في ظل غياب أكثر من نصف لاعبي الفريق الأساسيين المختارين للمنتخب الأول! فهل هذا ما تبحث عنه لجنة المسابقات والفنية واللعب النظيف ورئيسها وأعضائها المحترمين؟ [email protected]