ينطلق الموسم الخمسون من الدوري الألماني لكرة القدم «بوندسليغا» اليوم (الجمعة)، وهو يحتل مكانة لافتة في القارة العجوز، نظراً للتقدم الكبير الذي حققه في السنوات الأخيرة على الصعيدين الفني والجماهيري. أصبحت «البوندسليغا» من البطولات التي تجلب المتعة للمشاهد الأوروبي، وتزامن بروزها مع تراجع أهمية بطولتي إيطاليا وفرنسا، إذ على سبيل المثال سيحضر مباراة بوروسيا دورتموند حامل اللقب في الموسمين الأخيرين غداً الجمعة مع فيردر بريمن التاسع 80 ألف متفرج على ملعب الأول «سيغنال ايدونا بارك». بعد تأسيسه في 28 تموز (يوليو) 1962 من دورتموند تحديداً، سار الدوري الألماني على سكة مالية صحيحة، خلافاً لمعظم الدوريات الكبرى لأوروبا الغربية التي تغرق أنديتها في ديون كارثية، فيما تفتقد مدرجات البطولات الأخرى للجماهير باستثناء مباريات القمة فيها، تعج الملاعب الألمانية بعشاق المستديرة. بعد نصف قرن على انطلاق القاطرة الألمانية رقم واحد يلخص النجاح الاقتصادي للدوري، إذ بلغت دورة رأسمال أندية النخبة الموسم الماضي بليون دولار أميركي. هذا يؤكد تنامي القوة الاقتصادية للدوري الذي أصبح في المركز الثاني وراء الدوري الإنكليزي الممتاز «برميير ليغ»، متقدماً على الليغا الإسبانية وال«سيري أ» الإيطالية. وفي ظل نفاذ تذاكر مباريات الأندية الكبرى على أرضها، بلغ معدل الحضور الموسم الماضي 44293 متفرجاً في المباراة الواحدة، وهو مرشح للزيادة في موسم 2012-2013. دورتموند نال حصة الأسد، نظراً لسعة ملعبه والحضور الجارف لجماهيره، فبلغ معدله 80521 متفرجاً، ليتخطى حتى العملاق الإسباني برشلونة. أصبح تسويق البوندسليغا أسهل من البطولات الأخرى، فالفرجة متوافرة مع ثلاثة أهداف كمعدل تسجيل في المباراة الواحدة، وأسعار تذاكر مقبولة للمباريات، إذ تعرض بعض الأندية بطاقات بأقل من 20 يورو، ما يعني أن الرحلة لمتابعة إحدى المباريات، يمكن بسهولة أن تكون عائلية. النوعية المرتفعة سمحت لرابطة الدوري ببيع حقوق النقل التلفزيوني في نيسان (إبريل) الماضي لأربعة مواسم مقبلة، بقيمة 628 مليون يورو في السنة في مقابل 412 مليون يورو في العقد الماضي. قانون «50+1» في الدوري يحظر على أي فرد امتلاك أكثر من 50 في المئة زائد حصة واحدة من أي نادٍ، ما يعني أن الأندية الألمانية أقل عرضة للسيطرة عليها من رجال الأعمال الأجانب الأثرياء. العملاق البافاري بايرن ميونيخ لطالما اعتبر نفسه كنموذج للأعمال التجارية الناجحة في عالم كرة القدم. مازح رئيس بايرن أولي هونيس أخيراً: «عندما تذهب الأندية الأخرى إلى المصرف، تقصد قسم القروض، عندما نذهب نحن إلى المصرف، نودع الأموال في حسابنا». على رغم إنهائه الموسمين الأخيرين من دون أي لقب، حقق بايرن دخلاً مالياً في موسم 2010-2011، بلغ 328.5 مليون يورو، ويملك النادي احتياطاً مالياً بأكثر من 129 مليون يورو. يبقى على الأندية الألمانية العودة إلى المنافسة على البطولات القارية الكبرى، فعلى رغم بلوغ بايرن نهائي مسابقة دوري الأبطال مرتين في السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أن لقبها الأخير يعود إلى عام 2001 مع بايرن بالذات. أغلى لاعب في تاريخ الدوري الألماني كان ماريو غوميز عندما استقدمه بايرن من شتوتغارت في مقابل 35 مليون يورو عام 2009، وهو رقم بعيد جداً عن 94 مليون يورو، دفعها ريال مدريد الإسباني لاستقدام البرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد الإنكليزي في العام عينه.