استوقف المراقبون ترقية هيو جينتاو ليو يازهو الى مرتبة جنرال الى جانب 5 عسكريين آخرين في نهاية تموز (يوليو) الماضي. وهو ابن الستين عاماً شغل الى وقت قريب منصب رئيس اللجنة السياسية في جامعة العلوم الدفاعية في بكين، وهو عسكري استثنائي يغرد خارج السرب، وسيرته المهنية تخالف المألوف. فهو كاتب روايات عسكرية وأبحاث. ولم يخف تأييده النظام الاميركي في سلسلة مقالات نشرت في 2010 في مجلة «فينيكس» الهونغ كونغية، وقال: «ليس وراء نجاح الولاياتالمتحدة وول ستريت ولا سيليكون فالي (وادي السيليكون)، بل دولة القانون المستندة الى نظام سياسي... وارساء الديموقراطية هو حاجة ماسة. ومن غيرها لن تقيض الحياة المديدة لبروز (الصين)... وعلى خلاف النظام الديموقراطي، أفول نظام يجثم على أنفس المواطنين ويقيد حرية تعبيرهم ولا يرفع القيود عن ميولهم الابداعية الخلاقة... محتم». ونشرت مجلة هونغ كونغية أخرى مقتطفات من خطاب ليو يازهو في 2009 يذهب فيها الى تأييد جنرالين في الجيش الشعبي عارضا في 1989 ارسال الدبابات لقمع المتظاهرين في ساحة تيان آن مين. وهذا الجنرال الصيني يجمع بين الميل الديموقراطي والتعصب القومي: فهو شجب أكثر من مرة اليابان وسياساتها في مقالاته. وكتب مقدمة كتاب للكولونيل القومي ليو مينغفو تناول الحلم الصيني بالارتقاء قوة عظمة. ويرى ميشيل بونّين، الخبير في الشؤون الصينية، أن ليو يازهو عسكري قومي يتحدر من حركة 4 أيار (مايو) 1919 القومية والتقدمية المعادية لليابان. فهو يدعو الى عدم قصر عملية التحديث في الصين على القطاعين العلمي والتكنولوجي، والى تغيير الايديولوجيا الصينية وتجديدها. وليو يازهو هو كذلك «تايزي»، احد ابناء الامراء الحاكمين السابقين. فحماه هو لي شيان نيان، الرئيس الصيني بين 1983 و1988، ووالده هو ضابط سابق. ولذا، لم يُقصَ من صفوف العسكر بَعد. وليو يازهو هو عسكري يواكب العصر الحديث ويميل الى الديموقراطية. وتتباين تصريحاته الجريئة ومطالباته السياسية مع أداء غيره من العسكريين. وهو يقدم صورة جديدة عن العسكر الصيني، على قول هيو تشانغدون من معهد التكنولوجيا في بكين. ولو تفوه غيره من العسكر بمثل ما يقوله لقمع ولشذّب مقص الرقيب كتاباته. وشقيق ليو يازهو هو ليو يايوي، مدير برنامج الصين في مركز أبحاث كارتر الاميركي. وهو خبير لامع في الشؤون الصينية اجرى بحثاً دقيقاً عن الانتخابات الريفية في الصين صدر في نشرة «مراجعة الانتخابات الصينية والحوكمة»، ونشر دراسة تحليلية مطولة تناولت النموذج الصيني الآيل الى طريق مسدود وبروز الحاجة الى ارساء الديموقراطية. وترقية ليو يازهو هي مؤشر لا يستهان بأهميته لإظهار احوال الجيش الصيني. فهو قائد نافذ يُجمع على تأييده جيانغ زيمين، الرئيس الصيني بين 1993 و2003، والرئيس هيو جينتاو، وشي جي بينغ، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في لجنة الحزب الشيوعى الصيني المركزية. والتأييد هذا يرشحه الى أن يكون ركناً سياسياً وايديولوجياً من أركان قيادة الاركان الصينية في الاعوام المقبلة. واليوم، يجد الجمع بين الانحياز الى الديموقراطية وبين المغالاة في القومية صدى طيباً في اوساط عامة الصينيين. * مراسل، عن «لوموند» الفرنسية، 11/8/2012، إعداد منال نحاس