صعّدت السلطات الإيرانية حدّة المواجهة مع الإصلاحيين، بإعلانها أمس أنها ستبدأ بعد غد السبت، محاكمة 20 معتقلاً أوقفوا خلال الاحتجاجات التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد لولاية ثانية. تزامن ذلك مع شهادات ينشرها محتجون سابقون، تروي سوء المعاملة التي تعرضوا لها في مراكز الاعتقال. جاء ذلك في وقت أعلن المرشحان الخاسران في الانتخابات مير حسين موسوي ومهدي كروبي انهما سيزوران اليوم مقبرة «بهشتي زهراء» الكبرى جنوب العاصمة، حيث دُفن ضحايا تظاهرة 20 حزيران (يونيو) التي قُتل خلالها العديد من الأشخاص. وأورد الموقع الإلكتروني لحزب «اعتماد ملي» الذي يرأسه كروبي: «بعد رفض وزارة الداخلية منح ترخيص لإقامة مهرجان تأبيني في المصلى الكبير في طهران، لمناسبة أربعين قتلى حوادث 20 حزيران، سيزور موسوي وكروبي بعد ظهر الخميس (اليوم) مقبرة الضحايا، للوقوف الى جانب عائلاتهم وإحياء لذكراهم». وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) بأن «حوالى 20 شخصاً» سيحاكمون بدءاً من السبت، بتهمة «التخطيط لعمليات تخريب وتنفيذها». وأوضحت ان المحاكمات ستكون «المرحلة الأولى»، مشيرة الى ان المراحل التالية ستشمل «من أمر باضطرابات ما بعد الانتخابات»، في إشارة الى سياسيين إصلاحيين. ونقلت «إرنا» عن كاظم جلالي، الناطق باسم لجنة شكلها مجلس الشورى (البرلمان) لمتابعة أوضاع المعتقلين، قوله إن 250 شخصاً على الأقل ما زالوا محتجزين، بينهم 50 سياسياً. لكن قناة «برس تي في» نقلت عن الناطق باسم القضاء علي رضا جمشيدي قوله إن ثمة 300 معتقل. ونُشرت على مواقع إصلاحية في الأيام الأخيرة، شهادات لمعتقلين أطلقوا، روت سوء المعاملة التي تلقوها في السجون. ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن أحدهم قوله انه كان بين حوالى مئتي محتجز في غرفة واحدة، في مركز اعتقال «كهريزك» الذي أمر المرشد علي خامنئي بإغلاقه. وعدّد أسماء 6 سجناء قال انهم توفوا بسبب تعرضهم للضرب. لكن «إرنا» نقلت عن قائد قوى الأمن الداخلي اسماعيل احمدي مقدم ان «تلوّث أحد السجون أدى الى وفاة أحد الأفراد، وهو أمر مرفوض». وأضاف: «اذا ألحقت عناصر قوى الأمن أضراراً بأي شخص، أبدينا تعاطفاً معه وحاسبنا هؤلاء». في السياق ذاته، تناول رجل الدين المعارض حسين علي منتظري وفاة متظاهرين في السجون. وقال في رسالة وجهها الى موسوي وكروبي والرئيس السابق محمد خاتمي ان «المعتقلين في السجون يُرغمون على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب، وكل يوم تُسلم جثة لأهل الضحية». وسأل منتظري السلطات الإيرانية «ما الجريمة التي ارتكبوها؟ فهم لم يفعلوا الا التظاهر سلماً ضد المخالفات الكبيرة والتزوير في الانتخابات». وكتب في الرسالة التي أوردتها وكالة «فرانس برس»: «هل كان الهدف من إنشاء الحرس الثوري والميليشيا الإسلامية (الباسيج)، قتل الاخوة وقمع الناس»؟ وأبدى «قلقه الكبير»، مطالباً المسؤولين باللجوء «الى العقلانية والشريعة الإسلامية قبل تفاقم الأزمة». وحذرت «جمعية المهندسين المسلمين» المحافظة التي يقودها محمد رضا باهونار نائب رئيس مجلس الشورى، نجاد من ان يلقى مصير الرئيس السابق ابو الحسن بني صدر الذي أسقط المجلس أهليته القانونية، وهرب الى الخارج. ونشرت الصحف رسالة من الجمعية، اعتبرت ان نجاد يريد ان «يكون الصوت الوحيد في البلد، ولا يقبل بالأصوات الأخرى». وحذرت الرسالة نجاد من اي «وهم» حول سبب فوزه في الانتخابات الرئاسية، موضحة انه جاء فقط نتيجة وفائه للمرشد. ولفتت الى ان «الأصدقاء الذين دعموكم والشعب وكل المحافظين، يراقبون باهتمام سلوككم، خصوصاً (إزاء) مسألتين: الخضوع التام للمرشد، والفاعلية». وأضافت ان «التجربة تدل على ان الذين يبتعدون، عن رجال الدين البارزين بأي ذريعة، يصبحون على رأس مجموعات منحرفة».