بينما يتواصل كابوس رجل الأعمال الأسترالي روبرت مردوخ في بريطانيا، والذي بدأ العام الماضي مع فضيحة تجسس صحيفة «أخبار العالم» (المملوكة لمردوخ) على مشاهير وناس عاديين في بريطانيا، ولم تنته بعد إذ دفعت التطورات المستمرة الشهر الماضي مردوخ نفسه للتنحي عن إدارة مجلس الصحف البريطانية التي يملكها، تسير الأمور على حالها في امبراطورية مردوخ الإعلامية حول العالم، بل إن شقها التلفزيوني يواصل توسعه في أوروبا. وفي هذا السياق، أعلن الأسبوع الماضي إن شركة «فوكس» الأميركية التابعة لمردوخ اشترت حقوق نقل مباريات الدوري الممتاز الهولندي ل12 موسماً مقابل بليون يورو، كما أنها أصبحت تملك 51 في المئة من القناة التلفزيونية التي تعرض مباريات الدوري الهولندي، لتنضم هولندا إلى قائمة من الدول الأوروبية التي تحتكر قنوات مملوكة لمردوخ حقوق نقل مباريات الدوري الممتاز فيها وتضم: بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا وبلجيكا. وتأتي الصفقة الهولندية، التي جاءت مفاجئة لكثر، بعد أشهر قليلة من تمديد عقد احتكار قناة «سكاي» البريطانية لنقل مباريات الدوري الإنكليزي لثلاثة أعوام مقابل 3,7 بليون يورو، بزيادة 17 مرة على المبلغ الذي دفعته القناة ذاتها في عام 1992 من اجل حقوق النقل التلفزيوني. هذه الزيادة الكبيرة تشير إلى القيمة الاقتصادية المتصاعدة للنقل التلفزيوني لمباريات كرة القدم، بخاصة مع زيادة أعداد المشتركين في خدمة القناة الرياضية المدفوعة الثمن، وأيضا بسبب زيادة قيمة الإعلانات التجارية التي تحصل عليها القناة، إضافة إلى الدعاية الكبيرة لاسم القنوات التي تقف خلف تلك الصفقات. فسمعة «سكاي» في بريطانيا مثلاً، ساعدت في العقد الأخير في انطلاق ونجاح عدد من القنوات التلفزيونية المتعددة الوجهات التي تحمل اسم «سكاي»، لتزيد من العائدات المالية التي حققتها هذه المؤسسة التلفزيونية العملاقة، والتي فاقت في الأعوام الأخيرة تلك التي تجنيها «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي). وتذهب أموال النقل التلفزيوني إلى الفرق المشاركة في الدوري، والتي تجني أموالاً أيضاً من الإعلانات التي توضع في الملاعب التي تحتضن المباريات. هذه الأندية، وفي ظل الأزمة المالية التي تضرب قطاع كرة القدم في أوروبا منذ سنوات، أصبحت لا تستغني عن هذه المداخيل، على رغم ما ألحقته اتفاقات الاحتكار تلك من أضرار في علاقة جمهور واسع مع رياضته المفضلة. ولا يعرف حتى الآن نتائج الاتفاق التلفزيوني الهولندي الأخير على اتفاق آخر عقدته القناة الرسمية الهولندية الثانية منذ أعوام لنقل ملخصات لمباريات الدوري الهولندي يعرض مساء كل أحد، جاذباً الملايين. فمبلغ 20 مليون يورو سنوياً والتي تدفعها القناة من أجل عرض لقطات من تلك المباريات ربما يكون غير كاف لقناة «فوكس»، الأمر الذي ربما يعني حرمان الملايين من مشاهدة أي مشاهد من المباريات، وهي القضية التي أثارت نقاشاً عاماً وأطلقت دعوات للحكومة الهولندية للتدخل وحماية حد أدنى لحقوق مشاهدين غير قادرين على دفع مبالغ إضافية لمشاهدة كرة القدم على الشاشة الصغيرة. حال القنوات الرسمية الهولندية اليوم، يشبه ما مرت به «هيئة الإذاعة البريطانية» التي خسرت حقوق نقل مباريات الدوري الإنكليزي قبل عقدين تقريباً، وشقت كثيراً للمحافظة على حقوق نقل مقتطفات من الدوري عبر برنامج رياضي يعرض مساء كل أحد، أي بعد ساعات من انقضاء زمن المباريات. فالقنوات الرسمية وعلى رغم مواردها وجمهورها الواسع لم يعد بإمكانها المحافظة على حقوق نقل مباريات كرة القدم التي أصبحت محط تنافس أكبر القنوات التجارية في العالم، علماً أن هذا العام بدأ مع أخبار مؤكدة تفيد بأن قنوات «الجزيرة» القطرية تخطط للحصول على حقوق نقل مباريات دوري كرة القدم الفرنسي الممتاز، كخطوة ترافق إطلاق قناة «الجزيرة» الإخبارية بالفرنسية، والذي يشاع أنه ربما يتم نهاية 2012، كما يقال إن «الجزيرة» الرياضية التي حصلت على حقوق بث معظم مسابقات كرة القدم العالمية في الشرق الأوسط تخطط لمنافسة قنوات مردوخ الرياضية على حقوق الدوري الأوروبي التلفزيونية في أوروبا نفسها.