نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    بنك المنشآت يوقّع 19 اتفاقية تجاوزت قيمتها 3 مليارات ريال لدعم منظومة التمويل والتنمية    السعودية تتفوق على فلسطين وتتأهل لنصف نهائي كأس العرب    القبض على 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم (140) كجم "قات"    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    المغرب لنصف نهائي كأس العرب    نائب وزير البيئة يترأس الاجتماع التشاوري لوزراء البيئة العرب ويعقد لقاءات ثنائية    بيلينجهام يثق في قدرة ألونسو وريال مدريد على التعافي رغم الضغوط    بلجيكا: الأصول الروسية المجمدة ستستخدم لتمويل قرض لأوكرانيا    50 اتفاقية .. وتمكين رقمي شامل يفتح آفاقاً جديدة للقطاع غير الربحي البيئي    خوجة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي    كتاب جدة يستهل ندواته الحوارية بالفلسفة للجميع    انطلاق أكبر هاكاثون في العالم "أبشر طويق" بالشراكة بين وزارة الداخلية وأكاديمية طويق    ناصر القصبي يؤكد في الحفل الختامي أهمية تعزيز الحراك المسرحي السعودي    وفاة طفلة رضيعة في غزة بسبب البرد الشديد    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    خفض الفائدة يعيد تشكيل المشهد ويعزز السيولة في السوق السعودي    يوم الجبال الدولي مشاركة واسعة لإبراز جمال تضاريس السعودية    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية سقياهم    توقيع اتفاقية التعاون الإستراتيجي لدعم التعليم في اليمن بقيمة 40 مليون دولار    القيادة تهنئ رئيس بوركينا فاسو بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    رئيس الخلود: صلاح غير مناسب لدوري روشن    تعلموا التاريخ وعلموه    برعاية محافظ صبيا المكلف"برّ العالية" تُدشّن مشروع قوارب الصيد لتمكين الأسر المنتجة    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    فعاليات ترفيهية لذوي الإعاقة بمزرعة غيم    ريما مسمار: المخرجات السعوديات مبدعات    مهرجان البحر الأحمر.. برنامج الأفلام الطويلة    «الثقافة» تختم الفعاليات الثقافية السعودية في البندقية    ممدوح بن طلال.. إرثٌ لا يرحل    رينارد: اعتدنا على المواجهات الثقيلة    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    استضعاف المرأة    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    تطعيم بلا بروتين بيض    في سادس جولات اليورباليج.. مواجهة حاسمة بين سيلتيك غلاسكو وروما    في ختام مجموعات كأس الخليج تحت 23 عاماً.. الأخضر يواجه نظيره القطري للصدارة    احتيال إلكتروني يحرر سجيناً في بريطانيا    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    «مسألة حياة أو موت».. كوميديا رومانسية مختلفة    تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة.. الموارد.. مبادرات تحقق العدالة وتعزز بيئة العمل    «حساب المواطن»: 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر ديسمبر    زواج يوسف    الأرض على موعد مع شهب التوأميات    في ذمة الله    بيروت تؤكد سيادتها واستقلال قرارها الداخلي.. رفض لبناني رسمي لدعوة إيران    ضغوط أمريكية لتنفيذ المرحلة الثانية.. واشنطن تلزم تل أبيب بالتقدم في اتفاق غزة    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    3 % نمو بإنتاج المزارع العضوية    تصعيد جديد في اليمن يهدد استقرار الجنوب    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    جمعية روضة إكرام تعقد دورتها النسائية حول الأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحوة... والمرأة
نشر في الحياة يوم 11 - 08 - 2012

أخبرني أحدهم متأسياً على حالتنا الاجتماعية، أنه تكرر عليه موقف الخروج من بيته في الصباح وهو يشاهد جارته مع أولادها في انتظارهم سيارة الأجرة لأجل أن يستقلونها سعياً إلى مقاصدهم، فيما لا يستطيع أن يعرض عليهم المساعدة، أو يوجه إليهم الدعوة في تقديم الخدمة، لأن ثقافة الواقع تفرض نفسها، وهي سيدة الموقف، حين أفقدت حتى الجيران أن تكون بينهم علاقات حميمية وإنسانية، فقد كان ولا يزال عزل النساء عن الرجال يمنعهم من التعامل حتى في الأماكن العامة.
هذه الثقافة تكونت من ركام الأزمنة واختلاط التقاليد بتوجيهات الخطب الدينية، ولا ننسى تلك التي تقلدتها خطابات التيار الصحوي وعززت هذه المفاهيم، أضف إلى ذلك أن انتقال الناس إلى أسلوب التطور الحضاري في بناء الأحياء وما ترتبت عليه تصاميم منازلهم جراء ذلك أسهم وبشكل كبير في تكريس هذه الذهنية، وهنا يجدر الحديث عن حركة الصحوة التي أحدثت تغييراً في المجتمع، فلا شك أنها وثبت سقفاً استظل الناس تحت مفاهيمه التي أثرت بدورها فيه ثقافياً وفكرياً، وكان ذلك على نطاق واسع من شرائح المجتمع في ما بين العلماء والمشايخ وأوساط العامة أيضاً، وعلى رغم افتقادها للقيادية فإنها أثرت تأثيراً بالغاً في الحال الدينية، وانعكس هذا على الناس لأنها جاءتهم بالتوجيه الديني، أي من الطريق الأسهل إلى عواطفهم، وتمثلت في جهد يمارسه الأفراد على مستواهم، إذ اتخذ كل فرد منبره وأخذ يمارس سلوكه الدعوي الذي عرف بحدته وارتفاع نبرته.
كانت أهم وأول مشاريع الصحوة قضايا المرأة، إذ استطاع بقوة حضوره على إخضاع العقل الاجتماعي تحت فكرة المؤامرة العلمانية، وتغريب المرأة وتحريض الرجال بالسطو والوصاية على نسائهم، فإن هذا السلوك الدعوي كان ولا يزال يحملهم تلك المسؤولية، وينعكس على النساء بفرضها بما يقتضيه الخطاب الديني المتشدد، فهم يصورون لهم فعلاً أن المرأة في مأزق حياة التمدن الآتية من سوء الزمن وتطوراته - على حد تعبيراتهم - وأن ذلك يعطي دلالة على الفسوق والتأثر بالغرب، فعلى الرجل أن يكون حامياً لها من عواطفها ومحاولات الاعتداء عليها، حين لا يزال كثير من أئمة المساجد اليوم يحمل هذه النظرية، فيقومون بتوجيه النصائح للنساء في خطب الجمعة والمحاضرات الدعوية عن طريق التوجيه المباشر للرجال وتسجيل الكاسيت ونشره، وأخيراً باتخاذ مقاعدهم ومخالطة الإعلام الجديد، غير أنهم يبالغون في التحذير من كل شيء يمكن أن تفعله المرأة.
وبعد أن كان العزل بين الجنسين منظماً فإن إشكالية الاختلاط لا تستقر على شكل محدد حتى الآن، فهي رهن الجدل والصراع بين الحداثيين والمحافظين وحتى بعض الدعاة الذين يحرمون الاختلاط داخل البلد يقيمون محاضراتهم بشكل مباشر مع النساء في أماكن مختلطة بالخارج، زد على ذلك أنها حاربت حق المرأة المدني على جانب وحملت ازدواجية لم يرفضها الناس في جانب آخر، وعلى سبيل المثال قيامها بالتشجيع على تعلم المرأة للطب، ثم تحريمها الاختلاط في المستشفيات، وجعلت للمرأة العاملة في هذا المجال نظرة دونية في المجتمع لا تزال قائمة نسبياً حتى اليوم، فهم يظنون أن حرية المرأة توقع في الجريمة!
يذكر أن حركة الصحوة لم تأتِ بمفاهيم جديدة لنا، ولا يمكن أن نرمي كل أمراض المجتمع عليها، ولكنها جنت مكاسبها من التاريخ والعادات الاجتماعية التي لم تكن سائدة وكرستها لأجل تنظيم المجتمع عليها، فنحن نتجزأ إلى فئات، وكل فئة تحمل ثقافتها وعاداتها الخاصة في اللباس وأسلوب الحياة، وبالتالي دعمت العادات المتشددة وعممتها وقدمتها في خطابٍ ديني سهلت جداً هيمنته على أفكار الناس وقامت بتكييفهم عليها حتى بدل الكثير مفاهيمه وظن أنها أخرجته من الظلمات إلى النور.
لا شك أن هذا العزل بين المرأة والرجل أعطى تأثيراً سلبياً في نفسية الفرد ومستوى وعيه في المجتمع، وأسهم هذا في نقص الخبرات الحياتية وتزايد أمراض المجتمع مثل («الطلاق، الخيانات الزوجية، الابتزاز...»، وأصبح تكوين العلاقات بين النساء والرجال لا يمكن أن يكون صحيحاً إلا من خلال العرف، أو العادة الاجتماعية، أو الإشراف الأسري الذي ينتهي بالزواج، وأصبح الفرد جائعاً متعطشاً وبشكل دائم نحو التطلع للعالم الآخر المعزول عنه، ويمكن ملاحظة الانحرافات الكثيرة التي حصلت مما تتيحه حرية الاتصال الإلكتروني، وقد يذهب البعض إلى أن المنع يجدي في تلافي هذه المشكلات، ولكن في الحقيقة أن المنع يزيد من أزمتها.بناءً على هذا استطاعت هذه الحركة أن تشوه الوعي العام عند الناس في ظل ضعف خطاب المثقف والتربوي في تلك الفترة إزاء الشيخ الذي حسم المسألة بصك الفتوى في الثمانينات، ويمكن أن نلاحظ كيف اصطدم الكثير من الفقهاء بالواقع بين رفضه وقبوله، فيما تحول بعض الإسلاميين عن مواقفهم عند تناولهم لهذه القضية، حتى أن كثيراً من الأطروحات اليوم تدعو للانفتاح الاجتماعي وعدم التقنين، وتشترط حشمة النساء، لكن هذا الخطاب التحديثي لا يزال يجابه ما صنعه الخطاب الصحوي طيلة هذه الفترة، وبما أن العمل بما يخالف هذا التطبيق يجب أن يأتي ويتم تحديده وفقاً لوعي المجتمع، فنحن بحاجة إلى صناعة الوعي في معزل عن الصراع الفكري حول كل فكرة تُفسر بأنها ضد فرائض الدين والتنافر القائم بين الآراء، فإن إنجاز أي تطبيق آخر معتدل لهذه المسألة يعتبر بالفعل تحدياً حقيقياً.
* كاتبة سعودية.
[email protected]
alshehri_maha@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.