لم تتوقع الطفلة البدوية الفلسطينية صالحة حمدين أن يقودها خيالها البريء للفوز بجائزة هانز كريستيان الدولية للقصة الخيالية، من بين 1200 عمل من أنحاء العالم. وفازت صالحة التي تسكن في تجمع بدوي لعرب الجهالين في بلدة أبو ديس المحاذية لمدينة القدس، بجائزة هانز كريستيان عن قصتها الخيالية «حنتوش». وتذهب الطفلة صالحة (14 سنة) في قصتها الخيالية الفائزة، على ظهر صديقها الخروف «حنتوش» ليأخذها إلى إسبانيا، ويبعدها عن أجواء عملية هدم يقوم بها الجيش الإسرائيلي لأحد منازل منطقتها. وفي إسبانيا تتعرّف صالحة على لاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي، ويعود معها على ظهر الخروف إلى عرب الجهالين، حيث يساعد ميسي أطفال المنطقة البدوية على تجهيز ملعب لكرة القدم. يعرض ميسي على صالحة، بحسب قصتها، وظيفة مهمة في نادي برشلونة، لكنها ترفض ذلك لأنها منشغلة في رعاية الأغنام حيث تسكن، إذ إن والدها غائب عن المنزل منذ سبع سنوات. ويمضي والد الطفلة سليمان حمدين ( 44 سنة) حكماً بالسجن في السجون الإسرائيلية لمدة 25 سنة، بتهمة أمنية، أمضى منها لغاية الآن سبع سنوات. فرحة الوالد وتتلهف الطفلة لزيارة والدها لتخبره بفوزها بالجائزة التي كانت تحملها في يدها. تقول صالحة إنها استلهمت قصتها من الواقع الذي تعيشه، وإنها كانت دائماً تفكر وتحلم بأن تعيش حياة أفضل في هذا المكان، وأن فكرة هدم منازل الصفيح جاءتها من كثرة ما يتحدث به أهالي المنطقة التي يعيشون فيها. وترفض صالحة أي عرض لها للخروج من المكان الذي تسكن فيه «حتى أحقق ما أتخيله، وأن يتم تثبيت المكان الذي نعيش فيه ويجد الأطفال مكاناً يلعبون فيه». وحول معرفة الطفلة صالحة أصلاً باللاعب ميسي، قالت إنها عرفت عنه من خلال التلفزيون، ومن خلال قراءتها لبعض الصحف حينما كانت تذهب لزيارة خال لها في منطقة نابلس. وتظهر بعض لواقط الأقمار الاصطناعية فوق ألواح الصفيح والكرفانات التي تتشكل منها منازل البدو في تلك المنطقة. وتفتقر المنطقة التي تعيش فيها صالحة من بين حوالى 300 شخص آخر، إلى أدنى مستويات العيش، فلا كهرباء، ولا ماء، ولا منازل صالحة للسكن. وللوصول إلى هذا المكان، تقطع السيارة نحو 20 دقيقة في طريق ترابي ضيق، تتناثر على جنباته الأوساخ، في منطقة صحراوية منخفضة عن الطريق الرئيس، وتنعدم فيها الرياح الرطبة في الأجواء الحارة. ويظهر على جانب الطريق ملعب ترابي صغير، غير ملائم للعبة كرة القدم. لكن مختار المنطقة محمد حماد، وهو عم الطفلة صالحة، قال إن الغاية من هذا الملعب واللعب فيه «فقط الإشارة للناس والمارة بأن هناك بشراً يعيشون في هذه المنطقة». وينتشر على أطراف الطريق الترابي أطفال تراوح أعمارهم ما بين عشرة وأربعة عشر عاماً، لفحت وجوههم أشعة الشمس الحارقة. وتبدو عائلة الطفلة صالحة سعيدة بما حققته ابنتها رغم هذه الظروف الصعبة التي تعيش فيها. ويقول المختار حماد: «في البداية لم نكن نعلم أهمية فوز ابنتنا بهذه الجائزة، لكن حين علمنا أنها تفوقت على 1200 طفل من أنحاء العالم على رغم الحالة المزرية التي نعيش فيها، لم يكن بوسعنا إلا الافتخار بها». وإضافة إلى حالة الافتقار إلى كل شيء في تلك المنطقة البدوية، يعيش السكان ملاحقات من السلطات الإسرائيلية حين يضيفون أي صفيح جديد، فيباشر الجيش الإسرائيلي هدمه على الفور. ومضارب البدو في هذه المنطقة عمرها اكثر من خمسين عاماً، وتسلم الأهالي في الآونة الأخيرة 90 بلاغاً من الجانب الإسرائيلي لإزالة ألواح من الصفيح أضيفت حديثاً. ويوضح حماد، الذي اعتقل سابقاً لمدة سنتين في سجن إسرائيلي: «نعيش حالة من الكر والفر، تجعلنا نناضل في هذه المنطقة من اجل أن نكون أو لا نكون».