أكدت مصادر معنية بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري أمس تجاوز مطلب المعارضة الثلث+1 في الحكومة من طريق موافقة «حزب الله» وحركة «أمل» على ان تحصل المعارضة على 10 وزراء، وعلى ان يسمي رئيس الجمهورية ميشال سليمان الوزير الحادي عشر ،والذي هو الوزير الشيعي السادس بحيث يكون حيادياً ومن حصته في التركيبة الحكومية. وأوضحت المصادر ان الوزير الشيعي السادس الذي سماه سليمان ولم يعترض عليه «حزب الله» وحركة «أمل» هو الدكتور عدنان السيد حسين الأستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية والكاتب السياسي، وهو في الوقت نفسه عضو في فريق العمل الذي شكله سليمان في نطاق مؤتمر الحوار الوطني لدراسة الاستراتيجية الدفاعية، ويضم عدداً من الخبراء. وزادت المصادر المواكبة لاتصالات التأليف، ان حسم مسألة الثلث المعطل على هذا الشكل، من دون اعتماد صيغة «الوزير الملك» أو الوزير «الوديعة»، والتي أخذت نيفاً و4 أسابيع من المداولات والاتصالات، يسمح بالانتقال الى المرحلة الثانية من تأليف الحكومة والتي تتعلق بالأسماء والحقائب خلال الأيام المقبلة. وأوضحت مصادر حيادية ان هذا الحل لاختيار الوزير الشيعي السادس يسمح للمعارضة بالقول انها حصلت على الثلث المعطل بطريقة مواربة باعتبار ان الدكتور حسين حظي بموافقة «حزب الله» وحركة «امل» على رغم ان سليمان سماه، ويسمح للأكثرية بالقول انها نجحت في رفض إعطاء المعارضة الثلث+1 بعد فوزها في الانتخابات النيابية وحققت ما كانت تدعو إليه في ظل الخلاف الذي كان قائماً في البلاد، بإعطاء كفة الترجيح لرئيس الجمهورية سواء في إكمال أكثرية الثلثين أو عدم التصويت على ما يحتاج الى هذه الأكثرية (الثلث المعطل) إذا تطلب الأمر ذلك. كما ان هذا الحل يسمح لرئيس الجمهورية بأن يلعب دوراً حاسماً في الحكومة المقبلة، خصوصاً ان حسين «سيكون وفياً» له في ممارسة عمله الحكومي، بعد ان رفض صيغاً سابقة حين قُدّمت له اقتراحات بأسماء رفضها، وكذلك الرئيس المكلف الذي وافقه على موقفه بأن يسمي هو الوزير الشيعي السادس وتبدي المعارضة رأيها فيه. وأعربت المصادر نفسها عن تفاؤلها في ضوء النجاح في تحقيق هذا الاختراق ليل أول من امس، ما يسمح بالقول إن عملية التأليف قطعت 60 في المئة من خطواتها، وإن الجزء الباقي منها يتطلب المزيد من الجوجلة والتمحيص خلال الأيام المقبلة. وهذه الجوجلة بدأت ليل أمس بلقاء بين الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري، وتستمر اليوم باجتماع سليمان وبري في لقائهما الأسبوعي، فضلاً عن جولة تشاور جديدة بين الرئيس المكلف وبين بري، ومع «حزب الله» قبل أن يعرض الحريري مع الرئيس سليمان نتائج اتصالاتهما في اجتماع يُعقد قبل نهاية الأسبوع ويتداولا في صيغة أولية يحتمل أن يعرضها الحريري بالأسماء والحقائب، فإذا لم تلق صعوبات كبيرة من أي من الفرقاء يتم إعلانها، أو يترك الأمر الى الأسبوع المقبل. هذا فضلاً عن اتصالات ستُجرى بين «حزب الله» وحلفائه في المعارضة ولا سيما زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون. وأبلغت المصادر «الحياة» ان عدداً من النقاط يحتاج الى حسم في مرحلة تحديد الأسماء والحقائب. وفي وقت ذكرت مصادر متعددة ان تجاوز عقبة الثلث المعطل ينقل البحث الى صيغة 15 للأكثرية، 10 للمعارضة و5 لرئيس الجمهورية، فإن مصادر في الأكثرية قالت ل «الحياة» ان الصيغة الأساس التي كان اقترحها الحريري في بداية مشاوراته هي 16-10-4، ما زالت منطلق البحث لأنها تستند الى حصول قوى 14 آذار على أكثرية النصف+1 باعتبارها فازت في الانتخابات النيابية، تكريساً لمبادئ النظام البرلماني الديموقراطي في لبنان. ورأت مصادر مواكبة للاتصالات ان هذا التوزيع يحتاج الى الحسم في مشاورات الأيام المقبلة بين اعتماد 16 وزيراً للأكثرية أو 15 وزيراً فإذا وقع الخيار على الرقم الأول جاء الوزراء الأربعة المحسوبون على الرئيس سليمان كالآتي: ماروني يرجح انه زياد بارود، ارثوذكسي هو الياس المر، وشيعي هو حسين وسني لم يتم حسم اسمه بعد. أما إذا حصل سلميان على 5 وزراء فإنه ليس محسوماً ان الوزير الخامس الذي سيسميه سيكون كاثوليكياً، بل من المحتمل جداً ان يكون درزياً. وقالت المصادر إن جهود استكمال عملية التأليف تتطلب ايضاً إقناع عون بالتخلي عن مطلبه الحصول على 6 وزراء وهو الأمر الذي كان «حزب الله» لمح الى إمكان لعبه دوراً فيه، خصوصاً ان الحزب أخذ قراراً بعدم التخلي عن حصته لحلفائه في المعارضة (وزيران)، في ظل قناعة عند بعض «الطباخين» للحكومة بأن عون يطرح 6 وزراء ليقبل بخمسة على ان يوافق الحريري على مطلبه توزير جبران باسيل على رغم انه اتفق مع سليمان على عدم توزير الراسبين في الانتخابات. ومن الصعوبات التي تواجه المرحلة الجديدة من التأليف توزيع الحقائب إذ يسعى عون الى الحصول على وزارة الداخلية التي كان اتفق على أن تكون مع وزارة الدفاع (المر) في عهدة الوزراء المحسوبين على سليمان. ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يحصل تنافس بين عون وحزب «القوات اللبنانية» على حقيبة وزارة الأشغال العامة في حال تخلى عنها رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط (يمثله الوزير غازي العريضي) لمصلحة وزارة الاتصالات. وعلم ان عون الذي قالت مصادر مقربة من تكتله انه لم يتبلغ بالاتفاقات الحاصلة حول المخرج من الثلث+1 وأبدى انزعاجه من ذلك، يصر على ان يسمي وزراءه من المسيحيين في تكتله، ما يؤدي الى استبعاد توزير النائب طلال أرسلان عن أحد المقاعد الدرزية الثلاثة، خصوصاً أن جنبلاط أكد للحريري انه مع توزير أرسلان، لكن من حصة المعارضة لأنه لن يتخلى عن حصة 3 وزراء إما ان يكونوا دروزاً، أو درزيين ومسيحياً إذا جرى توزير أرسلان... كما ان النائب سليمان فرنجية العضو في تكتل عون، لن يشارك شخصياً في الحكومة بل سيتمثل بأحد قياديي تيار «المردة»، وذلك من حصة التكتل النيابي الذي يترأسه عون. لكن أرسلان أبدى امتعاضه لغير قيادي في المعارضة من اتجاه عون الى عدم تسميته من حصة تكتله. وكان حسم مسألة الثلث المعطل بتسليم المعارضة باختيار الرئيس سليمان للوزير الشيعي السادس حصل ليل أول امس خلال لقاء بين المعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين الخليل والنائب عن حركة «امل» علي حسن خليل مع رئيس الجمهورية، أعقبه لقاء بين حسين الخليل والحريري، الذي عاد فالتقى مع جنبلاط. وفيما قالت مصادر ان سليمان طرح اسمين للمقعد الشيعي السادس وأن «حزب الله» وافق على حسين من بينهما، علم من مصادر وثيقة الصلة بالاتصالات التي جرت انه سليمان طرح اسم حسين فقط فلم يعترض عليه الحزب. وكان عدد من الفرقاء المعنيين بالتأليف، بدءاً ب «حزب الله»، مروراً بالرئيس بري وانتهاء بالحريري اقترحوا على الرئيس سليمان مجموعة من الأسماء التي يرون فيها صفة الحيادية أو الأكاديمية، لكن سليمان أحجم عن الموافقة على المبدأ وأصر على ان يسمي هو بدلاً من ان يسمي الآخرون ويتولى هو الاختيار.