أكد مواطنون عراقيون أنهم لا يثقون بتصريحات المسؤولين في الحكومة حول إصلاح قطاع الكهرباء. ويذكر هؤلاء أن رئيس الوزراء، نوري المالكي، وعد بتحسين واقع الكهرباء بحلول منتصف العام الحالي، لكن ما تحقق هو العكس. وإزاء ذلك تسعى وزارة الكهرباء إلى تبرير إنفاق 28 بليون دولار خلال السنوات الثماني الماضية وتنفي صرفها في صفقات فاسدة. في المقابل، يعتبر السياسيون أن ملف الكهرباء في العراق ليس خدماتياً بقدر ما هو سياسي تتدخل فيه حتى دول إقليمية وخارجية، وهذا ما اعترفت به الحكومة. مهندس الكهرباء رشاد احمد أشار في تصريح ل «الحياة» الى ان الوزارة تميل إلى الحلول الموقتة وتسعى الى تركيب منظومات متوسطة في المحافظات بهدف توزيع الأحمال على المنظومة الرئيسة، ورفع الإنتاج تدريجاً، مشككاً في إمكان نجاح هذه الخطة. ولفت إلى أن معدل الإنتاج انخفض من تسعة آلاف ميغاواط عام 2005 الى اقل من ستة آلاف حالياً، بسبب حاجة منظومة الطاقة إلى تحديث. أما وزير الكهرباء رعد شلال، فيحاول قبل موسم الصيف من كل سنة طمأنة الشارع، وأكد في تصريح أخيراً أن أزمة الكهرباء ستنتهي في العراق منتصف عام 2015 مع انتهاء الخطة الطويلة الأمد التي تنفذها الوزارة. وقال: «تقنين الكهرباء سينخفض إلى ثماني ساعات بعد 15 شهراً مع انتهاء الخطة القصيرة الأمد التي تنفذها الوزارة». وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد في منتصف شباط الماضي ان أزمة الكهرباء ستنتهي في وقت لا يزيد على 15 شهراً، إلا ان الناطق باسم الحكومة علي الدباغ أشار إلى أن رئيس الوزراء كان يتحدث عن خطة وزارة الكهرباء القصيرة الأمد والتي تهدف الى زيادة ساعات التغذية وليس انهاء الأزمة. وتتضمن الخطة القصيرة التي تنفذ بحلول منتصف العام المقبل تركيب 50 محطة في مختلف المحافظات ينتج كل منها مئة ميغاواط. 80 بليون دولار على المولدات الخاصة عضو لجنة النفط والطاقة النيابية سوزان السعد قالت «إن المبالغ التي صرفت على قطاع الكهرباء في العراق تعادل عشرة أضعاف موازنة بعض دول الجوار». وأضافت «ان الحكومة صرفت على مشاريع الطاقة الكهربائية ما يقارب 27 بليون دولار، فيما أنفق المواطنون ما يقارب 80 بليوناً على مدى السنوات الثماني الماضية نتيجة شرائهم الطاقة التي ينتجها القطاع الخاص عبر المولدات الخاصة». أما عضو اللجنة الاقتصادية، نورة البجاري، فأكدت ل «الحياة» أن ملف الكهرباء شوّه صورة الحكومة ومجلس النواب. ولفتت إلى أن مشكلة الكهرباء لا تكمن في الوضع الأمني في السنوات السابقة التي حدت من إتمام مشاريع، ولا علاقة لها بالأموال وغيرها، وقالت: «مشكلتنا تكمن في أمرين، الفساد ووجود جهات محلية ودولية تتلاعب بهذا الملف». وأعلنت قيادات «حزب الدعوة» أنها كشفت حلقات تعمل في وزارة الكهرباء تعمدت عرقلة مشاريع تحسين إنتاج الطاقة وتأخذ أوامرها من دول إقليمية وأجنبية. وتوقع النائب فرات الشرع فشل الحكومة في حل مشكلة الكهرباء، ورأى ان كل المؤشرات تؤكد أن هذا سيتحقق لكن بعد أربع سنوات. وأشار الى أن حاجة البلاد من الطاقة تصل إلى 17 ألف ميغاواط في حين لا يتجاوز الإنتاج ستة آلاف فقط. واعتبرت عضو لجنة الطاقة النيابية فاطمة زباري أن ملف الكهرباء في العراق سياسي أكثر مما هو فني أو خدماتي. وقالت: «للأسف اكتشفنا ان بعض الحلقات تعمل من داخل وزارة الكهرباء على عرقلة مشاريع الطاقة من بناء محطات توليد وصيانة القائم منها، وكانت تتلقى أوامر من دول إقليمية وأجنبية». وأوضحت أن هذه الدول اكتشفت أن ملف الكهرباء من أكثر الملفات حساسية لدى الشارع العراقي وحاولت العزف على هذا الوتر وأنفقت أموالاً لتخريب خطوط النقل والإبقاء على المشكلة قائمة وإثارتها في الوقت الذي تريده لخلق أزمة بين الشارع والحكومة». ولفت الناطق باسم وزارة الكهرباء، مصعب المدرس الى أن مشكلة قطاع الكهرباء ليست وليدة الساعة بل متراكمة ومعقّدة. وأوضح أن منظومة الكهرباء الوحيدة التي يعتمد عليها العراق تعرضت للتدمير بعد حرب الخليج الثانية. وأكد أن وزارة الكهرباء تعمل منذ سنوات على بناء محطات توليد جديدة وتمكنت فعلاً من الانتهاء من بعضها بينما هناك محطات قيد الإنجاز وأخرى في طور التخطيط، وإذ اكتملت السلسلة فسيكون لدينا فائض عن الحاجة». وأوضح أن الطلب تزايد تدريجاً ويصل حالياً إلى 15 ألف ميغاواط في حين يبلغ الإنتاج 7200 ميغاواط. الربط الثماني وأوضح أن العراق يستفيد من الربط الثماني العربي لتقاسم 450 ميغاواط تورد من مصر من طريق الكابل البحري. وأضاف أن «حجم الإنتاج الحالي يبلغ 5500 ميغاواط ونستورد من إيران وتركيا والسفن البحرية 1200 ميغاواط، في حين تبلغ الحاجة الكلية اقل من 12 ألفاً وترتفع في موسم الصيف لتتجاوز ال14 ألف ميغاواط». مشيراً إلى أن عدد المحطات العاملة حالياً تبلغ 28 محطة حرارية، بينما ستضيف المحطات قيد الإنجاز أكثر من 12 ألف ميغاواط. وأوضح وزير الكهرباء كريم الجميلي ان ملاكات الوزارة تبذل جهوداً للوصول إلى طاقة إنتاج تبلغ تسعة آلاف ميغاواط بحلول نهاية الشهر الجاري، ورأى أن تلكؤ بعض الشركات في عملها كان سبباً في تأخر إنجاز بعض المشاريع المنتظر إنجازها في غضون الأشهر المقبلة من العام الحالي. وأعلن أن نصف الموازنات التي خصصت لوزارة الكهرباء منذ العام 2003 والبالغة 37 بليون دولار موزعة على موازنتين، تشغيلية واستثمارية. وأشار إلى أن الموازنة التشغيلية وقيمتها 16 بليون دولار صرفت كرواتب وأجور ومن ضمنها مبالغ صرفت لوزارة النفط تصل الى بليون دولار سنوياً، كما تتضمن الموازنة التشغيلية شراء الطاقة الكهربائية من ايران وتركيا ومبالغ اخرى خصصت لأغراض الصيانات. وأضاف: «في ما يخص الموازنة الاستثمارية وقيمتها 21 بليون دولار منها سبعة بلايين محجوزة حالياً لدى صندوق تنمية العراق في واشنطن، وهي عبارة عن ضمانات مصرفية لشركات، سبق لها ان أبرمت عقوداً مع وزارتنا».